بالإضافة إلى مجمعات 302 و305 و308 بالعاصمة(المنامة)، هناك أحياء متفرقة أيضا في الحورة والقضيبية والسلمانية خلت من البحرينيين، وأصبحت بلا هوية، اللهم إلا هوية الأحياء الآسيوية... لكن الجواب قد يكون لدى العاملين في قطاع العقارات الذين يقول بعضهم إنه منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي أصبح الكثير من أهالي المنامة يتجهون إلى بناء مساكن خارجها... في الأحياء الجديدة التي ازدهرت فيما بعد، أو لسبب الانتقال إلى المدن الإسكانية، فبقيت المنازل التي عادة ما تكون تابعة لورثة معروضة للإيجار، أو للبيع، وهنا، أصبح في مقدور الوافدين الذين يمنحهم القانون حق التملك، شراء المنازل المعروضة للبيع، أما غيرهم، فإنهم يطلبون المنازل المعروضة للإيجار.
منزل من الداخل
في أحد المنازل الصغيرة المتهالكة بالمنامة، يعيش ما يقارب من 13 وافدا من العزاب في ثلاث غرف لا تسعهم جميعا، لكنهم استخدموا السطح لبناء غرف خشبية... الوضع في غاية السوء! فالتهوية معدومة، والرطوبة مرتفعة، ويمكن ملاحظة خطر التوصيلات الكهربائية ووضعية موقد الطبخ، وليس هناك مجال لتجفيف الملابس إلا من خلال حبال هنا وأخرى هناك، لا تسمح بالحركة إلا بصعوبة.
في ذلك المنزل، يعيش مجموعة من عمال البناء، كلهم من حملة التأشيرة الحرة «فري فيزا»! يقول «ناجي» الذي يشرف على المجموعة، إنهم يعيشون هنا منذ خمس سنوات، ويتشاركون في دفع الإيجار. وعن سبب اختيار المنامة لغالبية العمال الآسيويين على رغم ارتفاع أسعار الإيجارات وشح المنازل المخصصة للإيجار أصلا يقول: «كنا نعيش في منطقة سلماباد، لكنها لم تعد تناسبنا، فمنذ خمس سنوات انتقلنا إلى هنا، فالمكان هنا يخدمنا كثيرا وهو مناسب لنا!».
ليل المنامة
في تلك المجمعات، يصبح الليل مشوبا بالحذر والرهبة بالنسبة إلى من يمر في تلك الأزقة... فهناك نشاط بشري لا يتوقف، حتى أن بعض المنازل تعمل في مجال تحضير الأغذية، إذ يقوم الوافدون قاطنو تلك المنازل بتحضير الأطعمة والاتفاق مع بعض المطاعم لتزويدها بالوجبات، وهو أمر يخالف قوانين الصحة العامة التي ضبطت على مدى السنوات الماضية منازل تقوم بتحضير الأطعمة بطريقة غير قانونية فاتخذت ضدها الإجراءات القانونية.
ويشير الأهالي إلى أن مشكلة استخدام بعض المنازل أوكارا للدعارة لاتزال مستمرة على رغم المراقبة الأمنية المتواصلة، والتبليغ المستمر من جانب الأهالي حال ضبط هذه المنازل، لكن بالنسبة إلى الأحياء التي يشكل الوافدون غالبيتها، فإنهم يتسترون في الغالب على هذه الفعال! والقليل منهم، ممن يعتبرون من الملتزمين دينيا يقومون بالتبليغ، وهذا الأمر نادر أيضا.
ولا يخفي المواطنون الذين يعيشون في فريج الحمد انزعاجهم الشديد من تكدس الآسيويين في المنطقة، وهم لا يدرون من الذي يتحمل مسئولية هذه المشكلة؟ ويوضح أحد أبناء «الفريج» أن «أعدادا كبيرة من
مشروع تطوير الأحياء القديمة
ينظر المهندس المدني إبراهيم العلي إلى وضعية العاصمة من ناحية تغير تركيبتها الديموغرافية بأنه أمر أهمله المواطنون قبل أن تهمله الحكومة! وهو يشير إلى أن الأهالي هم أنفسهم من قبلوا بتأجير منازلهم وعماراتهم على الأجانب ولم يغصبهم أحد على ذلك... بل دعني أقول إن هناك من المواطنين من خرجوا من المنامة في السابق، يبحثون عن منازل صغيرة معروضة للبيع، لينزلوا فيها في شهر محرم، إلا أن ذلك الأمر غير متاح إطلاقا!
ويتحدث عن الاتجاهات الحديثة لتطوير المدن والأحياء القديمة فيقول إن هناك، وكما يعرف الكثيرون، مشروع تطوير سوق المنامة القديمة، ولكن الأحياء القديمة في المنامة لن تخضع لهذا المشروع طبعا، لكن من المهم الحفاظ على ما تبقى من أحياء المنامة التي يسكنها المواطنون - إن كان في بعضها مواطنون أصلا - وإجراء المسوحات المطلوبة من جانب الجهات المعنية.
ولا يخفي صعوبة الأمر، فأحياء المنامة في غالبيتها أصبحت مسكونة بالوافدين وضاعت الكثير من صورها الجميلة، وفي الأحياء التي لاتزال بعض العوائل المعروفة مثل عائلة بن سلوم وعائلة بن زبر والخواجة والمخرق وبن رجب والعصفور ومدن والقصاب والمديفع والمحروس والحمد والحلواجي وزبر وغيرها من العوائل التي لا أذكرها... أقول إن في بعض الأحياء لا تزال تلك العوائل بل وأحفادها لايزالون يسكنون في المنامة وبعضهم يصر على البقاء فيها، لكن وضع المنامة اليوم، بسبب الزحام وسوء الخدمات يدفع البعض إلى الانتقال.
ويقترح العلي الاهتمام بالأحياء البحرينية الأصيلة المتبقية في المنامة، حتى لا يضيع تراث غني مرتبط بالتاريخ ومرتبط بحضارة هذا البلد.
العدد 1892 - السبت 10 نوفمبر 2007م الموافق 29 شوال 1428هـ