قرر مجلس الوزراء أمس الأول تشكيل «هيئة وطنية لحقوق الإنسان» تناط بها «مسئولية التعامل مع قضايا حقوق الإنسان ووضع السياسات للقضايا الحقوقية والتعامل مع المنظمات الإقليمية والدولية والمنظمات غير الحكومية ويصدر بتشكيلها قرار من سمو رئيس الوزراء، تأكيدا للأهمية التي توليها الحكومة لصون المكتسبات التي حققتها المملكة في مجال احترام حقوق الإنسان والتزاما منها بالمواثيق الدولية وحرصا على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها في رعاية حقوق الإنسان وصونها».
وكان تأسيس الهيئة الوطنية المستقلة والمالكة للصدقية أحد المطالب المرفوعة منذ سنوات عدّة، وازدادت أهميتها بعد أن اعتمدت البحرين العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. على أن تشكيل مثل هذه الهيئة يحتاج إلى قواعد وأسس لكي تصبح ذات اعتبار مستقل وأهمية واحترام من جميع الأطراف. ولأن الكثير من الدول الاستبدادية عادة تنشئ هيئات وطنية من أشخاص «محروقين» وطنيا من ناحية الموثوقية والاستقلالية، فإن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (حاليا تسمى مجلس حقوق الإنسان) أيّدت «مبادئ باريس» في العام 1992، وهي مجموعة من المبادئ المعترف بها دوليا بشأن تشكيل وصلاحيات وإجراءات الهيئات الوطنية لحقوق الإنسان، وفي العام 1993 أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه المبادئ التوجيهية الأساسية وأوصت الدول الأعضاء الالتزام بها عند إنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان.
من الواضح أن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان إنما هي هيئة حكومية، ولكنها يجب أن تكون مستقلة وذات صدقية، تنشأ بموجب الدستور أو القانون، وتحدد وظائفها خصيصا لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. «مبادئ باريس» توضح السّمات الأساسية لتحقيق الاستقلالية والصدقية، وهذه المبادئ تنص على وجوب تأسيس الهيئة من أشخاص يمتلكون خبرة وصدقية وسمعة حسنة لدى جميع الأطراف المعنية، وأن تمنح الهيئة صلاحيات واسعة قدر الإمكان، وأن تتشكل الهيئة بصورة «تعددية» بحيث تمثّل الفئات والاتجاهات الرئيسية في المجتمع، وأن تكون مستقلة عن مجلس الوزراء (بمعنى أنها لا تتسلم أوامر من السلطة التنفيذية)، وأن يكون لديها تمويل كافٍ لأداء مهماتها.
أمّا مسئوليات الهيئة الوطنية فهي: إعداد التقارير وتقديم توصيات إلى الحكومة بشأن مسائل وقضايا حقوق الإنسان، بما في ذلك اعتماد أو تعديل التشريعات الوطنية والإبلاغ عن حالات انتهاك حقوق الإنسان، تعزيز التوافق بين القوانين والممارسات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التعاون مع الشركاء داخل الوطن وكذلك الشركاء الإقليميين والدوليين وهيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، من خلال المساهمات في كتابة التقارير الوطنية المقدمة إلى مجلس حقوق الإنسان واللجان المعنية بتنفيذ معاهدات الأمم المتحدة التي اعتمدتها البحرين، وإعداد برامج التثقيف في مجال حقوق الإنسان. والأهم من ذلك، ينبغي أن تكون الهيئة مخوّلة لتقديم بيانات عامة عن عملها بشكل مباشر أو عن طريق الصحافة.
لا ندري إن كانت الحكومة ستفاجئنا هذه المرّة وستؤسس هيئة من أشخاص لهم «صدقية» و «خبرة» و«احترام»، ولا ندري إذا كانت ستلتزم بمبادئ باريس أثناء تشكيل الهيئة... ولكننا سنعلم كل ذلك قريبا عندما تتضح أسماء الذين سيملأون مناصب هذه الهيئة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ
حقوق الانسان
تشكيل هيئات حكومية لحقوق الانسان يعد الخرق الاول لهذا المفهوم ، لان اغلب انتهاكات حقوق الانسان تحصل من الجهات الحكومية وخاصة الامنية . فكان من المفروض ان تكون تلك الهيئات مستقلة بعيدة عن سطوة الحكومات . ان تفعيل القوانين العقابية في الدول العربية لمعاقبة منتهكي حقوق الانسان هي الخطوة الاهم من كل النصوص الانشائية الواردة في الاتفاقيات العربية