للبحرينيين قدر محتوم مع الحزن والقهر، قدر من العذابات التي لا تنتهي. لكأنهم فطموا على الإمساك بالجمر وتجرع المرارات، الواحدة تلو الأخرى. دوامة من الضياعات. تأبى أن تنتهي، أو أن تتيح للناس فسحة من نور، فسحة من الحب، فسحة من الحياة.
الطيور التي لن تلتقي على طرفي الصراع السياسي في البحرين، لا تمثل صورة استثنائية خارج حدود السياسي التقليدي، فالدولة هي الدولة، تبحث عن إقرار مركزيتها وتعزيز سلطاتها وقوتها وحضورها وسيطرتها. وطيور الدولة تفعل فعلتها في تعزيز أدوارها المكيافيلية باقتدار، وبما يتعدى حدود السيطرة على المعارضة ليصل حدود الإنسان البحريني البعيد عن السياسة والسياسيين أصلا.
والمعارضة هي المعارضة. تحاول طيورها عبثا أن تشارك في رسم سياسات الدولة وتصحيحها بطريقة أو أخرى، لكن من دون جدوى، فالطيور لا تلتقي. والذي يبدو مختلفا واستثنائيا في كل ما يجري هو أن أيا من الطرفين لا يحلق في سماء الآخر، أعضاء في جسد واحد، لكنها لا تلتقي في محصلتها لخدمة صالح هذا الانسان، الذي هو ضحية أخطاء/ أمراض الطرفين معا.
طيور الدولة، التي أحكمت لعبة السلطة التشريعية ببراعة، تحلق بعيدا عن الناس، أجندة طيور الدولة المشغولة بدعاوى ما يسمى بـ «التنمية الاقتصادية» وملاحقة النموذجين «دبي» و «الدوحة» لا تحلق في سماء أوجاع هذا المواطن وعذاباته الحقيقية، نعم ازداد الدخل، لكن الناس ازدادوا عوزا وفقرا.
طيور المعارضة - العاجزة عن الطيران فضلا عن تحقيق مستويات مقبولة في براعة التحليق - لاتزال مهووسة بالبقاء حيث يُراد لها أن تبقى. سلط القوم على طيور المعارضة طيورا من نار، لا تعبث بالسياسي فحسب، بل تعبث بوحدة الوطن بكامله. تعصف الأمراض الداخلية بجسد هذا الطيور المسجونة من دون أن تحيط بها جدران سجن، بفرصها على التحليق أو مراقبة ما يزيد الناس وجعا وضعفا، لا المعارضة تجد طريقا للخلاص وهي الدولة مكترثة بأن البقاء بلا سياسة هو ضرب من الإقدام على ما هو أخطر، وهو ما ينتظره بعض المتربصين بفارغ الصبر.
الطيور التي لا تلتقي، تصر على البقاء في قطيعة لا عودة فيها ولا مراجعة. الأكثر من ذلك، تدير هذه الطيور معاركها على زوايا هذه الأرض من دون رحمة. لا أحد يدرك/ يفهم/ يعقل أن لا أحد يستطيع أن ينهي سلطة الدولة، وأن لا أحد أيضا يستطيع أن يخدع الناس وأن يرتزق على عذاباتهم. ولا عبرة لمن لم يتعود أن يعتبر. هذه الطيور لن تلتقي.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1900 - الأحد 18 نوفمبر 2007م الموافق 08 ذي القعدة 1428هـ