لا بدّ من الاعتراف بالطرف الآخر وبحقوقه المدنية المشروعة؛ لانّ عدم الاعتراف معناه المعاداة والتمييز أيضا، وبالتالي فإنّ حال الاستقرار يظل غائبا تماما كما هي الحقوق.
البحرين التي كانت الرائدة في يوم من الأيام هي حاليا رائدة بين دول المنطقة (للأسف) في تعزيز ما ورد أعلى هذه السطور، وهو ليس وليد اليوم بقدر ما هو نتاج ترسبات تاريخية وممارسات طويلة الأمد، أدخلت مفاهيم تميز هذا البحريني عن ذاك سواء بلهجته أو طلته أو عرقه أو غير ذلك من الأمور التي أوجدت في أوساطنا المحلية مجتمعا عنصريا سواء بالكلام أو الممارسة بينما بقي مَنْ هم يؤمنون بالوطنية قلة إنْ لم يكونوا يصنفون على ما يؤمنون به بالتفاهات.
إنّ مَنْ ما ساهم في تنامي ذلك ليس المجتمع بقدر ما هي الدولة التي تنظر فقط من منظار مصلحة الجماعة الواحدة، وهو بدوره ما عطل البحرين أنْ تلحق بركب التطوّر واختفاء عامل الاستقرار الاجتماعي بسبب غياب العامل الاقتصادي والسياسي وحتى قيمة الإنسان نفسها، فبقى الطموح والإبداع والابتكار محصورا في بوتقة الجماعة الواحدة صاحبة الامتياز من دون الغير بينما مشاركة باقي الأطراف في المجتمع غير محتسبة إلا إذا جاءت بعضها نتيجة حسابات أخرى.
ومع أنّ هذا الأسلوب متفاقم وفاحت رائحته، إلاّ انه ما عاد يجدي نفعا في أيامنا هذه ولا حتى في ضخ الأموال لأشخاص يدورون في أكثر من موقع... تتكرر أسماؤهم كما تتكرر حال أسماء إنجازات الجماعة الواحدة، حتى تبدو البحرين وكأنها خاوية من الكفاءات والمفكّرين والمبدعين من خارج هذه الدائرة، فلا نصيب للمجتهد ولا المتفوق ولا أصحاب العقول.
ونبقى في النهاية نهلل لإنجازات وتفوق شكلي من دون أنْ نلتفت إلى أننا نصنع مجتمعا عديم الفائدة مشلول الإرادة والابتكار بسبب اللف وراء دائرة الفلك الواحد... فتغيب المعرفة عن المجتمع التي من دونها لا نستطيع اللحاق بركب التقدم الحقيقي؛ لانّ ببساطة لا مكان للمواطن أنْ يبدع ويخلق شيئا أو يبتكر لوطنه بسبب هذه الفلسفة والسياسة التي تؤخر المجتمع وتوصله إلى هلاك منتظر.
هذا الهلاك الذي قد يجعلنا مع الزمن في ذيل قائمة التطوّر ولكن في مقدّمة التخلّف والفرقة على حساب مصالح معينة لا تأبه بباقي نسيج المجتمع البحريني في بناء مجتمع توّاق للمعرفة والتقدّم.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1896 - الأربعاء 14 نوفمبر 2007م الموافق 04 ذي القعدة 1428هـ