بعد الاختراقات التي حققها الاقتصاد الهندي في أسواق كل من أوروبا والولايات المتحدة واليابان، تتحرك آلة صناعة تقنيات المعلومات والاتصالات نحو أسواق جديدة واعدة مثل أسواق أميركا اللاتينية. فعلى امتداد السنتين الماضيتين دأبت شركات مثل تاتا للاستشارات (TCS) وساتيم (Satyam) للإبحار نحو الإكوادور وبنما ناهيك عن البرازيل، وكولومبيا. ونجحت هي وأخرى غيرها من شركات تقنية المعلومات في افتتاح مكاتب لها هناك، أو شراء شركات محلية ناجحة اختصارا للوقت وتوفيرا للجهد والمال.
ما يشجع تلك الشركات الهندية نحو تلك الأسواق هو أن هذه القارة واحدة من أكثر المناطق نموا وملاءمة لتشغيل مراكز الاتصال. عامل أساسي يقف وراء هذا الاندفاع الهندي، كما يرد على لسان نائب رئيس شركة ناسكوم الهندية: هو أن هذا الانتشار العالمي يساعد شركات تقنيات المعلومات الهندية على توفير خدمات متنوعة للناطقين بالإسبانية في الولايات المتحدة. فهي، أي تلك الشركات تجد أن الأمر أكثر سهولة في اجتذاب المهارات هناك مقارنة بالهند. وعلى رغم أن سوق أميركا اللاتينة لا تتوافر فيها مهارات بالمستوى المتوافر في السوق الهندية، فإن ما توفره كافيا لسد النقص الذي قد تعجز عن سده السوق الهندية.
ووفقا لدراسة نشرها مركز فاليو نوتس فإن عدد الوكالات الباحثة عن تعهيد خدمات مراكز الاتصال سيبلغ 85،000 في المكسيك بحلول العام 2010، وإلى 12،000 في البرازيل خلال ذات الفترة. وعلى رغم أن كلفة تقديم مثل تلك الخدمات في أميركا اللاتينية هي أعلى منها في الهند، فإنها تبقى أدنى مما هي عليه في مناطق أخرى مثل الولايات المتحدة.
طبعا لايقتصر الأمر على شركات تقنيات المعلومات، فهناك صناعة النفط والطاقة أيضا، فحديثا اشترت المؤسسة الوطنية الصينية للنفط والمؤسسة الصينية للنفط والكيماويات (سينوبيك) والهيئة الهندية للنفط والغاز الطبيعي حصصا بنسبة 50 في المئة في شركة أومينكس دو كولومبيا النفطية، وتنتج الحقول النفطية التابعة للشركة 7,3 ملايين برميل كل عام.
قبل ذلك دعت جمهورية الإكوادور، وهي أكبر دولة مصدرة للنفط في أميركا اللاتينية، الشركات الهندية للمشاركة في تنفيذ مشاريع التنقيب عن النفط والغاز وإنشاء مصفاة هناك، والاستعانة بالشركات الهندية ولاسيما شركة النفط والغاز الطبيعي» الهندية في الجوانب الفنية.
وفي كلمته بمؤتمر الطاقة «بتروتيك 2005»، قال وزير الطاقة والمعادن الإكوادوري «إدواردو لوبيز روبايو» إن بلاده ستطرح أحد عشر حقلا لتنفيذ عمليات التنقيب.
ودعا الوزير الشركات الهندية إلى المشاركة في تنفيذ عمليات استكشاف موارد الطاقة في بلاده، قائلا: «إن لدى الإكوادور التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على قطاع النفط، احتياطات نفطية هائلة لم يتم اكتشافها، بجانب احتياطات ثبت وجودها في خمسة حقول كبرى وتقدر بنحو 4,6 مليارات برميل.
في ضوء تلك الدعوة، تقدمت شركة «الأو إن جي سي فيديش» الهندية المحدودة للنفط والغاز الطبيعي بعرض لامتلاك حصص في شركة «ين كانا» الكندية في بعض الحقول الإكوادورية، علما بأن الشركة الهندية تتنافس مع شركة «بيتروتشاينا» الصينية لامتلاك أصول الشركة الكندية التي تقدر قيمتها بنحو 1,5 مليار دولار أميركي.
لقد نجحت الهند ومن خلال اتباعها سياسة النفس الطويل في إيجاد مساحة مريحة لها ضمن خريطة عمالقة اقتصاد العالم، وتمكنت خلال فترة وجيزة وبشهادة مؤسسات دولية من أن تخطو خطوات كبيرة في طريق تحقيق النمو الاقتصادي الثابت، وإن كانت لاتزال تعاني من تراكمات الماضي المتمثلة في ارتفاع معدلات الفقر في بعض المناطق الريفية والفوارق الطبقية الكبيرة وغيرهما من المشكلات.
وواصل الاقتصاد الهندي نموه القوي العام 2005 مدعوما بالأداء القوي لقطاعي الخدمات والتصنيع. وفي الوقت الذي استمر نمو الاقتصاد الهندي خلال السنوات الأربع الأخيرة بمعدل متوسط قدره 7 في المئة، ومازال المستقبل يحمل الكثير من المؤشرات الإيجابية.
وانتعشت حركة الادخار والاستثمار بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ الاقتصاد الهندي. وأصبحت سوق الأسهم واحدة من أسرع 5 أسواق مالية عالمية نموّا، إذ حظيت باهتمام الخبراء نتيجة الصعود المستمر إلى مستويات قياسية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1901 - الإثنين 19 نوفمبر 2007م الموافق 09 ذي القعدة 1428هـ