أكد وزير الداخلية العراقي جواد البولاني أن الخطاب الديني والمناطقي المنتشر في العراق لعب دورا في تأزيم الوضع بالعراق في انتشار أشكال الإرهاب المختلفة، مشيرا إلى انه وصل حاليا الى ادنى مستوياته بنسبة 80 في المئة.
جاء ذلك في حوار خاص أجرته «الوسط» أمس على هامش فعاليات منتدى الأمن الداخلي والعالمي- الشرق الأوسط الذي سيختتم أعماله اليوم في العاصمة المنامة مؤيدا توجه دول الخليج على امتلاك تكنولوجيا النووية للأغراض السلمية الذي يخدم في إطار مصلحة المنطقة وليس تقوية طرف على حساب آخر منوها الى نظرة الايرانين نحو الشراكة الاقتصادية والامنية في المنطقة بالحكيمة. وهذا نص الحوار كالآتي:
النووي والأمن
تبنى قادة دول مجلس التعاون الخليجي توجها جديدا بشأن امتلاك التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية ولاسيما في مجال الكهرباء والماء كما جاء في كلمة الامين العام لدول مجلس التعاون عبدالرحمن العطية امس الاول في منتدى الامن الداخلي والعالمي المنعقد حاليا بالمنامة. هل هناك اية تحفظات يبديها الجانب العراقي ازاء ذلك كون ذلك يدخل في اطار حفظ الامن والاستقرار بالمنطقة؟
- بحسب تقديراتي أي نشاط نووي في المنطقة يجب ان يطرح على مجموعة من الضوابط والاجراءات التي تحاول ان تخفف من هذا التشنج الحاصل. ان الكلام باحتضان الطاقة النووية في هذه البقعة من العالم يثير بعض الشجون, لكن اعتقد بفضل ما تتمتع به المنطقة من موارد التفاهم والحوار الى مدى اشكالية الحاجة الى مثل هذا النوع من الطاقة والى نشاطه النووي لدول المنطقة ضمن آليات معينة تتوافر من حيث الامكانات العلمية والتقنية.
ايضا هذا التوجه هو مبادرة للبحث عن بدائل للطاقة وهو ليس بتوجه خليجي بقدر ما هو توجه دولي ويأتي ضمن اطار مصلحة المنطقة وليس مصلحة تقوية طرف على حساب آخر او ان هذا الملف بؤرة لتوتر او صراع الارادات بالمنطقة.
هناك دراسة عن النووي ستطرح خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة خلال الشهر المقبل بحسب ما صرح به العطية. هل تعتقدون ان دول المنطقة جادة في بحث بديل جديد للطاقة وباتخاذ هذه الخطوة على رغم مخاطر النووي الذي قد يهدد امن واستقرار المنطقة؟
- هذا شيء جيد لكن لا يجب ان يكون محسوبا على صراع ارادات حقيقية بين دول المنطقة كما ذكرت مسبقا حتى لا يكون هناك مزيد من التوتر, فالمنطقة بحاجة الى شراكة وتفاهم اللذين يدفعان باتجاه امن واستقرار المنطقة.لذلك فإن التوجه بإعلان إشارة البدء لدول الخليج في امتلاك الطاقة النووية هو نافذة فتحها العطية لتعبر عن رؤية مستقبلية تخدم استراتيجات تنصب في اطار العمل والشراكة بين دول المنطقة حتى لو فكرت بصناعة الوقود النووي الذي اعتقد انه بمقدار دول الخليج تصنعيه.
أهمية الشراكة
هل تعتقدون أن هناك نية لتوسيع دائرة الشراكة الاقليمية من الناحيتين الاقتصادية والامنية بما يخدم جميع الاطراف في منطقة الخليج؟
- أية شراكة وأية علاقة يجب أن تكون واضحة ومثال الشراكة الاخيرة التي تمت بين البحرين وايران... هذه العلاقات مفيدة للمنطقة وقد اصبح شيئا من الواقع انه لا يمكن للمنطقة ان تعيش من دون وجود شراكة والاستعداء طرف على حساب طرف آخر.
ان أي نشاط تحكمه مصالح دول المنطقة ونظمها السياسية هي مسئولة بشكل مباشر وستدافع عن مصالح هذه المنطقة.
