في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي أقامت دائرة شئون المرأة في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية مؤتمرها النسائي الأول، داعية - على غير العادة - ناشطات نسائيات من تيارات متنوعة، حضرت على رأسهن ناشطات جمعيتي العمل الوطني الديمقراطي « وعد»، والمنبر التقدمي. ولعلها كانت المفارقة الأولى التي تستحق التنويه لاجتماع نساء التيارين - الإسلامي والليبرالي - في مكان واحد لمناقشة أمور طالما كثر الخلاف بشأنها تتمحور حول قضايا المطالبة بحقوق المرأة العامة.
وعلى رغم من تقدير مبادرة الوفاق، واللجنة النسائية تحديدا في الإعداد لهذا المؤتمر واحتضانه، من تيار إسلامي أخذ عليه كثيرا تهميشه للمرأة وقضاياها، إلا أن افتتاح ذلك المؤتمر يعزز كثيرا الفكرة التي تقول بأن المرأة لم ولن تكون أولوية بالنسبة للقيادات السياسية، حتى في القطاع الأهلي. ليس أدل على ذلك من حفل افتتاح ذلك المؤتمر الذي غاب عنه الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان لارتباطه بسفر في الخارج، لم يتسن له قطعه لهذا المؤتمر « النسوي الطابع»، ولم يتمكن نائبه من الحضور أيضا لأسباب صحية، وفي النهاية افتتحه الرجل الثالث في الوفاق، الذي كاد أن يسارع بالخروج بعد أن ألقى كلمته مباشرة، لولا أن أعاده الحضور ليؤكدوا عليه بالبقاء حتى نهاية الافتتاح الذي تم بحضور عدد من نواب الوفاق وبلدييها، الذين استمعوا بدورهم للكلمات الترحيبية والدبلوماسية، ثم لاذوا بالفرار من هذه « المصيدة» النسائية « المملة» قبل أن تدخلهم في دوامة طويلة من الحديث عن حقوق المرأة الذي لا ينتهي.
تصرف طبيعي ومتوقع من هذه الأطراف كافة، الأدهى منه هو ذلك الشعور « النسائي» من القائمات على هذا المؤتمر والحاضرات من أن عذر الأمين العام عن حضور هذا المؤتمر مقبول، فلديه أمور سياسية أخرى أهم من حضوره هذا المؤتمر، فكيف يمكن أن يقطع سفره الذي سيتخذ فيه قرارات مهمة من أجل افتتاح مؤتمر « نسائي». عذره مقبول، ولا يردن حتى انتقاده في هذا الأمر، حتى لو كانت « الوفاقيات» قائمات عليه منذ مدة، وحتى لو كن متعطشات لقليل من الاهتمام وقليل من التقدير والاحترام لجهودهن اللاتي بذلنها فيه وفي غيره لخدمة مؤسسة الوفاق. وحتى لو كان مجرد وجوده في هذا المؤتمر، يعني لهن حتى دون قولهن، الشيء الكثير.
مؤتمر المرأة الأول مثل واحد بين عدة أمثلة تتكرر يوميا وبشكل مستمر في كثير من المؤسسات الرسمية والأهلية وتحديدا السياسية، ولا تشكل الوفاق استثناء بين أخواتها الجمعيات السياسية الإسلامية الأخرى. فالمرأة بالنسبة لتلك الجمعيات - هامش - لها عالمها الخاص، تناقش أمورها الخاصة لوحدها، تقيم مؤتمراتها لوحدها، يمكننا توجيهها والاستفادة من خدماتها، فمساهمتها واجب وطني وإنساني، لكن لو أرادت أن تتحدث عن حقوقها أو تناقشها، فلتناقشها وحدها. هي باختصار، حتى لو لم يتم الإعلان عن ذلك أو قوله صراحة، ليست « أولوية» بالنسبة إلينا، فلدينا أمور أهم، قضايا سياسية من العيار الثقيل، فهل تستحق قضايا المرأة إضاعة الوقت فيها على حساب تلك القضايا المصيرية؟
إنه « التهميش» بعينه، مهما اتخذ من صور أو مواصفات أخرى. ذلك التهميش الذي اعتادته المرأة نفسها أيضا، فأصبحت تعتبره أمرا طبيعيا، وأصبحت تشعر بأنها تطلب الكثير لو طلبت من الأمين العام للجمعية التي خدمتها طويلا أن يجدول مواعيده ومواعيد سفره على أن يحضر مؤتمرها الأول الذي يعني لها الكثير، بينما لا تنظر إلى أنه يقوم فعلا بجدولة مواعيده ومواعيد سفره على مناسبات أخرى يعتبرها « أولوية»، ليست المرأة - التي نادى بتمكينها - جزءا منها بطبيعة الحال، ولن تكون.
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