العدد 1899 - السبت 17 نوفمبر 2007م الموافق 07 ذي القعدة 1428هـ

جرائم الإنترنت 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مثل هذه الظواهر وأخرى غيرها تجعل من شبكة المعلومات الدولية أو الإنترنت سلاحا ذا حدين‏، فبعد أن كان الهدف الأساسي في إقامتها هو نشر المعرفة‏، وتسهيل الحصول علي المعلومات‏ في هيئات إلكترونية قادرة على مخاطبة بعضها البعض، تحولت الآن - على حد قول مجلس اللوردات البريطاني - إلى ملعب للمجرمين‏، الأمر الذي دفع المجلس إلى مطالبة الحكومة البريطانية بضرورة العمل على إصدار تشريع لحماية مستخدمي الإنترنت الأفراد من الجرائم التي ترتكب عن طريقها مثل النصب والاحتيال.

وفي تقرير تم رفعه إلى الحكومة البريطانية‏، طالبت لجنة العلوم والتكنولوجيا بمجلس اللوردات بأن يتضمن التشريع المقترح تحميل المصارف مثلا مسئولية أي جرائم يتعرض لها الزبائن من مستخدمي الإنترنت‏، أو وقوعهم ضحية لعمليات الاحتيال المالية خلال تعاملهم مع المصارف إلكترونيا‏.‏ وجاء في التقرير أن البريطانيين يخافون من جرائم الإنترنت أكثر من خوفهم من تعرض منازلهم للسطو‏.‏

أما في الولايات المتحدة فمن المتوقع أن يبدأ الكونغرس الأميركي قريبا مناقشة تشريع جديد تقدم به النائب الجمهوري جيمس سينسنبرينر من شأنه إدخال تغييرات جذرية على قواعد الخصوصية على الإنترنت. ويتيح القانون الجديد للحكومة الأميركية فرصة الحصول من موفري خدمات الإنترنت على سجلات كاملة بالأنشطة التي يقوم بها الأميركيون على الشركة الدولية.

ويأتي المقترح الجديد بعد أسابيع قليلة من تصريح لوزير العدل الأميركي ألبرتو غونزاليس بأنه يتعين على الشركات التي تقدم خدمات الإنترنت داخل الولايات المتحدة البدء في تخزين سجلات بالأعمال التي يقوم بها المستخدمون من الأميركيين على الإنترنت لفترات زمنية سماها «معقولة»، وهو تصريح اعتبره المراقبون تحولا جذريا من إدارة الرئيس بوش عن رؤيتها المعلنة سابقا عن قضية الخصوصية.

أما في الصين فقد تعرضت الأنظمة المعلوماتية هناك إلى هجمات قراصنة الإنترنت الأمر الذي أجبر بكين على دعوة الدول المتضررة من هذه الهجمات إلى التعاون بدلا من توجيه الاتهامات لبعضها البعض. وقال الباحث في أكاديمية جيش التحرير الشعبي للعلوم العسكرية وانغ شينغيون لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن «هجمات قراصنة الكمبيوتر على الأنظمة الإلكترونية الصينية ارتفع في الأعوام الأخيرة وتواجه الصين موقفا خطيرا بشأن أمن المعلومات أكثر من أي دولة غربية». وأضاف «لكن الحكومة الصينية لم توجه اللوم لأي دولة وتصر على الدعوة إلى التعاون الدولي لتضييق الخناق على جرائم الإنترنت». وكانت بكين نفت بشدة تقارير حديثة تناقلها الإعلام الغربي بأن قراصنة من الصين اخترقوا أنظمة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والحكومة الألمانية وأنظمة وزارات ألمانية مهمة.

لكن ألمانيا حذرت بدروها من نزايد مخاطر جرائم الإنترنت، فجاء على لسان وزير داخليتها فولفغانغ شويبله إشارة إلى النمو الأخير لسرقة كلمات السر التي تتم عادة من خلال رسائل الكترونية وهمية. ويستهدف ذلك الأمر بالدرجة الأولى مستخدمي الانترنت لأغراض مصرفية.

وقال ازدادت فجأة (عالميا) محاولات سرقة كلمات السر خلال العام 2005 بنسبة 300 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه، مؤكدا أنه وفقا للمعدلات الدولية تنجح سرقة كلمات السر بنسبة تصل إلى 5 في المئة من إجمالي مستخدمي الانترنت.

وقال إن هذا المعدل سبب خسائر اقتصادية حول العالم لا يمكن تقديرها. وسجلت شركة سيمانتك المتخصصة في أمن الانترنت العام الماضي نحو ثمانية ملايين محاولة لسرقة كلمات سر. وقال مكتب مكافحة الجريمة الاتحادي الألماني (بي كيه ايه)، إنه ضبط عصابة لسرقة كلمات السر مكونة من ألمان وليتوانيين الأمر الذي جنب زبائن المصارف على الانترنت مواجهة خسائر تقدر بملايين اليورو.

هنا لايمكننا سوى الإعتراف بأن التحول الحضاري والتقدم الذي اجتاح العالم في العصر الحديث أحدث تغيرا ملموسا في نوعية الجرائم والمجرمين. فبعد أن كانت الغلبة للجرائم القائمة على العنف أو القسوة أصبحت الغلبة للجرائم القائمة على المقدرة الذهنية والذكاء. وتعتبر شبكة الإنترنت إحدى نتائج هذا التحول الحضاري والتقدم الذي اجتاح العالم في العصر الحديث ، فهي عالم ضخم ومتنوع عالم لا تحده الحدود الجغرافية، عالم خال من العوائق المادية التي تمنع السفر والتجول والإبحار بين أرجائه، عالم ساهم في إنتاج وتطوير العديد من السلوكيات الإجرامية ذات الأثر البالغ على حياة الأفراد والمجتمع.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1899 - السبت 17 نوفمبر 2007م الموافق 07 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً