العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ

«فاروق ملك مصر... حياة لاهية وموت مأساوي»

الكاتب الأميركي وليام ستادين يصدر كتابه

بعد عرض المسلسل التلفزيوني المثير للجدل بشأن شخصية الملك فاروق، الذي كتبته طبيبة مصرية، وأنتجه سعوديون، وأخرجه سوري يأتي هذا الكتاب لمؤلف أميركي ليرسم صورة أخرى عما يعتبره فسادا في شخصية الملك، وإسرافا في ملذاته وانشغاله عن الشعب.

ويقول وليام ستادين في كتابه (فاروق ملك مصر... حياة لاهية وموت مأساوي) إن أحوال البلاد لم تكن مستقرة ففي العام الذي سبق الإطاحة به قام فاروق بتغيير الحكومة بضع مرات، وإنه كان منغمسا «في الحفلات والسهر وفي بذخه وإسرافه على ملذاته وأهوائه» إذ زادت ثروته ما يعتبره استغلالا للنفوذ على 140 مليون دولار أميركي إضافة إلى ألوف الأفدنة. ويأتي الكتاب بعد أن عرض طوال شهر رمضان الماضي مسلسل (الملك فاروق) لمؤلفته لميس جابر ومخرجه حاتم علي وإنتاج قناة فضائية مملوكة لأمير سعودي. ورأى البعض في المسلسل إنصافا للملك الذي اتسم عصره كما يقولون بسيادة قيم الليبرالية، في حين اعترض آخرون ساخرين على مفهوم الليبرالية الذي لا يتحقق في ظل تهميش مجتمع عانى في عصر فاروق الجهل والظلم والحفاء كما اتهموا فاروق بالاستبداد والفساد الذي أدى إلى أن تكون الثورة عليه نتيجة طبيعية. ورأى فريق ثالث في المسلسل تزويرا للتاريخ قائلين إن الحماس له ليس إلا إدانة للواقع الحالي الذي يصفونه بأنه أكثر فسادا من أيام الملكية تحت الاحتلال البريطاني لمصر (1882-1954).

وشهدت الفترة الأخيرة من عصر فاروق قلاقل سياسية منها حريق القاهرة يوم 26 يناير/ كانون الثاني 1952 وتعاقبت الوزارات إلى أن قام شبان غاضبون ينتمون لتنظيم (الضباط الاحرار) بزعامة جمال عبد الناصر بانقلاب ليلة 23 يوليو/ تموز 1952 تحول مع التفاف الشعب إلى ثورة وتم إجبار الملك على مغادرة البلاد يوم 26 يوليو ليظل في المنفى حتى وفاته.

ويقع الكتاب الذي ترجمه الكاتب المصري أحمد هريدي في 383 صفحة كبيرة القطع وصدر بالقاهرة في سلسلة (كتاب الجمهورية) وبه ملحق يضم عشرات الصور لفاروق صبيا وشابا وملكا تتصدر صور أغلفة بعض أعداد مجلة «تايم» الأميركية وصور لأولاده وزوجتيه فريدة وناريمان، وصور له في منفاه بإيطاليا مع «إحدى صديقاته» في مطعم أو «وسط صديقاته» بأردية البحر.

كما يضم الكتاب ملحقا بمقالات ودراسات لمؤرخين ونقاد تناولوا عصر فاروق بالمقارنة بين ما قالوا إنه الحقيقة التاريخية والمسلسل التلفزيوني.

ويقول هريدي مترجم الكتاب في المقدمة، إن سيرة فاروق مثلت للمؤلف ستادين تحديا لأن الملك لم يكتب يوميات طوال حياته ونادرا ما كان يكتب خطابا «لم يكن قد كتب أي خطاب في حياته على الاطلاق وصديقه الوحيد (ايطالي أنطونيو بولي) لم يكن غير كهربائي القصر قليل الثقافة والمعرفة»

كما كان القريبون منه هم حرسه الالبان وجميعهم رحلوا ولم يتركوا مذكرات.

ويضيف أن المؤلف الذي يهتم بالعمل الوثائقي في الكتب والبرامج التسجيلية توصل إلى «ملامح صورة أقرب إلى الحقيقة لفاروق الانسان الملك» اعتمادا على التقارير الدبلوماسية البريطانية والأميركية التي تناولت بعض شئون فاروق، كما ظل على «سفر متصل» للحصول على معلومات من مصادر شفاهية أبطالها ممن عرفوا الملك وبعضهم أرستقراطيون مصريون «وعشيقات فاروق» إضافة إلى أثرياء أصبحوا فقراء وفقراء أصبحوا أثرياء. ويسجل المؤلف أن فاروق في «يوم السبت الأسود» الذي وقع فيه حريق القاهرة 26 يناير 1952 تقدم 600 مدعو إلى مائدة عامرة احتفالا بمولد ابنه أحمد فؤاد. وشبه قصر عابدين المكون من 550 حجرة مزينة بالحلي والجواهر واللوحات الفنية بقصر بكنجهام مع اختلاف يتمثل في وجود قصر عابدين وهو أحد القصور الملكية في القاهرة وسط بيوت فقيرة خرج منها «الالاف من الطلبة الراديكاليين والقوميين والشيوعيين والاصوليين الدينيين وكلهم تصميم على استئصال الإمبريالية... في نهاية السبت الأسود كانت الحرائق قد أتت على معظم المؤسسات الأجنبية التي أعطت للقاهرة سحرها وصورتها الدولية».

وأضاف أنه قبل أيام من قيام الثورة توجه فاروق إلى مدينة الاسكندرية الساحلية ومعه 200 من أفراد الحاشية منهم مصففو شعر وخدم وأطباء وسائقون وحائكو ملابس حيث اعتاد أن يدير شئون البلاد خلال الصيف من قصري (رأس التين) و(المنتزه) المطلين على البحر المتوسط.

ويتابع أن الملك الذي وصفت الصحف العالمية آنذاك عرسه على زوجته الجديدة ناريمان «بأنه أكثر حفلات العرس في التاريخ بذخا ظل كما هو»السادر في حياة الرفاهية ورغد العيش في قصر المنتزه قصر الاحتفالات» وكان عليه أن ينزع الفتيل حيث كانت البلاد على وشك الانفجار لكنه انشغل بزوجته وابنه.

ويقول إن فاروق «بحجمه الصخم الغارق في متع الحياة» كان عنوانا لعصر الاستهلاك حيث كان يمتلك 200 سيارة في ظل معاناة الفلاحين المصريين «الجياع» بسبب التفاوت الطبقي والحرمان من المشاركة في ثروات البلاد.

مضيفا أنه في سبيل إنقاص وزنه اتبع نظاما غذائيا يزوده ببروتين خال من الدهون حيث كان يستورد بالطائرة كميات من المحار البحري من الدنمارك.

العدد 1903 - الأربعاء 21 نوفمبر 2007م الموافق 11 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً