العدد 1902 - الثلثاء 20 نوفمبر 2007م الموافق 10 ذي القعدة 1428هـ

الحكومة وخيار الثقة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

أن يعطي الناس لـ «الدولة» شخصيتها الإعتبارية، وصلاحياتها المفتوحة، وحقوقها المهيمنة على الحقوق الفردية في كثير من الأحايين، هو ما يعني أيضا، إعطاءها المساحة التي تحتاجها لتقوم بمهام الحفاظ على «السلم الأهلي» بين الناس الذين أعطوها أحقية الوجود.

يبدو الشق الأول من المعادلة تاما، فالدولة قوية، سواء عبر شرعيتها التي أكدتها المشاركة الشعبية الواسعة في إنتخابات العام الماضي 2006، أو عبر الحالة «الطبيعية» التي تتسم بها مجريات الساحة السياسية، فالمعارضة - التي تمثل الرأي الآخر - لا تحمل في جعبتها ملفات مرفوضة، فالحكم هو الحكم، مقبول ولا أحد يختلف عليه والجميع مستعد للدفاع عنه، والخلاف (داخل المجلس النيابي) لا تزيد حدوده عما قد تفرزه أي تجربة سياسية في العالم.

الذي يبدو مثيرا للقلق، هو أن الدولة لا تقوم بواجبها، بل هي بالإعتماد على ما يصدر منها، متورطة في المأزق الطائفي ومشتركة فيه. وهو ما يجعلها أمام مساءلة مركبة، صدقيتها أمام الدستور الذي لا يتفق مع هذا الفرز الطائفي أولا، وصدقيتها أمام حالة السلم الأهلي التي باتت مهددة في أية لحظة.

الحكومة لا تقوم بواجباتها، ولا نعني بتقصيرها في القيام بمسئولياتها هو أننا ننتظر منها أن تُخرِج التصريحات التي تؤكد واحدية الوطن والمواطن، فالتصريحات الحكومية مليئة المعاني لكنها في مستوى التأثير والتحقق ليست فاعلة. الإجراءات المطلوبة، هي إجابات واضحة وإجراءات مباشرة لحلحلة ما يثير النزعات الطائفية في البلاد، وهو ما يجعل من دعاوى طرح الثقة بالحكومة في المجلس النيابي حقا دستوريا لا جدال فيه إن حان توقيته.

الناس لا يزاحمون «الحكومة» في صلاحياتها، ولا يمسون حقوقها، ولا يحاولون إضعاف قوتها أو إسقاط هيبتها، والجميع تحت حكم القانون سواء. ولكن، حين لا تقوم الحكومة بواجباتها فإن محاسبتها واجبة على من انتخبهم البحرينيون رقباء عليها، طرح الثقة بالحكومة هنا لا يهدف بالضرورة لإسقاطها، بقدر ما نأمله لها من تصحيح لمسارات عملها المتعثرة والمعاكسة لما يأمله الناس منها.

أمام عزف الجوقة الطائفية التي تعصف بالبحرينيين، ليس ثمة ما يدعو للصبر أو التفاؤل بما يخبئه الغد لنا. صحيح أن البحرين لن تصل لحدود لبْنَنَة ملفها السياسي، لكنها أيضا، ليست في مأمن من أن تزداد رحى «الطائفية» عصفا بها وصولا لما قد يكون تشكلا سياسيا جديدا في البحرين، وهو ما قد يجرنا لساحة سياسية يصعب رتقها وتستحيل معالجتها. خصوصا مع حكومة «مزاجية»، لا تسمع آذانها الصغيرة إلا من يعزف على قيثارة الشيطان الطائفية أولا. وثانيا، ولمن امتهن وأرتزق على التشكيك والطعن في ولاءات أبناء البحرين لأرضهم، ولقيادتهم السياسية التي وضع أجدادهم ثقتهم فيها أمام العالم، ولا يزال أبناؤهم كذلك.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1902 - الثلثاء 20 نوفمبر 2007م الموافق 10 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً