كان بإمكانه أن يكون مليونيرا أو صاحب شركة أو مؤسسة، ويعيش بقية حياته في رفاهية ونعيم. كان بإمكانه أن يكون مسئولا في حكومة غير شرعية... كان يستطيع أن يكون كل ذلك أو أحدهم... مقابل أن يبيع العراق ببضع كلمات أمام كاميرات المصورين في إحدى ردهات الأمم المتحدة! كان بإمكانه أن يكون أي شيء يقاس بالمال... ولكنه رفض كل ذلك؛ وفضل أن يكون رجلا مخلصا لبلاده العراق... إنه البروفيسور محمد الدوري مندوب العراق «الحرّ» لدى الأمم المتحدة.
البروفيسور الدوري قبل أن يكون مندوبا للأمم المتحدة كان أكاديميا بجامعة بغداد لأكثر من ثلاثة عقود، قضى أكثر من عقد ونصف العقد عميدا لكلية الحقوق. فهو أستاذ زائر في القانون الدولي بكثير من الجامعات الأجنبية. ويا لها من مفارقة! أستاذ القانون الدولي... فأيّ قانون دولي ذلك الذي تم تجميده أمام قوى الشر والزمرة الإمبريالية في الأمم المتحدة، حينما اغتصبت أميركا وبريطانيا والدول المتحالفة معهما العراق؟!
كنت منصتا إلى البروفيسور الدوري متحدثا بجمعية الوسط العربي الإسلامي، وقد تمحور حديثه حول الطائفية. المعضلة الاجتماعية ذات الإسقاطات السياسية. مسألة الطائفية بالنسبة للعراق (قبل الاحتلال) لم تكن موجودة، ولم تكن تثار في أي مكان أو صحيفة أو مقهى، أي لم يكن للانتماء للطائفة أي رصيد عند النظام الحاكم أو لدى الشارع الشعبي العام.
على رغم كثير مما يقال، حقيقة أو خيالا، إذ لدى بعض الأطراف (وخاصة ذات الهوى الأميركي والإيراني) فحولة خيالية لا تعجز عن أن تلد أكواما من الحكايات والقصص ضد رجال النظام السياسي السابق في العراق، إلا أنه مهما بلغت تلك الفحولة فإنها لن تلد ما يجرح اللحمة الوطنية التي كان يحافظ عليها رجال في ذاك النظام! فقد كان السنة والشيعة والكرد والمسيحيون والتركمان والصابئة وغيرهم من طوائف وأعراق تتعايش بشكل سلمي حضاري وإنساني راق.
ولعلّها حسنة، مغفور له ما عداها من سيئات، أن يكون النظام العراقي السابق نظاما غير طائفي، نعم كان نظاما غير ديمقراطي ودكتاتوريا، ولكنه لم يكن نظام سفك طائفي كما هو الحاصل الآن! إذ بعد سقوط النظام السياسي والاجتماعي في العراق، وحلول جماعات الإرهاب والعصابات الميليشياوية الطائفية لا يجد الإنسان العراقي البسيط موطئ قدم آمن يستظل بفيّه! فلك الله يا شعب المحن في الهجرتين الداخلية والخارجية.
«عطني إذنك»...
عضو بلدي يسعى مذ فترة إلى حشد وتأليب الناس ضد مشروع سيقام بالمنطقة، ودفاعه في الحشد والتأليب تخصيص المنطقة للملكية العامة. في حين يتناسى هذا العضو أنه حينما صدر أمر بمنحه هبة «قطعة أرض» فإنه طالب بالاقتطاع من حديقة عامة ستقام لأهالي المنطقة! أتأمرون الناس بالمعروف وتنسون أنفسكم! آه منك يا عضو يا بلدي يا شفاف جدا جدا. ولكن ماذا عسانا نقول عن جماعات المصالح البعيدة عن منهج السلف الصالح!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1900 - الأحد 18 نوفمبر 2007م الموافق 08 ذي القعدة 1428هـ