حلت البحرين في المرتبة الأخيرة بين شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي في تقرير التنافسية الاقتصادية للعام 2007. وقد قدم التقرير تقييما للوضع التنافسي بخصوص 131 بلدا وإقليما في العالم. يشار إلى أن المنتدى الاقتصادي العالمي, الذي يتخذ من منتجع دافوس في سويسرا مقرا له, يصدر التقرير السنوي منذ العام 2001. وتمثل الاقتصادات المشمولة في التقرير نحو 98 في المئة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي في العالم.
12 ركيزة
يستند تقرير التنافسية إلى 12 ركنا أو متغيرا موزعة على 3 محاور رئيسية، هي أولا: الركائز الأساسية، وثانيا: محفزات الكفاءة، وثالثا: التطور والابتكار. وهذه الأركان عبارة عن: المؤسسات, البنية التحتية, استقرار الاقتصاد الكلي, الصحة والتعليم (محور الركائز الأساسية). أما الأركان الأخرى فعبارة عن التعليم العالي والتدريب, كفاءة سوق السلع, كفاءة سوق العمل, تطور سوق المال, الجاهزية التقنية, حجم السوق (محور محفزات الكفاءة). إضافة إلى ذلك, هناك ركيزتا تطور الأعمال والابتكار (محور التطور والابتكار).
تتمثل المنهجية المستخدمة في صوغ مؤشر التنافسية العالمية في جمع المعلومات العامة المتوافرة إضافة إلى استطلاعات رجال الأعمال (تم استطلاع وجهات نظر 11 ألف من قادة التجارة في 131 بلدا في العالم في التقرير الأخير). ويتم ترتيب الاقتصادات على أساس النقاط التي تحصل عليها في المؤشر المكون من 7 نقاط.
العشر الأوائل
جمعت الولايات المتحدة 5,67 من النقاط الأمر الذي أهلها للتربع على عرش التنافسية للعام 2007، تلتها مباشرة سويسرا التي جمعت 5,62 من النقاط. وحلت كل من الدنمارك والسويد وألمانيا وفنلندا وسنغافورة واليابان وبريطانيا وهولندا ضمن قائمة العشر الأوائل أو أكثر الاقتصادات تنافسية على التوالي.
بدورها حافظت سنغافورة على مركز الصدارة على مستوى قارة آسيا، ولم تكن النتيجة مفاجئة في أي حال من الأحوال نظرا إلى قدرة سنغافورة على فرض نفسها واحدة من أفضل الاقتصادات العالمية وذلك على رغم شح مواردها الطبيعية. ويكمن سر نجاح سنغافورة في وجود الرغبة لدى الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والناس في البقاء في المقدمة الأمر الذي يتطلب الاستثمار في الركائز الاقتصادية البشرية منها والمادية.
الكويت في المقدمة
غطى التقرير جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون بمن فيها السعودية وعمان وذلك للمرة الأولى. وكانت المفاجأة حلول الكويت في المرتبة رقم 30 عالميّا بعد أن جمعت 4,66 من النقاط، تعتبر هذه النتيجة الأفضل خليجيّا وعربيّا.
من جملة الأمور لاحظ التقرير أن المالية العامة للكويت في وضع متميز (الأفضل في العالم) على خلفية تحقيق الموازنة العامة فائضا مريحا. يعود هذا الأداء النوعي إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط، ويساهم القطاع النفطي بنحو 90 في المئة من إيرادات الخزانة. كما حصلت الكويت على تقديرات عالية في الركائز الأخرى مثل كفاءة البنية التحتية وذلك في إشارة إلى وجود شبكة طرق ضخمة تربط مختلف مناطق البلاد. كما لاحظ التقرير وجود سوق مالية ديناميكية توفر الأدوات المالية اللازمة للمساهمة في تمويل المشروعات.
قطر في المرتبة الثانية
بدورها حلت قطر في المرتبة رقم 31 عالميّا أي مباشرة بعد الكويت. وتمكنت قطر من تحقيق هذا المركز المتقدم على خلفية استثمارها في التعليم (لاحظ المدينة التعليمية في الدوحة التي بدورها تحتضن جامعات أميركية راقية من أمثال كرناجي ميلون). والحال نفسه ينطبق على الخدمات الصحية (يشار إلى أن الحكومة استثمرت أموالا ضخمة في مجال الخدمات الصحية في الفترة التي سبقت استضافة العاصمة القطرية النسخة الخامسة عشرة للألعاب الآسيوية في 2006).
إضافة إلى ذلك, حلت السعودية في المرتبة 35 عالميّا على مؤشر التنافسية الاقتصادية. وقد أشاد التقرير باستقرار الاقتصاد الكلي للمملكة لعدة أسباب، من بينها تسجيل فائض في الموازنة العامة. كما حل الاقتصاد الإماراتي في المرتبة 37 عالميّا أي الرابعة بين دول التعاون. من جملة الأمور, نبه التقرير إلى ظاهرة التضخم في الإمارات التي بلغت نحو 10 في المئة في العام 2006.
البحرين في المؤخرة
وكانت المفاجأة حلول البحرين في المرتبة رقم 43 عالميّا على مؤشر التنافسية ما يعني الأسوأ بين شقيقاتها في مجلس التعاون. وتمكنت البحرين من جمع 4,42 من النقاط على المؤشر المكون من 7 نقاط، ويعود هذا الأداء المخيب في جانبه إلى محدودية السوق إذ البحرين في المرتبة رقم 109 بين الاقتصادات المشمولة في التقرير وعددها 131 (يبلغ حجم الناتج المحلي للبحرين نحو 15 مليار دولار أي الأصغر بين دول المنطقة مقارنة بأكثر من 300 مليار دولار حجم الاقتصاد السعودي). في المقابل أشاد التقرير بمستوى نضوج قطاع الخدمات المالية في المملكة إذ حلت البحرين في المرتبة رقم 12 دوليّا أي الأفضل بين الدول العربية قاطبة.
دروس وعبر
لا شك هناك الكثير من الدروس التي يمكن تعلمها من تقرير التنافسية للعام 2007، حقيقة القول إذا أردنا أن يتمتع اقتصادنا بقدر كبير من التنافسية فلا مناص من اتخاذ بعض الخطوات التي تشمل تنفيذ مشروع إصلاح التعليم.
أيضا المطلوب تخصيص المزيد من الأموال لمشروعات البنية التحتية، مثل: الكهرباء بالنظر إلى شكاوى المستثمرين من عدم ضمان توافر الخدمة في الوقت المطلوب (كما أن ظاهرة انقطاعات الكهرباء طوال صيف العام 2007 تركت أثرا سيئا على سمعة ومكانة المملكة). إضافة إلى ذلك, المطلوب تسريع وتيرة تطوير شبكة الطرق. الملاحظ أن الحكومة خصصت مبلغا قدره 602 مليون دينار للمشروعات الإنشائية في موازنة العام 2006 بيد أنه تم صرف 457 مليون دينار فقط الأمر الذي يثير سؤالا عن مدى صدقية الجهات الرسمية بخصوص تطوير مرافق المملكة.
تتمثل إحدى ميزات الكويت في توافر شبكة من الطرق السريعة تربط مختلف مناطق البلاد. وما يبعث على الاطمئنان هو أن وزارة الأشغال والإسكان تنفذ خطة طموحة لتطوير شبكة الطرق في مختلف مناطق المملكة.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