حسب تقرير برنامج الغذاء العالمي التابع إلى الأمم المتحدة، بشأن أزمة الفقر والجوع في العالم، فإن أكثر من 850 مليون إنسان يعانون من الجوع المزمن حول العالم، وإن أكثر من 155 إنسان يموتون يوميا بسبب نقص التغذية والأمراض الأخرى المتعلقة به، فيما يعاني نحو سدس البشرية من سوء التغذية بسبب الفقر المدقع.
ووفقا للدراسة الجديدة التي نشرها البرنامج العالمي للغذاء في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإنه من المتوقع أن تسوء الأوضاع الاقتصادية في العديد من مناطق العالم وبخاصة الفقيرة منها بسبب الجفاف والتصحر وتطور الوقود الحيوي والغلاء الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية المعيشية اليومية للمواطنين التي غزت العالم برمته خلال الفترة الأخيرة.
وصدرت الدراسة بمناسبة اليوم العالمي للغذاء لهذا العام 2008، من أجل سبل التنمية ومساعدة الفقراء والحد من مظاهر الجوع التي أخذت تنتشر بشكل مخيف في مختلف بقاع العالم ولاسيما تلك التي تشهد الجفاف والتوترات العسكرية والأمنية.
وشهد العالم في 17 أكتوبر 2008، تظاهرات حاشدة شارك فيها أكثر من 42 مليون إنسان، رددوا خلالها صيحات المطالبة بمساعدة فقراء العالم ووقف تبذير ثروات الشعوب على الحروب وسباق التسلح، وبمساندة الأهداف التنموية التي وضعتها الأمم المتحدة لتدليل العقبات التي يواجهها القضاء على مختلف مظاهر الجوع والفقر المزمن.
وقال المقرر السابق في الأمم المتحدة لشئون الحق في التغذية جان زيغلر، إن مشكلة الجوع أخذت تتسع بشكل خطير لتشمل مناطق جديدة في العالم وفئات وشرائح اجتماعية متعددة شعرت بوطأة الأزمة المالية العالمية، بحيث وصف المشكلة بأنها «جريمة ضد الإنسانية» يجب التصدي لها، ومنددا في الوقت ذاته، بسباق تطوير الوقود الحيوي والمضاربات على المواد الغذائية الأساسية المثيرة لقلق الفقراء في العالم، وأضاف «ان هناك نحو 802 مليون إنسان عانوا من نقص التغذية خلال العام 2004 خاصة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يعادل زيادة بنحو 10 ملايين إنسان».
وبسبب الفجوة العالية في مستوى الفقر والثراء في العالم، حذر جان زيغلر، من أن النقص الحاد في الغذاء سيعزز من شعور الكراهية للولايات المتحدة الأميركية والغرب الذي ينفق الثروات الهائلة على الرفاهية والترف والصراع على إنقاذ مصارفهم الخاوية من الإفلاس في البلدان الفقيرة التي تتضور شعوبها من الجوع والظمأ، وقال «إن ما يحدث اليوم هو بحق جريمة ضد الإنسانية، وإن كل طفل في العالم يقضي جوعا يتعرض للاغتيال الشنيع».
وفي الدراسة التي أعدها البنك الدولي قبل عدة أسابيع من الآن حول أسباب مظاهر الفقر والجوع في العالم، أن مستويات الفقر اليوم، تخطت السقوف المتوقعة لها، حيث أن هناك أكثر من 104 مليارات فقير في مختلف مناطق العالم، استنادا إلى كل فرد لا يتجاوز دخله اليومي 1,25 دولار أميركي، يعد أنسانا فقيرا، وتبدو الأرقام مخيفة جدا عندما نلاحظ تجاوزها لكل التوقعات التي أشارت إلى عدم تجاوز سقوف 985 مليون فقير مفترض في العالم، وتشير الدراسة إلى أن الفقر تبقى ظاهرة مقلقة ومخيفة ويصعب تجاوزها بوضع حلول ترقيعية جاهزة، من دون التعمق في جوهر أسبابها الخطيرة والقاتلة.
وتقول مستشارة منظمة «أوكسفام للإغاثة» اليزبيث ستيورات، إن هذه الأرقام خطيرة حقا وستبقى قاتمة بالنسبة إلى مشاريع البنك الدولي، وقد نصحت بالضرورة الملحة لعمل المستحيل من أجل معالجة أزمة الفقر المتسعة عالميا، وشددت بشكل خاص على الاهتمام بمنطقة جنوب الصحراء الإفريقية حيث يعيش أكثر من نصف سكان القارة في فقر مدقع منذ أكثر من ربع قرن من الزمن.
