على غرار التقرير المثير، وكل شيء في البحرين أصبح مثيرا! فإن الاتفاق المثير الذي جرى توقيعه بين كتلة الأصالة والوفاق، والذي لم ولن يُسمح أن تمر منه «عبوه» أو «قروص» أو تستظل بفيه نملة! لا أقول ذلك تشاؤما، فأنا أكثر من تحدث عن ضرورة الالتقاء بين الكتل السنية والشيعية. وكنت طيلة مرافقتي للأصلاويين أو مجالستي للوفاقيين أحثهم شفاهة، وأكتب في الصحافة بشأن ضرورة عقد اللقاءات بين مختلف القوى السياسية في البلاد من أجل الصالح العام، ومن أجل الحقوق الوطنية... إلا أنني لست «عبيط» سياسيا، ولذلك كنت محقا حينما شككت في صمود الاتفاق المثير.
مذ الوهلة الأولى لخروج الاتفاق إلى العلن تحدثت لبعض الإخوة بأن الاتفاق سيموت، وسيكون سبب موته التأويل السياسي لموقعيه (تصريحاتهم ثاني يوم من توقيع الاتفاق ونشره). خصوصا أن الاتفاق كُتب بشكل ارتجالي، كما هو بادي للعيان، وتم توقيعه في جلسة «حماس سياسي» ليس إلا. وهو غير مبني على دراسة الواقع السياسي أو التموضع الجماهيري لكل كتلة (وهذا ما صرح به النائب الشيخ عادل المعاودة، وهو محق في ذلك). فالأصالة لديها أجندة تتعارض في مقدماتها ونتائجها مع الوفاق، كما أن للوفاق أولويات تتعارض مع الأصالة ومرئياتها.
وهناك الكثير من الأجندة المتباينة بين الوفاق والأصالة والتي يعجز المرء منا تعدادها... وبالنظر إلى واحدة من تلك القضايا، وعلى وجه التحديد استجواب وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، فـ «الأصالة» تعتبره النصير الذي يجب حمايته حتى آخر قطرة من دماء أفراد «الجمعية»، وإلا «...»! فأفضال مهندس الانتخابات النيابية في العام 2002 و2006 على «الجمعية» أكبر بكثير من أن يُضحى به سياسيا واجتماعيا (ودينيا) «كرمان» عيون الوفاق! ولذلك أبدت الأصالة من ثاني يوم لنشر الاتفاق، أن الاتفاق لا يشمل وزير شئون مجلس الوزراء! في حين أن عبارات الاتفاق تشير إلى عموم الأدوات الرقابية، والاستجواب أحدها، وهو ما لوحت به «الوفاق» مرارا في وجه الوزير!
وقد عجبت ورفعت حاجباي إلى أعلى دهشة؛ وأنا أقرأ بعض الآراء التي تشطح ضاربة أفق الخيال في تحليلاتها بشأن الاتفاق المثير للذهن السليم، أما المجانين سياسيا فأمرهم مختلف!
مع كامل احترامي للكرامة الإنسانية للبشر؛ إلا أنني لا أجد وصفا أكثر دقة من وصف «العبط» السياسي والجهل المركب بقواعد اللعبة السياسية في البحرين؛ إذ العبيط سياسيا من يصدق بأن الأصالة ستقف بجانب الوفاق في الاستجواب أو قضايا أخرى مفصلية... والتي (قد) تكون (تلك القضايا) مدار الرحى، بل أصل تأسيس الجمعيتين (الوفاق والأصالة) ولولا تلك القضايا لما كان هناك «وفاق» أو «أصالة»! أو على أقل تقدير ما كان هناك جمهور بهذا الحجم لدى كلا الطرفين؛ بصريح العبارة: لولا تلك القضايا لما كان للجمعيتين هذا الجمهور العريض المطأفن!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1893 - الأحد 11 نوفمبر 2007م الموافق 01 ذي القعدة 1428هـ