وصل عدد الفضائيات العربية إلى كم هائل لا يمكن حصره، ففي كل يوم تختفي قناة وتظهر أخرى. لقد أصبح من الصعب على أية فضائية جديدة أن تستمر، ولكن الأصعب حقا أن يكون لها جمهور عريض ما لم يكن ما تقدم جديدا ومتميزا ومختلفا عن القنوات الأخرى، فالكثير من الفضائيات العربية أصبحت نسخا مكررة.
إن كانت من سمة ستميز الفضائيات العربية في المستقبل فهي «التخصص»، إذ أصبحت القنوات المتخصصة تسرق جمهور القنوات المنوعة. من بين هذه القنوات المتخصصة التي ظهرت أخيرا قناة «فتافيت» وهي القناة الأولى والوحيدة المتخصصة في فن الطهي في الشرق الأوسط وظهرت علينا منذ شهرين تقريبا.
من وسط أخبار الحروب والفتن والكوارث ورائحة الدم المنبعثة من نشرات الأخبار، وبعيدا عن أغنيات الفيديو كليب التي ترهق الأعصاب، والمسلسلات العربية المكررة والأفلام التي تعرض للمرة الألف، انتشلت قناة «فتافيت» المواطن العربي لتذيقه لونا آخرَ من الألوان التي تجتمع في هذه الدنيا الكبيرة، وفي اعتقادي هي قناة ذات طعم مختلف، كما أنها تجربة جديدة وجديرة بالمشاهدة.
تبث قناة «فتافيت» برامجها باللغة العربية على مدار الساعة، وعلى رغم أن الكثير من الفضائيات العربية تخصص يوميا مساحة من أجل الطهي وأشهرها طبعا برنامجا الشيفين رمزي وأسامة، إلا أنها المرة الأولى التي تظهر فيها فضائية عربية متخصصة في فن الطهي من الألف إلى الياء.
القناة - على رغم الفترة القصيرة التي أطلت فيها على المشاهد - استطاعت أن تثبت أنها من تلك القنوات المختلفة؛ بأن تثبت ببرامجها الجميلة أن الطهي ليس مجرد إعداد للطعام بل تؤكد أنه نموذج حياة وفن جميل يتميز بالإبداع والابتكار والأفكار الخلاقة.
تقدم القناة يوميا باقة من البرامج المتخصصة في الطهي من كل مكان في العالم بعضها باللغة العربية وبعضها مترجم من لغات أخرى إلى العربية، بعضها يقدمه طهاة يشاهدهم المشاهد العربي للمرة الأولى وبعضهم يعرفهم المشاهد جيدا مثل نجمتي برامج الطهي الأميركي راشيل راي ومارثا ستيوارات.
القناة تنتقي بعناية ما يناسب المشاهد العربي وتتميز برامجها بخفة الدم والإيقاع السريع، كما أن أجواء المطابخ غير مألوفة ولا تشعر المشاهد بالملل من المطبخ التقليدي الذي نشاهده في برامج الطهي العربية حيث تطغى الرتابة والتفاصيل المملة التي يقدمها مقدم البرنامج على المتعة.
بدأت هذه القناة مع شهر رمضان، وقد اعتقدنا جميعا بأن متابعيها سيكونون فقط خلال هذا الشهر الكريم؛ لما تمثله المائدة من جزء رئيسي خلاله، إلا أن اعتقادنا فشل، وأصبحنا نشاهد غالبية ربات البيوت في أوقات فراغهن يتابعن هذه القناة، ويحاولن تجربة الطبق الجديد الذي تعرفن إليه، وأنا واحدة منهن.
ما أهدف من وراء طرح مثل هذا الموضوع، هو تأكيد أن القنوات المتخصصة باتت الأكثر الانتشارا في وطننا العربي، وخير مثال على ذلك قنوات «إم بي سي» وقنوات «الجزيرة»، وهي جميعا قنوات تستحق الإشادة، في رقي المواد التي تقدمها سواء تلك التي تعرضها للصغار أو الكبار، وتلك التي تعرضها لأصحاب الاختصاص.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