وتشير بعض الدراسات، إلى أن عدد الفقراء قد تضاعف في عموم القارة الإفريقية منذ أواخر العام 1981 حتى العام 2005، حيث ارتفعت نسبة الفقراء من 200 مليون إنسان إلى 280 مليونا، كما ازدادت هناك حدة الفقر حيث لا يتجاوز معدل الدخل اليومي للفرد 70 سنتا للدولار.
ومن جهتها، حذرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) من صعوبة المحافظة على بعض المحاصيل الزراعية في العديد من مناطق العالم وخاصة في شمال إفريقيا حيث أوضحت البيانات العالمية الأخيرة، إلى تزايد إعداد الجوعى في مناطق الجفاف الإفريقية، وأما بالنسبة إلى الفقر في منطقة جنوب آسيا، فإن المنطقة مازالت تمثل النسبة الأوسع من الفقراء حيث بلغت اليوم 595 مليون إنسان منهم 455 مليونا في الهند وحدها، وأشارت إحدى الدراسات إلى أن 8 دول عربية وإسلامية من بين 20 دولة في العالم مازالت تواجه صعوبات بالغة في محاولات القضاء على الجوع وسوء التغذية والفقر المدقع.
ولكن على رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تحدت العالم بعد الأزمة المالية الأخيرة، يرى خبراء الاقتصاد العالمي، بأن الأوضاع الصعبة هذه الأيام يمكن أن تتعافى تدريجيا في المدى القريب، إذا ما قرر الأغنياء، عدم تناسي الفقراء والجياع في العالم في غمار السعي المحموم وراء التصنيع والتحديث والثراء الهائل، حيث ان سلامة الاقتصاد العالمي هو الشرط الأول والأهم لتجاوز الأزمة المالية الراهنة وإنقاذ ملايين الناس من الفاقة والجوع، وإذا لم يحدث ذلك فإن موجات متواصلة من الفقراء والجوعى ستغزو العالم من أقصاه إلى أقصاه على المديين الراهن والمستقبلي القريب، حيث تقدر الإحصاءات بأن هناك أكثر من 155 مليون إنسان مهددين بالوقوع فريسة في براثن الفقر.
ولهذه الأسباب القهرية مجتمعة، حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من تصاعد مخاطر الفقر على سلامة الأمن والاستقرار العالمي، وقال في كلمته لمناسبة إحياء اليوم العالمي لمكافحة الفقر، إنه لا يزال هناك مئات الملايين من البشر يعانون الحرمان من حقوق الإنسان الأساسية مثل الغذاء والدواء والسكن والتعليم وظروف العمل اللائقة، حيث غالبا ما يواجه المجبرون على الفقر عمليات الإقصاء الاجتماعي والتمييز والضعف ويسلب الفقر والعوز المادي من كرامتهم البشرية، وأوصى الأمين العام في كلمته جميع الدول باتخاذ الإجراءات الضرورية واللازمة التي من شأنها تحسين مستويات المعيشة لكل مواطنيها ورفع فاعلية الخدمات الإنسانية واعتماد التنمية على إنعاش القطاع الزراعي بالسبل التقنية العلمية في ضوء الحاجة الماسة إلى مضاعفة الموارد الغذائية في العالم لمواجهة النمو السكاني المطرد، باعتبار أن الزراعة مازالت تعتبر من أهم قطاعات الاقتصاد لخلق فرص العمل والدخل القومي في البلدان الفقيرة.
وعند التوقف أمام تلك الأرقام المخيفة حقا حول مستوى الفقر والجوع في مختلف مناطق العالم، فاإن أمرا كهذا يحتم على جميع المؤسسات الرسمية والأهلية الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان أن تأخذ بذلك مأخذ الجد، وتدعو بسرعة لوضع الحلول الناجعة لتخفيف معاناة ملايين الفقراء والجوعى حول العالم، ونشر التوعية الضرورية بحقوق الإنسان
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 2276 - الجمعة 28 نوفمبر 2008م الموافق 29 ذي القعدة 1429هـ
شنو .؟
مساكين ثانكس