العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ

المواجهة... وإصلاح التعليم

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في ندوة أقامتها جمعية المنتدى يوم الأحد الماضي تحدث الرئيس التنفيذي لبرنامج إصلاح التعليم في مجلس التنمية الاقتصادية مارتن فوريست والشيء الغريب أنه تحدث باللغة الإنجليزية لإصلاح تعليم حكومي عربي! وهو أول شيء انتقده من معدي الندوة؛ إذ كان بإمكانهم ترجمته إلى العربية؛ كي يستقطب عددا أكبرَ من المهتمين بالتعليم في البحرين! ومع ذلك كانت القاعة مليئة وكان بعضهم وقوفا!

تحدث عن وضع برنامج للإصلاح التعليمي، وأشار إلى الحاجة إلى تطوير المسارات التعليمية في البلاد على كل مستوياتها من ابتدائي وثانوي وجامعي، وعمل كلية تقنية بإدارة نيوزيلندية لتخرّج دفعات مدربة لبحرنة الوظائف!

إن ما ذكره الأجنبي لم يكن جديدا! كما بدأ وزير التربية والتعليم السابق علي فخرو المحاضر الآخر في الندوة! إن كل ما قاله فوريست موجود في الكتب الأكاديمية التربوية ولا ميزة خاصة تذكر أو إضافة!

بهدوئه المعهود الذي تخلله بعض من الغضب والحسرة على ما لم يذكره أو يحاول التعرف إليه خلال وجوده في البحرين فوريست وإن كل ما قاله قد طُبِّق ونُفِّذ في البحرين منذ 25 عاما في فترة الثمانينات.

ذكر فخرو أنه كيف يتسنى لقادم غريب عن البلاد وعن لغة أهلها أن يتصرف ويقرر نوع الإصلاح من دون الرجوع إلى من كانوا يعملون في الحقل التربوي للتعرف إلى برامجها وما الذي قاموا بتفعيله حينذاك؟ وذكر أن الوزارة - وهي في ذات الحكومة الحالية - أجرت محاولات حقيقية لتطبيق أحدث الأنظمة العالمية حينذاك والتي لم تتغير حاليا في أسسها كثيرا، فعملت مراكز عدة للتدريب شملت مئات المعلمين وليس مئتي معلم - كما ينوى عمله في الكلية التقنية الجديدة - وقاموا بعمل المدرسة وحدة تربوية مستقلة ومتكاملة، وتطبيق الديمقراطية في الإدارة والاجتماعات المنظمة للمدرسية وإعطائهم الحرية في المساهمة في اتخاذ القرارات، وعمل كادر لهم يظاهي الأطباء والمهندسة! وإدخال نظام معلم الفصل الذي لا يختلف عمّا تطبقه المدارس الخاصة وكذلك نظام الكورسات (Courses) الذي يمكّن الطالب المجتهد من اختصار عدد سنوات «الثانوي»! وكيف كانت تعمل الورشات في أقصى نشاطاتها لتدريب المدرسين للتعليم المتطور للحاق بركب العالم ومتابعة أفضل المناهج الدراسية، وكيف أن ترقية المدرسية كانت تتم اتوماتيكا بارتفاع رواتبهم بحسب جهودهم التي يبذلونها في مواصلة التعلم واكتساب مهارات وهم في الوزارة ذاتها ومن دون الحاجة إلى التنقل الوظيفي لارتفاع الراتب!

لقد كانت تلك الفترة تمثل العصر الذهبي للتعليم بشهادة كل من كان في الندوة ومن خلال التعليقات الايجابية الكثيرة جدا وهم يؤيدون فخرو فيما قاله ومعظمهم كانوا من التربويين ومن عاصروا تلك الفترة!

إذا، أين الخلل؟ ما الذي حدث بعدها؟ لماذا لم تستمر تلك الجهود المضنية وتحقق ثمرتها إلا ربما وقتيا؟ لم تقتطع تلك الفترة المضيئة من تاريخ البحرين الحديث ليأتي اليوم الأجانب ويقررون الصالح لنا «كأنهم جابوا الذيب من ذيلة»؟

ونعيد السؤال: لماذا لم تتواصل تلك الجهود... يتساءل فخرو! ومع عدم إجابته لشئون خاصة! ربما أو لتحفيز السؤال أتسأل بدوري: لماذا لا تقوم وزارة «التربية» بدورها في التطوير حتى لا نلجأ لمؤسسات خاصة تأخذ الملايين؟ أنا أقول!

هل هي السياسة المتقطعة في تغير واستبدال المديرين والوكلاء الدائمين والمشرفين على الدورات التدريبية، وخلق مجموعة جديدة، ليست لها تلك الكفاءة في مواصلة المشوار؟ أم هو غياب الرأس المدبر والمتحمس للتطوير؟ أم هو خلل بيئي في طبيعة شعبنا الذي تخاذل أمام الجهود المضنية للتواصل الحضاري والتقدم؟ أم عدم الثقة بإعطاء البحرينيين فرصة للتدريب والتنفيذ؟

كان من الأجدر النظر في تلك الأجندة ومعرفة السبب وراء توقف تلك البرامج أو تعثرها قبل البدء والإصلاح من جديد. ذكر ذلك فخرو ثانية.

وأقول: هل نحن ضعاف ونستسلم دائما أمام الأجنبي لنختبئ في ثنايا الزمان ونعتقد أن عقدة الخلاص لن تأتينا إلا من أصحاب الخدود الحمر؟ أم نحن شعوب مقهورة لا يرى زعماؤها الحقيقة ولا يعطى أبناؤها حق قدرهم من الفرص والوقت للاستثمار الحقيقي؟ ما الذي يعطي القادم الأجنبي الأمل بأن مشروعاته ستثمر ثمرة ذهبية منتظرة لإصلاح السوق؟ كم سيستغرقه من الوقت لذلك وهو غريب ولا يعرف شيئا عن حضارة وعادات أهل هذه البلاد ومآسيه؟ أم هو هنا لقضاء بعض من الوقت في بلاد الشمس للاستمتاع وأخذ رزق شعبها والمضي لنصبح ذكرى من ذكرياته الجميلة في تدليل الأجنبي وإذلال أبنائنا؟

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً