بعيداعن أجواء التوتر والمشاحنات التي تخلقها قوى المصالح الكبرى على منطقة الخليج من أجل فرض مزيد من الهيمنة على خطوط نقل النفط والملاحة، فإنّ حدث التوقيع على مذكرة التفاهم أمس في العاصمة البحرينية من حيث تزويد البحرين بالغازالإيراني, لا يعد حدثا عاديا, بل قفزة نوعية في توسيع دائرة التعاون بين المنامة وطهران من دون تحفظ أو حرج, خصوصا أنّ البحرين قد مدّت جسور اقتصادية مهمّة مع دولة لاتزال تعتبرها إدارة واشنطن بـ «المزعجة» في المنطقة.
ولعلّ ما جاء في تقرير وكالة الطاقة الذرية بتأكيد حقيقة ما تقول إيران عن خططها النووية بأنها صحيحة إلى مطالبة طهران خصومها الغربيين بالاعتذار قد يعزز من موقفها الحالي أمام جيرانها العرب أكثر من أيّ وقت مضى من خلال تطلعها في شق دبلوماسية جديدة, تضمن تعاونا أكبر, وتقديم كلّ خبراتها سواء في المجال النووي أو غير ذلك بلا تردد أو عقبات تؤخر مثل هذا التوافق الذي بدأته مع البحرين في شراكة اقتصادية كبرى على مستوى المنطقة.
إنّ إيران التي تطالب بخروج القوى الغربية من مياه الخليج وأراضيه على اعتبارأنها جزء لا يتجزأ من جغرافية المنطقة عليها أنْ تخطو خطوات لتعزيز الثقة مع جيرانها العرب، وخصوصا أن هناك قضايا قد تؤثر سياسيا وتعطل التعاون الاقتصادي الذي لو نفذ بصورة متكاملة قد يحقق تكاملا اقتصاديا واستراتيجيا ينصبّ لصالح شعوب المنطقة.
من هنا فإنّ الظروف الراهنة قد تشجّع دول الخليج على أنْ تنظر بعيون مختلفة إلى ما تبديه إيران من حسن نوايا, وعلى رغم أنّ البحرين الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الأميركية التي تحتضن أيضا الأسطول الأميركي الخامس شاب ملف علاقاتها مع إيران بالتوتر في الماضي إلاّ أنه بالإمكان أنْ ننظر إلى مستقبل مبنيّ على أساس تعدد الأطراف المشاركين في الحفاظ على أمنه بدلا من الوضع الحالي المعتمد على الولايات المتحدة فقط.
ربما أنّ الكلام أسهل من الأفعال، ولكنّ الكلام الطيّب سيؤدي إلى فعل طيّب حتى ولو بعد حين، فالبحرين كانت قبل ثلاثين عاما هي المؤهلة؛ لأنْ تكون حلقة الوصل التجاري في المنطقة، ولكن ظهرت دبي لاحقا, وأخذت هذا الدور؛ لأنّ البحرين غلّبت السياسة على الاقتصاد, وآن الأوان أنْ نغلّب الاقتصاد على السياسة تماما كما هو الحال في دبي.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1899 - السبت 17 نوفمبر 2007م الموافق 07 ذي القعدة 1428هـ