العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ

«التنمية»... وعرقلة الصناديق الخيرية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل عامين، اجتمعت وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي وأركان الوزارة بمندوبي الصناديق الخيرية لحلّ الإشكال الذي أوقعتها فيه إحدى الموظفات، عندما أرسلت خطابا متشنّجا عبر الفاكس، تتهدّد فيه الصناديق الخيرية بالتحوّل خلال شهر واحد إلى جمعيات، وإلاّ فإنها غير شرعية وخارجة على القانون!

وقع الفاكس على رأس إدارات الصناديق الخيرية كالمطرقة، فهي لا تدري ما هي (السالفة) أصلا، فلماذا طلب التحوّل خلال شهر؟ وما الفرق بين الصندوق والجمعية؟ ولماذا لغة التهديد؟ وهل عدنا إلى «أمن الدولة»؟

وتبيّن أن هناك ثغرة قانونية اكتشفتها الوزارة بالصدفة بعد عشرين عاما من تدشين تجربة الصناديق، فحاولت أن تصحّحها بطلب تحوّلها إلى جمعيات، لتتمكّن من جمع التبرعات واعتماد الإدارات القادمة عن طريق الانتخابات.

في اللقاء المذكور، كانت لهجة الوزارة تصالحية، ربما لشعورها بالذنب لما سبّبته من إرباك و«رعب» للصناديق، فتم توضيح الإشكال، ووعدت الوزيرة بالإبقاء على مسمى «الصناديق»، وتحمّل أية كلفة مالية لعملية التحوّل.

وفي نهاية اللقاء، وقبل أن تغادر الوزيرة القاعة، وجّهتُ لهاسؤالا محددا: مادمتم في مجال تعديل الأوضاع القانونية، فلماذا لا تحاولون أن تضعوا قانونا خاصا للصناديق الخيرية؟ فهي تختلف تماما عن الجمعيات السياسية، وعن الجمعيات العائلية المغلقة، وقد أصبحت مفردة لا يمكن الاستغناء عنها في مجال تنمية ورعاية المجتمع، وشريكا في تحقيق أهداف الوزارة العليا. فأجابت الوزيرة حينها بأن الوزارة عاكفةٌ على دراسة قانون جديد يشمل الجمعيات جميعا، وليس هناك حاجةٌ لقانون خاص، لكي لا تكثر القوانين، وخصوصا أن إصدار أي قانون يستغرق وقتا طويلا للتنقل بين الجهات الحكومية المعنية ومجلس النواب.

اليوم، ضاع علينا عامان كاملان، دون أن نصل إلى حلٍّ أو يتحوّل صندوقٌ واحدٌ إلى جمعية، بفعل التعقيدات البيروقراطية المتلبسة بالقوانين. وحتى حينما حاولت الوزارة تمرير «التحوّل» عبر مرسوم ملكي من وراء ظهر مجلس النواب انتفض المجلس ثأرا لكرامته.

خلال العامين الضائعين أيضا، حضرتُ عددا من الاجتماعات التي تداعت إليها الصناديق الخيرية (في مأتم سار الكبير وكرباباد) أسفرت عن قبول الغالبية بقرار التحوّل، بعد مشاورات قانونية مع المحامين، ولكن كان واضحا مقدار الشكوك التي تسيطر على إدارات الصناديق من وجود أهداف «خفية» للوزارة، تتجاوز ما هو معلن، من مجرد محاولة حلّ إشكال قانوني.

اليوم، وللعلم، فإنّ هناك كثيرا من مجالس الإدارات انتهت ولايتها منذ فترة، وكانت ترفض المغامرة بالتحوّل، فربما تضع الوزارة معوقات جديدة بعدم اعتماد أسماء المجالس المنتخبة، وعدم التصديق على التوقيعات المعتمدة لإنجاز المعاملات المالية الشهرية، وبالنتيجة تكون الأسر المحتاجة أول المتضرّرين.

عصر الأحد الماضي، حضرت اجتماع ممثلي الجمعيات الأهلية مع ممثل المركز الدولي لقانون الجمعيات غير الربحية كريم بيار، إذ أعاد مندوبو الصناديق المطالبة بقانون خاص بالصناديق؛ لأن أكثر ما تم نقاشه في مسودة القانون الجديد في الأيام الأخيرة لا يخصهم. وضرب أحدهم مثلا على عدم عقلانية الخلط بين جمعيات ذات أهداف تثقيفية أو صحية محدودة الأعضاء وذات اهتمامات «كمالية» كرعاية الحيوانات، وبين 84 مؤسسة خيرية تقدّم مساعدات ضرورية وماسّة لعشرات الآلاف من «البشر» الفقراء الذين يصارعون الفقر والحاجة في قاع المجتمع. أفلا يستحق الاقتراح إعادة النظر؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1895 - الثلثاء 13 نوفمبر 2007م الموافق 03 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً