العدد 2276 - الجمعة 28 نوفمبر 2008م الموافق 29 ذي القعدة 1429هـ

ما حقيقة شركة «باتون بوغز»؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

سؤال من حقنا أن نجد له جوابا واضحا ومقنعا من الحكومة التي تعودت أن تنسج برامجها ومشاريعها الخاصة بعيدا عن أعين الرقابة، فلا وصي عليها ولا حسيب ولا رقيب، فبدلا من وضع برامجها وسياساتها بغرض تحقيق العدل والمساوة بين المواطنين بلا تمييز وبلا منغصات طائفية، نجدها تهرول بصورة غير عادية تجاه التوجهات التي قد تثير الشارع البحريني وتترك عند مجموعة غير قليلة من أبناء الشعب أحقادا وكراهية ليس آخرها ما كانت ترجوه من إثارة القلاقل بين سكان مدينة المحرق المدينة المتعايشة والتي يضرب فيها الأمثال.

أصعب ما يكون أن تكون هناك حساسيات بين بشر اعتادوا المشاركة والتعايش السلمي في جميع المناسبات وفي كل الظروف والأحوال وباتوا لحمة واحدة لا يمكن تفكيكها مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال. اليوم وبسبب الرغبات المتوافرة لدى البعض نجدهم يحاولون اللعب على قناعات البسطاء من الناس التي صارت هي الورقة الرابحة والمرجحة لديهم، وخصوصا أن هناك أناسا سطحيين وبالتالي بالإمكان استغلال حسن نواياهم وبساطتهم لإيقاعهم في شباك الخداع والتضليل.

وإلا ماذا ستقول الحكومة وماذا سترد هذه المرة على ما كشفه النائب جاسم حسين من فضائح يشيب لها رأس الطفل الصغير فما بالكم بالوطنيين المخلصين الذين يحبون البحرين ويرجون لها كل الخير؟

ما كشفه النائب حسين في الأيام القليلة الماضية بأن الحكومة تعاقدت مع شركة (باتون بوغز) الأميركية المتخصصة في مجال العلاقات العامة لدحض ما تطرحه المعارضة بشأن ملف التمييز في البحرين، حيث أشار إلى أنه بموجب العقد ستكون ملزمة بالترويج في الأوساط السياسية والرأي العام في الولايات المتحدة بعدم وجود سياسات تمييز رسمية في البحرين ضد أبناء الشعب على أسس مذهبية، وإن هذا يأتي في أعقاب ندوة الكونغرس التي عقدت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت بشأن التمييز في البحرين والتي شارك فيها النائب حسين، وأثار حفيضة الحكومة من جراء ما كشف في الندوة من فضائح النظام وتورطه الفاضح في أساليب التمييز في البحرين، أما عن قيمة العقد الموقع بين الطرفين، فقد كان طامة كبرى أخرى، حيث أنه من المتوقع أن تزيد الفاتورة الشهرية للعقد عن 100 ألف دولار أي نحو 38000 دينار.

بعد ما كشفه النائب نفسه من خذلان الحكومة من خلال ممارسة التمييز ورفض الاعتراف بالأخطاء طوال السنوات الماضية لغرض تصحيح المسار من خلال الاستماع إلى كل الأصوات الوطنية التي تؤكد أن هناك تمييزا لا يمكن التستر عليه أو تلميع الصورة، فالصورة باتت واضحة ولا يمكن حجبها تماما كأشعة الشمس، نجد أن الحكومة اليوم ترجع من جديد لتصر على نفس الأسلوب في التعاطي ونفس المنهجية، منهجية التنكر ومحاولة تبييض صفحتها وتكذيب الطرف الآخر وتتهمه بأنه يدعي ويتقوّل، كعادتها في الدفاع وعدم مواجهة الموقف، حتى لو اضطرها الأمر إلى أن تصرف ما تصرفه على خططها وبرامجها الجهنمية التي من خلالها تحاول دحض ما تراه المعارضة من رؤى ومن تصورات، من مال الشعب الذي يجب أن يصرف في أوجه التنمية وتحقيق الرخاء والرفاهية لهم ومن طاقتها بدلا من صرفها في الأمور الإيجابية والتي يتطلع لها المواطن، ولكن ليس من الخيارات طبعا أن يعترف بأخطائه لأن باعترافه يعني كشف وإزالة القناع الذي لطالما حرص على بقائه ليواري به أفعاله المتعارضة مع حقوق الإنسان والمتناقضة مع ما يذهب به النظام من سياسات خارجية تؤكد على شعارات فضفاضة وهمية غير حقيقية ليكون المتميز والسباق إعلاميا والمتجاوز للمعاهدات الدولية داخليا.

من التجارب السابقة والتي تُعَدّ في الغالب قليلة جدا ولكن لها إيقاع قوي وكبير ليس فقط على الرأي العام بل على الحكومة نفسها التي يرعبها الذهاب بالملفات إلى الخارج، يتضح أن ما يزعج النظام بالفعل هو المشاركات الخارجية التي تكشف الحقائق كما هي، ولنا في المثالين السابقين مشاركة كل من النائبين جاسم حسين وجواد فيروز أمثلة صارخة. فبدلا من مواجهة الموقف يضطر ما سميناهم بـ «البعض» حينها إلى زرع فتن داخلية وتأليب الوضع من خلال إثارة مفاهيم غير صحيحة وغير دقيقة كالاستقواء بالخارج وتشويه صورة البحرين أو المشاركات غير القانونية. بدورنا نتفهم موقفهم ونشعر بحجم الضرر الذي يقع عليهم، وبالتالي عليهم أن يصححوا الأوضاع بدلا من الاضطرار إلى اللجوء للخارج، فالمشاركات التلميعية والتي تتمسك بها الحكومة من خلال إصرارها على إرسال الممثلين الرسميين باتت مكشوفة وغير مصدقة وشتان بين الواقع والخيال.

علينا الاستمرار في المشاركات الخارجية لنؤكد من خلالها أن الحقوق التي لا تُعطى لنا يجب أن تُسترد، طالما لم تعدم الحيلة ولا الوسيلة وطالما أن هناك سبلا أخرى غير مطروحة داخليا.

ونتطلع لنسمع ردود الحكومة التي تؤكد مبدأ عدم قانونية المشاركات الخارجية والاستقواء بالخارج وهي اليوم ترتمي في أحضان الشركات الأجنبية لا بغرض تصحيح الأوضاع القائمة بل من أجل تشويه الصورة الحقيقية بأخرى لا وجود لها في الواقع، والبحث عن الحقيقة قصة فصولها عديدة والبحث عنها عليه ألا يكل ولا يمل، فما عساها أن تقول الحكومة هذه المرة، في قصة باتون بوغز؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2276 - الجمعة 28 نوفمبر 2008م الموافق 29 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً