العدد 2276 - الجمعة 28 نوفمبر 2008م الموافق 29 ذي القعدة 1429هـ

الحق في التربية والتربية على الحق

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

إحدى الندوات المتميِّزة التي نظمها معهد البحرين للتنمية السياسية، والتي كانت محل اهتمام المعنيين بقضايا حقوق الإنسان هي «التربية على حقوق الإنسان - الحق والواجب»، للمستشار بديوان وزير العدل المغربي إدريس نجيم - وهي خطوة في الاتجاه الصحيح - إذ أدرك القائمون عليها دور المجالس الرمضانية في تعزيز روح التواصل بين مكونات الشعب البحريني.

إن الحديث عن موضوع التربية على حقوق الإنسان - كما يرى نجيم - هو حديث عن المدى العام لتنمية الثقافة وتحديث المجتمع، ذلك أن التطلع إلى التنمية والتحديث لا يتم دون استحضار جملة من المتطلبات النظرية كالحق في التعليم وفي المساواة والكرامة والتسامح، ودون استحضار البنية المعرفية لثقافة حقوق الإنسان وجهازها المفاهيمي والقيمي والسلوكيات التي تنبثق عنها، فـ «الحق في التربية والتربية على الحق» - والكلام لا يزال لنجيم - صنوان لا يفترقان، إذ يضمن الأول حق النفاذ إلى تعليم جيد وتكوين فعال، ويجعل الآخر مضمون هذه التربية يسهم في التفتح الكامل للأفراد.

لم يعد التعليم مجرد حق إنساني فحسب، وإنما ضرورة أولية وملحَّة للعيش على وجه هذا الكوكب، وتكون الدولة مسئولة عن التشريعات التي تنصُّ على إلزامية التعليم ومجانيته للجميع دون استثناء.

يشكل التعليم في الدول المتقدمة «أمنا وطنيا»، والذي من أجله يجب أن تتكامل الجهود من أجل أن توفر له كل الإمكانيات في عملية التنمية والبناء، في الوقت الذي يقوم التعليم في العالم العربي - وللأسف الشديد - بصورة أساسية على استخدام المعرفة بدلا من إنتاجها!

دعونا نعترف بأن البحرين حققت للعام الثاني على التوالي إنجازا جديدا في مجال تحقيق أهداف برنامج الأمم المتحدة للتعليم للجميع للعام 2008، بحسب التقرير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، الذي تمَّ تدشينه رسميا في نيويورك، فهي البلد العربي الوحيد المصنف ضمن الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع، وهي:

1. تعميم التعليم الابتدائي، والمتمثل في مؤشر معدل القيد الصافي في المرحلة الابتدائية.

2. محو أمية الكبار، والمتمثل في مؤشر معدل محو الأمية.

3. التكافؤ بين الجنسين، والمتمثل في مؤشر معدل التكافؤ بين الجنسين.

4. جودة التعليم، والمتمثل في مؤشر معدل البقاء حتى الصف الخامس الابتدائي.

وهي تشمل الطلبة القابلين التمدرس، سواء أكانوا من العاديين أم من ذوي الاحتياجات الخاصة.

لا يساورنا الشك في أن هناك ارتفاعا ملحوظا فيما يتعلق بمؤشر التعليم الابتدائي وأعداد الملتحقين والمقيَّدين، كما أن تعليم الكبار يحظى بإقبال كبير، ضمن مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين على جميع المستويات، غير أن مفهوم جودة التعليم ليس شعارا، وليس علامة نجاح بحد ذاته، وإنما الجودة فن إداري متقدم، يجمع بين آليات متكاملة تتفاعل مع بعضها، وذات قابلية للتطور، ومن بينها إدارة المشروعات بحرفية عالية، وفي جدول زمني سريع، بمهارات وسلوكيات متميزة، والاستفادة القصوى من نظم المعلومات الحديثة.

ما ذكرته منسقة منتدى البحرين الوطني للتعليم للجميع فائقة سعيد الصالح صحيح بأن «الالتزام الجماعي بتحقيق التعليم للجميع هو مسئولية مشتركة، ولا تقع على عاتق الحكومات ووزارات التربية والتعليم فقط، بل هو مسئولية المجتمع بأكمله».

منذ تدشين خطة إصلاح التعليم في البحرين في يونيو/ حزيران 2007م، ونحن نرى أن إصلاح التعليم يبدأ بالمعلم البحريني الذي يشكل الحلقة الأهم في ثلاثية إصلاح التعليم والتدريب (الوزارة، والمعلم، والطالب).

إن المعلم البحريني لا بدَّ أن يكون شريكا في صنع القرار لتحقيق إنتاجية كبيرة بإيقاع سريع، فعندما نتحدث عن تمهين التعليم، فإننا لا نجد تفسيرا لبقاء المعلم على الدرجة الاعتيادية، فلماذا لا يُمنح الدرجة التخصصية تماما كالطبيب والمهندس؟

بعض الكفاءات من المعلمين المتميِّزين بالتعليم الثانوي الصناعي فضَّل الانتقال والعمل بوظيفة مهندس في إحدى الوزارات ليتقاضى راتبا ضعف راتبه في قطاع التعليم، لنسمع اليوم عن توظيف معلِّمين من دول جنوب شرق آسيا في التعليم الصناعي!

في الدول المتقدمة تختار من بين أفضل الخريجين للعمل في مهنة التعليم، فدولة مثل سنغافورة (ونحن كثيرا ما نتغنَّى بتجربتها الرائدة في التعليم) تختار من أفضل 30 في المئة من خريجيها، فهي من المهن التي تحقق دخلا مرتفعا.

دعونا نتفق بأن موازنة التعليم التي لا تتعدى 12 في المئة من الموازنة العامة للدولة غير كافية لإحداث تغييرات نوعية وجذرية في التعليم. فالحق مرتبط بالسياسة التعليمية، والسياسة مرتبطة بالموازنات المخصصة للتنفيذ، كما أن لدينا برنامجا لإصلاح التعليم والتدريب، ولكن كيف سيتم تنفيذه في ظل شُحِّ الموارد المالية للوزارة في الموازنات المخصصة لتطوير التعليم؟

ثمة حاجة إلى أن تبادر السلطة التشريعية بغرفتيها (الشورى والنواب) باتجاه تحقيق موازنة تفي بتنفيذ بنود استراتيجية التعليم في المملكة

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 2276 - الجمعة 28 نوفمبر 2008م الموافق 29 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً