العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ

ألعاب الفيديو سوق عالمية لا تقبل بالاندثار

أبطالها مشاهير وسياسيون وقصص واقعية

ستة ملايين، ثمانية ملايين، مليون ونصف،أرقام نصادفها بين الحين والأخر، وما هي بإحصاءات وأرقام تعداد سكان إحدى الدول، ولا عدد المتضريين من المجاعات والحروب في القارة الإفريقية، وليست بالتأكيد حصيلة مجموع التبرعات للشعب الفلسطيني.

باختصار، هي إحصاءات لعدد أجهزة ألعاب الفيديو المباعة في أميركا لهذا العام، فعملاق تكنولوجيا الحواسيب وبرامجها - مايكروسوفت - باع منذ مطلع السنة حتى الآن، ما يقارب الست ملايين جهاز (أكس بوكس ثري) في الولايات المتحدة الأميركية فقط، ولم تقبل - شركة نينتندو - برقم أقل من مايكروسوفت فتفوقت عليها بما يزيد عن ثمانية ملايين جهاز مباع في المدة نفسها، واكتفت - شركة سوني - ببيع مليون ونصف المليون جهاز.

وبفضل الأسماء الثلاثة السابقة بشكل أساسي ظهرت سوق وافرة الأرباح، مزدهرة خصوصا مع اقتراب فترات الأعياد، سوق لا تقبل بقدرات عادية بل تضيف الميزات والخدمات أسبوعيا ما لم يكن شهريا على الأقل، لتنتج في نهاية العام 13 مليار دولار أميركي من أرباح بحسب إحصاءات هذا العام.

فأي هوس وطرق ترويج تدفع الناس أطفالا وشبانا، وحتى فئات عمرية أكبر، للتدافع والوقوف في طوابير للحصول على هذه العلب الرقمية؟، وما الذي جعل من ألعاب الفيديو على أشكالها وبمختلف أنواعها، تتصدر قائمة أكثر الألعاب تفضيلا ورواجا لدى الأطفال والمراهقين؟، وهل حلت شركات إنتاجها شيفرة رغبات مستعمليها، فصممت طرقا مضمونة لتصريف بضاعتها في أسواق الغرب والشرق؟

للصدقية الألعاب الإلكترونية وسوقها، ليست قضية اقتصادية فحسب، فإلى جانبها وتأثيرها الاجتماعي البسيط منه والمعقد، دور كبير في لعبتها.

فالطرق التي تعتمدها شركات كمايكروسوفت أو سوني لترويج منتجها، لا تستهدف فقط المستهلك بشكل آني، لتؤثر عليه وتغريه لابتياع جهازها وحسب، بل تسع لتصميم نموذج متكامل من طرق الدعاية والترويج، لتضمن دخولها ثقافة هذه المجتمعات، وبالتالي ضمان استمرار رواج.

ففي عدد كبير منها استعين بقضايا واقعية، أو شخصيات عالمية ومشهورة، أو حتى قصص وأفلام رائجة، لتكون المحور الرئيسي للعبة، فتعطيها بعدا واقعيا يشد المستخدم، فيتفاعل معها بدرجات عالية قد تصل لدى البعض للهوس، ما جعل منها في كثير من الأحيان أداة للترويج لمجالات أخرى، كأفلام السينما، وقصص المغامرات، والروايات البوليسية، حتى أنه استعين بها في بعض الأحيان لتكون أداة لعرض بعض القضايا السياسية، أو كما يسمونها موضوعات الحروب والنزاعات والإرهاب، وغيرها...، وللتفاعل معها.

ولم تقتصر طرق الترويج على استخدام موضوعات مثيرة للعب بها، بل إن لمشاهير الشاشات السينمائية والتلفزيونية، حظوة لا تقل عن أي موضوع أو قصة، حتى إن للسياسيين من رؤساء دول، ووزراء حكومات نظائر في هذه الألعاب، قد يجسدون في بعض الأحيان بطريقة ساخرة جدا ومنتقدة.

من الأمور الأخرى التي تنبهت إليها هذه الشركات أن أبعاد الصورة، وألوانها، وتقنياتها المتطورة أصبحت حكما فاصل في اقتناء هذه الألعاب، فلم تعد القيمة الأخلاقية أو الفكرية هي الدافع الوحيد لكي يبتاع أحد الوالدين لعبة لطفله. فللإبهار البصري دور أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في هذه الألعاب. فاعتمدت أساليب متطورة جدا في تصميم أدق تفاصيل حركات أبطالها، وروعيت دراسة ألوان المحيط الذي تدور فيه اللعبة، فهي ثلاثية الأبعاد، ملونة بألوان مميزة جدا سواء أكانت قاتمة سوداوية، أو ملونة بألوان زاهية. وأما أشكال أبطال اللعبة فمدروسة ومطبقة بدقة قد تبهر مشاهدها، كما أنه يعطى الخيار للمستخدم بأن يغير الكثير من تفاصيل المكان وألوانه، ووجوه وملابس وتصرفات الأبطال. ما يعزز لدى مستخدم الجهاز فكرة مقدرته على السيطرة على هذا العالم الذي يعرض أمامه، بما يتناسب ورغباته.

ولعل هذا جزء بسيط من برامج حملات متكاملة لا تغفل شاردا أو واردا، في إنتاج أفضل الأساليب الممكنة لضمان ترويج منتجها، فتضمن من خلال هذه الحملات اختراقها لأعقد الأنماط الاجتماعية، لتستقر فيه كطريقة دائمة للترفيه، لا يمكن الاستغناء عنها أو تلافيها، وإنما لابد من التعاطي معها، وتتبع تطوراتها، حتى لو كان هذا على حساب قيم وأخلاقيات لدى هذه المجتمعات.

العدد 1891 - الجمعة 09 نوفمبر 2007م الموافق 28 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً