العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ

تحذير من قرارات خاطئة تضرّ بسلامة نشاط شركات التأمين

بدء مؤتمر «حوكمة الشركات من خلال تشخيص الأخطار»

بيّن رؤساء تنفيذيون ومديرون في شركات تأمين أهمية مراعاة معايير «حوكمة الشركات» في إدارة شركات التأمين بالمنطقة، وحذروا من التبعات السلبية لبعض الممارسات التي تضر بسلامة أعمال الشركات وخصوصا شركات التأمين مثل عرض تغطيات تأمين غير مدعومة بإعادة تأمين ومنح صلاحيات لأشخاص غير مؤهلين وإساءة استخدام السلطات ما يؤثر على الوضع المالي والقدرة التنافسية لهذه الشركات.

وشارك مسئولون من شركات تأمين وإعادة خليجية وعربية وعالمية أمس (الاثنين) في أعمال مؤتمر «حوكمة الشركات من خلال تشخيص الأخطار» الذي نظمته شركة اتحاد الخليج للتأمين بحضور 260 مشاركا من 16 دولة بينها دول عربية وأوروبية، وتختتم أعمال المؤتمر تحت رعاية رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة اليوم.

ويناقش المؤتمر أهمية تقييم الأخطار الإدارية والفنية المتعلقة بالتأمين من أجل الحفاظ على معايير حوكمة عالية تضمن سلامة أعمال الشركة ومن هذه الأخطار - بحسب مديرين في شركات التأمين - إعطاء تغطية تأمينية بشكل غير دقيق من دون أن تكون مدعومة بأغطية إعادة تأمين لإعطاء ضمانة مالية لشركة التأمين، وإعطاء غير الفنيين في شركات التأمين فرصة لإعطاء القرارات من دون أن يكونوا مؤهلين.

وأكد المشاركون أن البحرين راعت تطبيق معايير الحوكمة في شركات التأمين العاملة في البلاد من خلال الكتيب المجلد الإرشادي الثالث الذي أصدره مصرف البحرين المركزي.

جهود المصرف المركزي

وذكر محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج في كلمة له في افتتاح المؤتمر «حرص المصرف على إدخال تحسينات جذرية على الأنظمة الحاكمة لعمل قطاع التأمين بما في ذلك التأمين التكافلي المتوافق مع الشريعة الإسلامية منذ انتقال تبعية مراقبة هذا القطاع إلى مسئولية المصرف المركزي في العام 2002».

وأفاد المعراج «شهد قطاع التأمين انطلاقة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية تمثّلت في زيادة ملحوظة في عدد الشركات العاملة سواء في التأمين المباشر أو إعادة التأمين أو الأنشطة المساندة من وسطاء واستشارات ومقدري خسائر. كما ارتفعت أقساط التأمين في العام 2006 بنسبة 26 في المئة عن العام 2005 لتصل إلى نحو 118 مليون دينار مقارنة بـ 94 مليون دينار في العام 2005».

وأشار المعراج إلى أنه مع استحداث منتجات تأمينية متوافقة مع الشريعة الإسلامية - توسعت فرص العمل في المنطقة بالنسبة إلى شركات التأمين، ما جذب الكثير من الشركات العالمية التي اتخذت من البحرين مركزا لعملياتها نظرا إلى توافر البيئة التشريعية والتنظيمية المناسبة.

وأضاف «إن الموضوع الذي يتناوله المؤتمر عن حوكمة الشركات ذو أهمية وخصوصا في هذه المرحلة بالذات نظرا إلى أن تعميق صناعة التأمين في المنطقة (سواء من حيث توفر الفرص أو النهوض بالوضع المؤسسي لها) لا يمكن أن يحدث من دون تطبيق أفضل المعايير في حوكمة الشركات حفاظا على مصالح الأطراف ذوي العلاقة من مساهمين وحاملي وثائق التأمين والإدارة».

وتحدث عن حرص المصرف المركزي في آخر تعديل للمجلد رقم 3 الخاص بصناعة التأمين على إدخال حزمة من المتطلبات التنظيمية لإلزام الشركات بمعايير الشفافية والإفصاح ومنع تضارب المصالح وتطبيق أفضل الممارسات في هذا المجال، تقديرا لحجم المخاطر التي تواجهها الصناعة، الأمر الذي يستوجب كفاءة عالية لدور مجالس إدارات الشركات والأجهزة التنفيذية وأخذ جميع الإجراءات بما يحافظ على استقرار عمليات الشركات وسجلاتها المالية، كما يشارك المصرف في عضوية لجنة حوكمة الشركات المنبثقة عـن الهيئة الدولية لمراقبي التأمين التي عقدت أحد اجتماعاتها في مملكة البحرين في يوليو/ تموز من العام الجاري، وذلك للحرص على مواكبة أحدث التطورات في هذا المجال والتعاون مع الأجهزة الرقابية في العالم.

ضرورة تطبيق معايير الحوكمة

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة التأمين التعاوني عبدالعزيز التركي ضرورة تطبيق معايير الحوكمة في شركات التأمين، مشيرا إلى أن السوق السعودية التي تعمل فيها شركته يبلغ فيها حجم قطاع التأمين من 3 إلى 6 مليارات دولار في الوقت الذي فتح في هذه المملكة المجال لدخول الشركات الأجنبية للعمل في مجال التأمين.

وقال التركي إنه «يوجد في السعودية 33 شركة تأمين تعاوني (إسلامي)، ما يؤكد أن السوق السعودية سوق ضخمة استوجب من أجل تنظيمها إصدار قرارات وقوانين تفي بمتطلبات الحوكمة والشفافية».

وتطرق التركي إلى المنافسة في قطاع التأمين في المنطقة لافتا إلى أن شركات التأمين بات عليها إجراء عمليات تطوير وتوسعة للوصول إلى عمليات اندماج من أجل التغلب على المنافسة.

وأكد أهمية تطوير الموارد البشرية إذ يعاني العالم من نقص العناصر المؤهلة في قطاع التأمين.

وذكر التركي في كلمة له في المؤتمر»لقد شهد الماضي القريب تطوّرات مهمة وخطيرة، إذ تمت إدارة بعض الشركات الكبيرة والمهمة ذات الامتداد العالمي، بشكل ألحق الضرر بمساهميها والمتعاملين معها. لقد حصل هذا على رغم وجود مجموعة من القوانين والأنظمة المسئول عن تطبيقها سلطات رقابة على الشركات عموما وعلى كل نشاط نوعي خصوصا، تلك القوانين والأنظمة التي كان من المفترض أن يكون الالتزام بها كفيلا بضبط النشاط ومنع إساءة استعمال السلطات المعطاة إلى إدارات تلك الشركات».

منع إساءة استغلال السلطات

وأضاف التركي «إن موضوع وضع ضوابط لمنع إدارات الشركات من إساءة استعمال السلطات والصلاحيات المعطاة لهم ليس بالأمر الجديد. فمنذ اعتمدت الشخصية المعنوية (الاعتبارية) كافتراض قانوني يعطيها الحق في الدخول في التزامات تضاف لها وتكون مسئولة عنها، كانت أجهزة الشركات، المكونة من أشخاص طبيعيين، يتخذون قرارات موضع رقابة ومتابعة ومساءلة، بعبارة أخرى (حوكمة)».

ومضى يقول: «لقد كان للتقدم العلمي المتنامي والتطور السريع لتقنية المعلومات ونظم الاتصالات الأثر المباشر على البيئة التي تعمل فيها الشركات، وخصوصا الكبيرة منها التي لها امتدادات على المستوى العالمي».

وتابع «لقد استلزم هذا الأمر وجود نظام (حوكمة) متطوّر يأخذ في الاعتبار الواقع الجديد ويحاول توقع وتلمس مساراته المستقبلية وإيجاد الضوابط والحلول الناجعة لضبط النشاط وحماية المستثمرين. لكل ما تقدم جاء موضوع مؤتمرنا(حوكمة الشركات من خلال تشخيص الأخطار) مستهدفا دراسة الأخطار، وخصوصا تلك المرتبطة بنشاط التأمين وإعادة التأمين، وتحليلها وتوقع مساراتها المستقبلية ووضع نظام (حوكمة) لا يعالج الواقع الحالي فحسب بل يأخذ في الاعتبار التطوّر المستقبلي ويضع له الحلول والضوابط الناجعة. إذ بهذه الطريقة سيتسم نظام (حوكمة) بـ (الفعل المؤثر) لا بـ (رد الفعل) الذي يعالج الحدث بعد وقوعه».

