نُشر قبل أسبوعين إعلان اتفاق كتلتي الأصالة والوفاق. وعلى رغم الهروب الكبير والتبرؤ من الاتفاق بطريقة أو أخرى سواء بتخصيص العام - كما يقول أهل اللغة - أو اعتبار الطرفين وكأنهما في نزهة بحديقة غنّاء لتطييب الخواطر!
حاول الأخ العزيز «أبوالمنذر» عيسى المطوع عضو جمعية الأصالة الإسلامية بمجلس الوالد الأستاذ محمد عبدالغفار العلوي «بويوسف» توضيح أن الاتفاق كان من أجل لجنة التحقيق المشكّلة ضد الوزير (النظيف) حسن فخرو فقط. والمقصود معروف من هذا التبرير (الذي أعتبره شخصيا تبريرا يستبطن الطأفنة)، أي أننا وقفنا معهم (مع الشيعة) من أجل مصلحتنا السياسية فقط، أي ضد الوزير النظيف فخرو... ونحن لسنا معهم على طوال الخط! لماذا يجتهد إلى هذه الدرجة الأخ عيسى المطوع في تبريره بأن الاتفاق كان من أجل لجنة التحقيق فقط؟!
في حين أن النائب خليل مرزوق بمجلس شويطر بالمحرق، وبتعليقه على تنصّل «الأصالة» من الاتفاق قال: لقد واجهت «الأصالة» رفضا من شارعها (المقصود طبعا الشارع السنيّ)، وأضاف أن الشارع الشيعيّ قبل بالاتفاق نوعا ما. وأجد نفسي متفقا مع ما قاله النائب خليل مرزوق حول الشارع السنيّ؛ ولكني لا أتفق معه بشأن الشارع الشيعيّ! فحزء من الشارع الشيعيّ لم يقبل بالاتفاق!
الزواج السياسيّ بين الأصالة والوفاق كان مجرد نزوة سياسية نزقة لا تعبّر إلا عن لحظة من لحظات الانتهازية السياسية ضد الوزير النظيف فخرو. لذلك تم بعد زواج النزوة «خُلع سياسيّ» بالغ الخطورة؛ وصل حد وصف المسألة بـ «صفيّن أخرى»؟! من الذي «سخّن الطاسة» لكي يصل الناس لهذا الحد من التباعد والتنافر واستحضار صفّين والجمل والنهروان وبقية المعارك... بدلا من الالتفاف على المصلحة الوطنية لجميع المواطنين؟
السؤال الذي يجب أن يوجّه للأصالة والوفاق وكلّ جمعية قائمة على أساس طائفي: لماذا لم يقبل الشارع البحريني (السنيّ والشيعيّ) اتفاق الأصالة والوفاق؟ وخاصة أنه - بحسب مبررات الأصالة والوفاق - يبتغي المصلحة العامة والحفاظ على المال العام؟! وبسؤال أكثر تحديدا: من الذي جعل الشارع البحريني يصل إلى هذه الدرجة من الغليان الطائفي؟! أليست الوفاق والأصالة من الجمعيات السياسية الطائفية المقصورة على طائفة واحدة؟! أي التي تدعو لنصرة طائفة ضد أخرى، والدفاع عن مصالح الطائفة؟! أليست (...) هي من كانت خلف كثير من المناكفات السياسية الطائفية المدفوعة الأجر؟! من الذي حرّض الجمهور على الطائفية إبان الانتخابات النيابية والبلدية؟ من الذي حرّم التعامل والبيع والشراء من الآخر المختلف مذهبيا؟! من الذي هتف بأعلى صوته: الجهاد، الجهاد، الجهاد؟ من الذي أرسل المسجات الطائفية طعنا وتجريحا في الشخصيات الوطنية؟ من الذي أفتى ببطلان عقد زواج السنيّ من شيعيّة والشيعيّ من سنيّة؟ من الذي رفض الميثاق والسير ناحية الديمقراطية؟ من الذي حرّض الناس ضد جمعية الإصلاح إبان استقبالها الشيخ عبدالأمير الجمري؟! من الذي أصرّ على تأسيس أول وأكبر جمعية طائفية؟ أليسوا هم الذين أرسوا قواعد الفتنة في نفوس البشر، والشباب تحديدا، هم ذاتهم اليوم يقولون إن الشارع لم يقبل الاتفاق؟!
من الطبيعي جدا ألا يقبل الشارع المطأفن لدى الطرفين مثل هذا الاتفاق؛ فالنفوس مشحونة على الآخر أكثر مما هي مشحونة على الكيان الصهيوني؟! إذا، لماذا تأتي الوفاق أو الأصالة لتقول لنا: إن الشارع لم يقبل الاتفاق؟! فالمُدخلات أسباب والمُخرجات نتائج، وبالتالي خرج الاتفاق، ولم يجد له فضاء وطنيا يتنفس فيه أكسجين الحياة؛ فمات بالمخالعة بين الطرفين!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1902 - الثلثاء 20 نوفمبر 2007م الموافق 10 ذي القعدة 1428هـ