الإرهاب والمنطقة
وايران ترحب بهذه الشراكة لكن من دون تدخل من اطراف خارجية عن دول المنطقة؟ وخلق مفهوم اقليمي يحمي مصالح المنطقة امنيا واقتصاديا كما جاء في كلمة نائب مساعد وزير الخارجية الإيراني منوشهر محمدي في جلسة الامس الصباحية؟
- في الواقع هذه نظرة حكيمة وعاقلة من قبل الايرانين بشأن مستقبل المنطقة. فما يجري في المنطقة يحتاج الى حكمة كبيرة وسياسية، ومن المهم يأتي دور السياسية والحوار المباشر، والنوايا قد تكون مطلوبة كما هي الامال لكن من المهم ترجمة هذه الكلام الى افعال بعقد اجتماعات اقليمية سنوية واخرى فصلية مختصة تقام على مستوى عال، وهي دعوة نأمل ان تأخذها دول المنطقة على محمل الجدية لانه سيكون لصالحها على مستوى قادة سياسية لشراكة اقتصادية وآخرى امنية مثلما هو الحاصل مع دول جنوب شرق آسيا على سبيل المثال.
هناك تطلعات لشعوب المنطقة لذلك فإن تهويل وقلب بعض الملفات لن يكون لصالح دول المنطقة التي يجب ان نقللها وكل طرف يتنازل عن المشكلات التي تفرق اكثر ما تجمع وتضيع شراكة الدول ومصالحها.
أخيرا مازال محور الارهاب يشغل بال العالم وليس الخليج فقط. هل ينوي العراق طرح شيء مغاير عما طرح في مؤتمرات امنية واقليمية سابقة؟
- لقد اخذ الارهاب اليوم اشكالا عدة في العراق, وبفضل الجهود الكبيرة التي بذلت خلال هذه الفترة بين وزارتي الداخلية والدفاع فقد وصل الى ادني مستوياته بنسبة تصل 80 في المئة.
وبلا شك فإن الخطاب الديني والمناطقي المتشدد الذي يطلق في المحافل المختلفة له تأثير مباشر على انتشار الارهاب ليس في العراق بل في المنطقة كلها والعالم اجمع فهو أي الارهاب لا يعرف جنسية معينة.
لذلك اصبح لزما على الدول التعاون لمكافحة الارهاب بصوره المختلفة. والمرحلة الحالية في العراق اختلفت عما كانت عليه منذ سنوات، فالأمور توضحت اكثر, وهذا انعكس بشكل طيب على نشاط الأجهزة الامنية في العراق لان هناك تعاونا بين دول المنطقة.
استحداث أنظمة لمتابعة العمليات الإرهابية وغسيل الأموال
ضاحية السيف - محرر الشئون المحلية
شهدت الجلسة التي خصصت لمناقشة موضوع كيفية حماية الدوائر المالية الدولية والدوائر المصرفية من الاختراق الارهابي نقاشا مستفيضا بشأن الجهود الدولية لرصد عمليات نقل الأموال للجماعات الإرهابية، فيما حظيت تجربة البحرين التي استعرضت خلال الجلسة باهتمام الحضور خصوصا فيما يتعلق بالآلية التي تتبعها الحكومة لمراقبة أنشطة جمع الاموال الخيرية.
وخلال الجلسة التي ترأسها العميد بيتر سينكوك مستشار مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية بالمملكة المتحدة، وتحدث فيها ممثل مصرف البحرين المركزي أنود خليفة السادة، ووزير الداخلية السابق بالمملكة المتحدة مايكل هاورد والمدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة إثمار بمملكة البحرين مايكل بي لي، أكد السادة أن مملكة البحرين استحدثت انظمة متقدمة لمتابعة معلومات العمليات الإرهابية وغسيل الاموال وتمويل الإرهاب.
مراقبة المؤسسات المالية
وشدد على أن مصرف البحرين المركزي يولي أهمية بتحديث التشريعات والقوانين المتعلقة بمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مشيرا الى أن جميع المؤسسات المالية العاملة في البلاد لديها مراقب مسئوليته متابعة شئون تلك المؤسسات والوصول الى المعلومات والعاملين في تلك المؤسسات في أي وقت في حال وجود عمليات مشبوهة من دون استشارة إدارية. وتطرق الى الإجراءات المتبعة بشأن المعلومات المتبادلة مع المنظمات العالمية اذ أشار الى أن المصرف يتابع القوائم الصادرة عن هيئة الإمم المتحدة والمتضمنة قائمة بالأسماء المشبوهة من المؤسسات والأفراد ويتم اطلاع المسئولين عليها وتجميدها، كما يتم اخطار وزارة الداخلية بتلك القائمة، مشيدا بالتنسيق الممتاز بين المصرف ووزارة الداخلية التي تقوم بدورها بإرسال بيان لبعثة البحرين في الأمم المتحدة بالخطوات التي تم اتخاذها حيال ذلك. وفيما يتعلق بالتباحث على المستوى الدولي، أوضح السادة أن البحرين تستعد حاليا لإجراء مشاورات بالنسبة الى سياساتها وجهودها في مجال محاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والإجراءات والتدابير المقرر اتخاذها في السنوات المقبلة، لكنه عبر عن سروره بالمكانة المتميزة للبحرين في مجال قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل العمليات الإرهابية وأنشطتها تحت غطاء قانوني، وأن البحرين تعتبر اليوم من أكبر المراكز في مكافحة تلك الأنشطة.
قوائم الأمم المتحدة
وتخضع الإجراءات المتبعة في البحرين للتطبيق الفعال حيث تم استحداث ادارة متخصصة مهمتها التأكد من التمويل الفعال لقانون محاربة الغسيل والإرهاب، خصوصا وأن مملكة البحرين صدقت على قرار مجلس الأمن الخاص بمكافحة تمويل الإرهاب، بالإضافة الى وجود إدارة متخصصة بوزارة الخارجية يتم التنسيق معها بشأن قوانين مجلس الأمن في حال صدور قرارات جديدة، ذاكرا أن وزارة الخارجية تتولى مهمة توزيع القوائم المرسلة من هيئة الأمم المتحدة الى كل من وزارتي المالية والداخلية والمصرف المركزي.
500 مليار دولار تخصص سنويا للعمليات الإرهابية
من جهته، كشف وزير الداخلية السابق بالمملكة المتحدة مايكل هاورد أن تقديرات صندوق النقد الدولي تقدر حجم الأموال التي يتم استخدامها في تمويل العمليات الإرهابية والغسيل بنحو 500 مليار دولار أي ما يتراوح بين 2 الى 5 بالمئة من الناتج العالمي، واصفا إياه بأنه «مبلغ هائل»! لكنه قال :»في الوقت الذي يعتمد فيه الإرهابيون على نقل الأموال وغسيلها فهذا يعطينا الفرصة للتصدي من خلال تتبع المعلومات المالية التي تعتبر من أهم أدوات التحقيق، خصوصا وأن الكثير من الدول تتسابق مع بعضها البعض في مجال تطوير أنظمة تتبع تمويل العمليات الإرهابية».
وأكد أن تلك الأموال تستخدم لتدريب الجماعات الإرهابية وشراء الأسلحة بالإضافة الى تنفيذ «أنشطة مشروعة» لكسب التعاطف، لكنه اشار الى أن هناك أنظمة مالية تستخدمها الجماعات الإرهابية في اطار استثماري كغطاء للإرهابيين.
وحذر من التنظيمات الهيكلية لجماعات تمويل الإرهاب التي تتميز بالمرونة ما يجعلها قادرة على الاستجابة السريعة لتحديات استراتيجيات المكافحة. فهي ذات قدرة كبيرة على التأقلم والتكيف, ويبدو أيضا أن لبعضها بصيرة استراتيجية ويزاول ممارسات تجارية سليمة، مثل تنويع الأنشطة والاستفادة من الأسواق الجديدة، وتتميز هذه التنظيمات بالتطور والهياكل التنظيمية ذات المرونة والفاعلية، والأساليب الإدارية الفاعلة، والاستفادة من المستشارين المتخصصين، بل إنها أنشأت فـي بعض الدول برامج للبحث والتطوير وكان ذلك واضحا على وجه خاص فـي مجال غسل الأموال الذي يتم استخدامه أو جزء منه فـي تمويل العمليات الإرهابية.
العدد 1902 - الثلثاء 20 نوفمبر 2007م الموافق 10 ذي القعدة 1428هـ