نموّ قطاع التأمين في المنطقة

من جهته، قال الأمين العام للاتحاد العربي للتأمين عبدالخالق رؤوف: «إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي مع التطوّر ومؤشرات النموّ التي تشهدها أسواق التأمين العربية عموما وأسواق التأمين بدول مجلس التعاون الخليجي خصوصا، إذ تشير البيانات المتاحة إلى أن أقساط التأمين العربية بلغت نحو 12 مليار دولار العام 2006 منها 6 مليارات دولار أقساط تأمين الأسواق الخليجية أي ما يعادل نحو 50 في المئة من أقساط التأمين العربية محققة معدل نمو قدره 22.5 في المئة مقارنة بالعام 2005».

وأضاف «يأتي هذا التطور نتيجة لعدة عوامل من بينها، عملية التحديث التي تنقل إلينا نظريات واصطلاحات جديدة في عالم الاقتصاد، ومن بينها موضوع المؤتمر (حوكمة الشركات) الذي يقوم على الشفافية والإفصاح بين إدارة الشركة من ناحية وجميع الأطراف ذات العلاقة عن نشاطها بهدف ضمان سلامة أعمال الشركة والحفاظ على حقوق حملة الأسهم وتحقيق المعاملة العادلة للعاملين فيها، مع التأكيد على مسئولية مجلس إدارة الشركة أمام الجمعية العمومية».

وتابع «يتعلق الإفصاح والشفافية في هذا المجال بالمتغيرات التي يمكن أن تؤثر على أداء الشركات وبالتالي مصالح الأطراف ذات العلاقة سواء الأطراف الداخلية أو الخارجية، كما أن إحداثها يتطلب انتهاج آليات دورية وسريعة وتطبيق المعايير المحاسبية والدولية وتعزيز دور الرقابة الداخلية بالاستفادة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات».

وأشار رؤوف إلى أن أهمية الإفصاح والشفافية تكمن في ضرورة توافر المعلومات التي تساعد في اتخاذ القرارات، وفي تقييم الأداء والتعرف على أوضاع الشركات وتأكيد صدقيتها أمام المتعاملين معها، وفي السياق نفسه فإن تحديد الأهداف التي تسعى الشركة إلى تحقيقها والإفصاح عنها ويمكن للشركة أن تقدم تقريرا توضح فيه إلى أي مدى تمكنت من تحقيق هذه الأهداف.

وتحدث رؤوف عن مناخ المنافسة في المنطقة قائلا: «في ظلّ آليات السوق المفتوحة، تصبح المنافسة بلا حدود ومن ثمّ تستمر الحاجة إلى التطوير والتغيير نحو الأفضل ومن هنا تتأكد الحاجة إلى حوكمة الشركات وبالنسبة إلى شركة التأمين فإن هذا المسمى يعني الاهتمام بجميع الأطراف من طالبي التأمين والعمل على حصولهم على أفضل تغطية بالسعر العادل إلى الاهتمام بدور وسطاء التأمين والالتزام بمتطلبات الإشراف والرقابة والحرص على إسناد أعمال مربحة لمعيدي التأمين على المدى البعيد، كل هذا يعمل على نمو الشركة واستقرارها المالي وتوفير المعلومات في الوقت المناسب وبصورة منتظمة وعادلة ولضمان التطبيق الجيد للحوكمة تعد التشريعات المنظمة لها، ولكن الأمر الذي يفوق التشريعات أهمية هو مدى كفاءة المناخ الرقابي والتنظيمي ومراقبة شركات المحاسبة والمراجعة لضمان كفاءتها في أداء عملها».

ويرى الكثيرون، أن التركيز على إدارة الأخطار التي يمكن أن تواجهها الشركة وإبقاء المساهمين على اطلاع دائم بما يعزز الشراكة والمساهمة من خلال نشر القوائم المالية والإيضاحات المكملة لها وتقريري مراقب الحسابات ومجلس الإدارة، بصورة واضحة، ومناقشة تقييم الأداء في اجتماعات الجمعية العمومية، وكذلك الإفصاح عن قيمة الحوافز والمرتبات والمكافآت التي يحصل عليها أعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذين وأهمية ترتيبات الرقابة والمراجعة الداخلية وتبعيتها لرئيس مجلس الإدارة والتأكيد المسئولية الكاملة لمجلس الإدارة أمام أعضاء الجمعية العمومية، كل ذلك يمكن أن يسهم في تطوير حوكمة الشركات التي يعتقد الأمين العام لاتحاد شركات التأمين العربية أنها أصبحت من أكثر القضايا المعاصرة المطروحة على الساحة الدولية وإثارة لقدراتها الفائقة على دعم عمليات الإصلاح المالي والإداري للشركات.

العدد 1894 - الإثنين 12 نوفمبر 2007م الموافق 02 ذي القعدة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً