بعد المؤتمر تسلمت رسائل عدة أبرزها «فعلا كان مؤتمرا ناجحا، وكان التنظيم رائعا للمؤتمر ونلتم السبْقَ في لمّ الأطراف، والاختلاف يقوينا؛ لأنه يجعلنا نفهم بعضنا أكثر».
نعم، لقد اجتمعنا بجميع أطيافنا وعلى رغم اختلافاتنا، فإننا اتفقنا جميعا في المطالبة بالحقوق من أجل وطن يحتطن الجميع. لكن الصورة لم تكتمل بعد، والملف لا يزال عالقا، والسؤال الملح يطاردنا ماذا بعد المؤتمر؟
لقد انبثقت دائرة شئون المرأة بجمعية الوفاق الوطني الإسلامية من الأمانة العامة للجمعية، وتسعى الدائرة إلى تعزيز دور المرأة، وتمكينها من ممارسة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة وإطلاق طاقاتها للمساهمة الفعالة في بناء المجتمع وتطويره وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية. فلذلك جاءت مواقفنا من منطلق أن المرأة شقيقة الرجل في النفس الإنسانية لقوله تعالى «... يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء»(النساء:1)، وهي معنية كما هو الرجل بكل الخطابات القرآنية العامة وتتمتع بحرية الاختيار والإرادة كما الرجل، وإن «الوفاق» تأخذ على عاتقها المطالبة بحقوق المرأة في ضوء الشريعة الإسلامية وحقها في التعليم والعمل والحركة الاجتماعية وحمايتها من الابتزاز في مواقع الدراسة والعمل كونها امرأة مسلمة وتعمل على بناء طاقات إنسانية تتحمل المسئولية من موقع اتخاذ القرار. لذلك أوضحنا للجمهور النسائي أن موقفنا من المطالبة بالحقوق تنطلق من مبدأ الشراكة في بناء وطن واحد يضم الجميع ونحن ندعو إلى عدم انغماس المرأة في وهم الفطرة الغربية في مطالبتها بحقوقها، بل تفعيل النظرة الإنسانية والإسلامية في المساواة بين الرجل والمرأة. كما أننا لا نتبنى الكوتا النسائية لأن الأولوية لمن هو الأكفأ لأنه سيخدم المجتمع بشكل أفضل. أما قانون الأحوال الشخصية فموقفنا منه يتفق مع موقف العلماء وهو الموقف الرافض للتقنين بلا ضمانات، إذ أنه ينطلق من رؤية دينية بحتة، والتزام بأحكام الشريعة ولا يوجد أي انطلاق من خلفية سياسية، إذ أنه ليس لدى العلماء مشكلة في اعتماد هذه المسودة أو تلك متى ما توافرت على الضوابط الشرعية، و توافرت الضمانة الدستورية.
أما توصياتنا فقد انطلقت من أساس الشراكة المجتمعية وبضرورة التنسيق بين كل التيارات النسوية وإيجاد أكبر قدر من المشتركات للعمل عليها من خلال إيجاد قوة نسائية ضاغطة تأخذ المرأة نحو تطوير وضعها المعيشي والثقافي والاجتماعي، والسعي لإزالة كل ما يعوق تمكين المرأة من نقص الوعي وعدم الثقة بالنفس وبالقدرات النسوية، مع احترام خصوصيات الآخر العقائدية والفقهية والحذر من الانسياق مع ما يفضي إلى الشقاق والفتنة بين أبناء الوطن والدين الواحد، وكذلك الإسراع في تبني برامج عملية لحل المشكلات المعيشية والفقر التي تلقي بظلالها على المرأة، والعمل على سن تشريعات تعين المرأة العاملة على استكمال رسالتها في الحياة، وتنمية دورها في العمل النقابي وعدم وضع عقبات اجتماعية تحول دون مشاركتها، وتعزيز الثقة في المرأة ودفعها للمفاوضات الجماعية وعدم تزييف المضايقات والتهميش لأنه يقتل أي فرصة للتحسن والتغيير.
ربما يتفق معنا البعض ويختلف معنا آخرون، وخصوصا في المطالبة بالكوتا لكننا نرى أن اعتماد نظام الكوتا ليس حلا سحريا يتم من خلاله التغلب على صعوبات التمثيل النسائي، وإنما يكمن الحل في تمكين المرأة وصقل مهاراتها، وتغيير الصورة النمطية للمجتمع بشأن المرأة، إلى جانب الأخذ بتعاليم الإسلام بشأن المشاركة السياسية للمرأة. أما قانون الأحوال الشخصية، فإني أدعو المهتمات بهذا الشأن إلى مبدأ التوافق الوطني في تفعيل القانون ولكن بضمانة الدستورية؟ هذا المطلب ليس مستحيلا، ونحن كلنا ثقة بالجهات المعنية بذلك، من أجل حياة أفضل للمرأة البحرينية.
ملف المرأة في «الوفاق» ليس أمرا ترفا، بل يفوق صعوبة عن باقي الجمعيات، وعلى رغم من أن هناك تجاوبا من القيادات في تطوير المرأة، لكن الوفاقية تحتاج لفرصة أكبر لتبرهن للجميع إنها قادرة على العمل السياسي بصورة لا تقل عن الوفاقي، ربما الأمر يطول لكنه مقرون بمدى تجاوب المرأة وعملها الجاد نحو التميز بالجدارة وبالاستحقاق، سنحمل ملفنا للأمين العام الشيخ علي سلمان، سنطرح رؤيتنا وبرامجنا المستقبلية للتغلب على الوضع الراهن للمرأة، والوفاقيات واثقات بأنهن سيلقين الدعم حيث أن الجميع ينتظر دورا مميزا للمرأة الوفاقية، فهل هناك مباركة للجهود؟
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 1898 - الجمعة 16 نوفمبر 2007م الموافق 06 ذي القعدة 1428هـ