العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ

يا «تربية» اصلبي هؤلاء

ميثم العرادي comments [at] alwasatnews.com

أجزم بكل يقين وثقة بأنه لو استطلعت رأي أي مواطن شريف يعيش على هذه الأرض الطيبة عن أسوأ حقبة تاريخية سمع بها في حياته وابتلي بها هذا الوطن وهذا الشعب، فإنه سيجيبك من دون تردد أو شك بأنها حقبة «أمن الدولة» لا رحمها الله ولا رحم الله كل من يترحم عليها.

تلك الحقبة القذرة التي أفرطت في سحق كرامة الشرفاء وامتهان إنسانيتهم وتهميشهم والتسلط على أرزاقهم والسعي إلى تجويعهم، هي ذاتها الحقبة التي استفاد منها الانتهازيون للوصول إلى مواقع لا تناسبهم ولا يناسبونها، ولا ترتجى من تمركزهم فيها أية مصلحة وطنية.

قبرت تلك «الجرثومة السوداء» بتوجيهات سديدة من جلالة الملك المفدى، الأمر الذي أشادت به جميع المحافل الحقوقية الدولية، ورقصت على أنغامه شرايين الاقتصاد الوطني، ورفرفت في فضائه أجنحة الحرية بشكل أزعج عشاق الظلام، حتى اتجهوا إلى محاولة استسقاء «البعث» وإعادة الحياة إلى مرحلة تفوح بدماء الشهداء من جميع أطرافها.

يعمل هؤلاء الظلاميون على استنساخ تجربة إحدى وزارات السيادة التي أبدعت يوما في تطبيق مهارات القمع لتجربتها في وزارة التربية والتعليم، التي يفترض فيها أن تكون جنة الحرية في التفكير والتعبير والمساواة في الحقوق والواجبات وعدم التمييز بين الأفراد، وإلا فما معنى أن يستغيث من ضاع حقه في هذه الوزارة راجيا ألا يذكر أي شيء عنه وألا تعلن مظلوميته خوفا من استهدافه في الجور والتمييز مجددا؟!

لماذا يخافون الحقيقة وترتجف أطرافهم لمجرد سماعهم أسماء بعض الشخصيات المتسلطة في هذه الوزارة، التي كانت سببا مباشرا في هدر المال العام عبر السماح للمتسلقين بتسور الوزارة والخوض في أروقتها بلا حسيب ولا رقيب.

معلمون يستحقون الرصاص أولئك الذين ارتضوا لأنفسهم سرقة اللقمة التي تخص أطفال زملائهم وتلقيمها إلى أفواه أطفالهم حراما ونارا لا تموت.

أعرف بالاسم الثلاثي، وبالرقم الشخصي، وبالعنوان، اثنين من المدرسين أحدهما استفاد من قانون «أمن الدولة» قبل وبعد انتهاء العمل به، والثاني تضرر منه قبل إلغائه ومازال متضررا منه حتى اليوم، لنسمي المتمصلح من القانون السيئ الصيت (دواس) ولنطلق على ذلك الفقير اسم (دايسينه دوس) وهو قريب من الأسماء المتداولة في روسيا... عموما لنبدأ المقارنة وسأترك التعليق لكم، ولكل من يدعي الموضوعية في وزارة التربية والتعليم.

- دواس طيب وخلوق والحق يقال،كذلك دايسنيه دوس.

- دواس دخل جامعة البحرين في تخصص ما لم يوفق فيه فتم توقيفه وشطب اسمه لأسباب تحصيلية، أما دايسينه دوس فدخل جامعة البحرين في تخصص ما أبدع فيه وتم توقيفه لأسباب مرتبطة بقانون أمني طالب الكثيرون بإنهائه.

- دواس عاد إلى الجامعة في تخصص جديد وبرقم أكاديمي جديد وفي مؤشر جديد على وجود فساد إداري في مؤسسة مرموقة، أما دايسينه دوس فعاد إلى الجامعة في ظل توجهات إصلاحية لاقت ثناء من الجميع.

- دواس تخرج بمعدل متواضع وتخرج دايسينه دوس بمعدل متفوق.

- دخل دواس امتحان وزارة التربية والتعليم للتوظيف وجلس قريبا من دايسينه دوس وكانت النتيجة أن دواس رسب في الامتحان، فيما نجح دايسينه دوس، وطلب منه استكمال اجراءات التوظيف.

- دواس أعاد الامتحان مرة أخرى مع فئة تدخل الامتحان للمرة الأولى، فيما كان دايسينه دوس ينتظر اتصالا يبشره بانتهاء إجراءات توظيفه.

- دواس تم توظيفه وإعطاؤه حق اختيار المدرسة التي تناسبه، أما دايسينه دوس فوعدوه خيرا و «اسمك في اللسته... الصبر زين».

- بعد عشرة أيام تقريبا من مراجعات دايسينه دوس والتلويح بفضح هذه التجاوزات، تم توظيفه في مدرسة بعيدة (يا زعم عقاب).

- جمعت الأيام بين دواس ودايسينه دوس في مدرسة واحدة اتجهت إلى تفضيل دواس وإعطائه الصلاحيات الأكبر والامتيازات، من قبيل تخفيض النصاب وإقحامه في مجلس الإدارة لأنه أقدم في التوظيف بعشرة أيام!

- يتوقع أن يسند إلى دواس في الأيام المقبلة مركز مهم في وزارة التربية شأنه في ذلك شأن من سبقوه من أصحاب الحظ الجميل.

- العلاقات الأخوية بين دواس ودايسينه دوس مازالت فوق الممتازة على رغم هذا التعصب في التفريق والتمييز بينهما.

الرجلان سيعملان كل من منطقه وكل من مرتكزاته وكل من القانون الذي استفاد منه أو تضرر منه، وهذا الأمر خطير من المنظور القريب، وخصوصا عند افتراض توارث هكذا قوانين واستنساخها في وزارات حساسة كالتربية، لاسيما أن ضخ الروح في أية عملية إصلاحية تستهدف تطوير الأوضاع الراهنة بشتى مناحيها يجب أن تبدأ دائما بإصلاح السلك التعليمي والمنخرطين فيه من رأسه حتى قاعدته، وخصوصا أولئك الذين يحنون إلى الحقبة الساقطة تربويا وأخلاقيا.

على رغم الأنباء التي نسمعها باستمرار عن ترقيات سرية وتنقلات تخدم عددا معروفا من العناصر غير المؤهلة، فإنني أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئا، وأن تكون كل الكلمات التي ذكرت أعلاه توجسات مهوس في حبك يا وطني، وللفساد بقايا... وللحديث بقية.

إقرأ أيضا لـ "ميثم العرادي"

العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً