طالب عدد من المواطنين والفعاليات السياسية بتطبيق نظام التقاعد المعمول به على النواب أسوة بما يطبق على الموظفين العاديين، وذلك في حال صدر مرسوم قانون بمنح النواب الذين أتموا دورة تشريعية على الأقل راتبا تقاعديا يصل إلى ما نسبته 80 في المئة من رواتبهم ( 1600 دينار)، مؤكدين ضرورة أن يصدر القانون كمشروع قانون لا مرسوم ليتمكن النواب من مناقشته من دون أن يكونوا محصورين في الموافقة عليه أو رفضه.
وفي حين أكد المواطنون حق النواب في الحصول على راتب تقاعدي، غير أنهم أشاروا إلى أنه كان يفترض بالنواب أن يكونوا قد قدموا شيئا ملموسا للمواطنين قبل أن يطالبوا بالتقاعد، مطالبين إياهم بأن يكونوا منصفين فيما يمنحونه لأنفسهم من راتب تقاعدي.
وفي هذا الصدد، أكد الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف، أن تقاعد النواب كقانون ليس من اختصاص الحكومة، وأن النواب إذا كانوا يعتقدون أن التقاعد حق من حقوقهم وضرورة من الضرورات في العمل التشريعي فعليهم ألا ينتظروا مشروعا من الحكومة حتى لا يضعوا اللوم عليها لاحقا بأنها أعطت أكثر مما يجب، مطالبا النواب بأن يكونوا جريئين في المطالبة بطرحهم للقانون.
غير أنه قال: «مشكلة تقاعد النواب لا تكمن في مبدأ التقاعد، وإنما في تفاصيل المشروع، فهل سيعطى النواب تقاعدا مساويا لما يمنح للموظفين العاديين؟ وهذا يعني حصولهم على 40 في المئة في حال استمرت عضويتهم لفصل تشريعي واحد، بينما في الواقع فإن النواب سيحصلون على حقوق تقاعدية أكثر من الموظفين المتقاعدين العاديين».
وأشار شريف إلى أن غالبية النواب هم من الأطباء والمحامين والتجار والمتقاعدين، الذين عادوا لأعمالهم بعد انتهاء عضويتهم في المجلس، والحديث عن أن حقوق النواب ستهدر هو أمر غير صحيح ولا ينطبق على غالبية النواب وإنما على عدد منهم ممن ليست لهم حقوق تقاعدية.
وتساءل شريف «كيف يسمح النواب لأنفسهم بأن يمنحوا أنفسهم رواتب تقاعدية أكثر من الرواتب التقاعدية التي يحصل عليها الموظفون في البحرين بعد أربعين عاما خدمة، إذ في حال حصل النائب على راتب تقاعدي نسبته 80 في المئة فإنه سيحصل شهريا على راتب 1600 دينار، بينما متوسط الرواتب التقاعدية في البحرين لا تتجاوز الـ 400 دينار، فكيف يسمح النواب بحصولهم على أربعة أضعاف الراتب التقاعدي للموظف؟».
ودعا شريف النواب لأن يثبتوا أن هذا الراتب التقاعدي حق من حقوقهم، وأن الحقوق التي تمنح لهم مساوية لحقوق المواطنين وليست أفضل منها، على ألا يترك النواب الأمر للحكومة للتشريع لهم، وإذا أصدروا تشريعا في هذا الشأن بصورة عادلة فالمواطنون لن يرفضوا التشريع.
من جانبه أيد الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن فكرة تقاعد النواب شأنهم في ذلك شأن الوزراء، وخصوصا أن النائب يختلف عن الوزير في كونه يمتلك رصيدا شعبيا أوصله لمجلس النواب.
أما فيما يتعلق بنسبة الراتب التقاعدي الذي يمنح للنواب، فأكد مدن أن الأمر بحاجة لمراجعة شاملة، مع ضرورة مراعاة أن النسب التي تعطى للوزراء والنواب تتم على خلفية رواتب متدنية للغالبية الساحقة من موظفي الدولة والقطاع الخاص، ناهيك عن أن الزيادة التي أعطيت للموظفين هي بخلاف التوقعات ولا تتناسب مع ارتفاع الأسعار والتضخم، وهذا ما يجعل للناس مبررات في أن تتساءل عن أسباب منح النواب راتبا تقاعديا بنسبة كبيرة في حين أنه لا تحتسب الدرجة نفسها لشرائح المجتمع الأخرى.
أما فيما يتعلق باستحقاق النواب للراتب التقاعدي قياسا لما أنجزوه في المجلس، فأكد مدن أن هذه مسألة أخرى تتطلب تقييم عمل مجلس النواب، مطالبا بوضع معايير في احتساب نسبة التقاعد، وفيما إذا كانت النسبة التي ستعطى للتقاعد هي نفسها التي ستمنح للنائب المتعدد الدورات.
وقال: «إذا كان الأمر يتعلق بمسألة تقييم أداء المجلس، فنراه تقييما سلبيا وأقل بكثير من الآمال المعقودة وحجم المهمات الملقاة عليه، وهذا الأمر يجب أن يناقش في موضوع منفصل عن موضوع التقاعد».
أما نائب الأمين العام لاتحاد نقابات عمال البحرين سيدسلمان المحفوظ فأشار إلى أن قانون التقاعد للنائب قد يختلف تطبيقه عما يطبق على موظف في الدولة باعتباره نائبا له صفة خاصة أو حالة استثنائية تختلف عن بقية الموظفين في الدولة، مؤكدا أنه ليس هناك مانع في أن يكون مُنح النائب راتبا تقاعدي، لكن يجب أن يتم ذلك وفق شروط معينة وبالاطلاع على تجارب دول أخرى في هذا المجال مثل دولة الكويت.
وأوضح أن النظام الكويتي يمنح راتبا تقاعديا للنائب بعد أن يشارك في دورتين متتاليتين، ومن لا يحظى بثقة الشعب لدورتين متتاليتين لا يحصل على راتب تقاعدي، مؤكدا ضرورة أن تكون نسبة الراتب التقاعدي الممنوحة للنائب في حدود المتناول.
وقال المحفوظ: «على النواب أن يكونوا منصفين في مطالباتهم بالراتب التقاعدي، إذ لا يجب أن يعامل النائب الذي عمل لأربع سنوات وكأنه عمل لستين عاما، والحالة الاستثنائية التي تكلم عنها النواب يجب أن تأخذ منحى ما يجري في الكويت على أقل تقدير».
فيما طالب أحد الموظفين في شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) محمود رمضان باحتساب تقاعد النواب وفقا لنظام الضمان الاجتماعي، الذي يحتسب للنائب بموجبه إذا كان موظفا قبل دخوله المجلس الأربع سنوات التي قضاها في المجلس باعتبارها مواصلة للعمل، وهنا يكون من حق النائب الحصول على راتبه التقاعدي باعتبار استمر في المساهمة في صندوق الضمان الاجتماعي.
وقال رمضان: «من المفترض أن يتم التعامل في النسبة التي تمنح كراتب تقاعدي للنواب كجزء من عملهم، لا أن يتم التعامل معهم معاملة خاصة، ناهيك عن ضرورة الأخذ بالاعتبار السن التقاعدي للنائب وأن يمنح وفقه على طريقة حساب الضمان الاجتماعي، أسوة بالمواطنين العاديين».
أما الباحث في التجارب البرلمانية علي العمران فأكد أن تقاعد النواب ليس ببدعة، ولكن ما يثير حفيظة الشارع هو ما تردد عن أن القانون سيصدر بمرسوم، معتبرا ذلك نوعا من التخاذل بين الحكومة والنواب، إذ لا يأخذ كمرسوم قانون دوره في المناقشة، ولا يكون للنواب دور في صوغه وتعديله، إذ سيتعذر النواب بأنه لا يمكن إلا رفضه أو قبوله.
وقال: «ما ردده بعض النواب عن تشكيل صندوق لتقاعدهم خارج نطاق صندوقي التأمينات والتقاعد، هو أمر غير مقبول، وخصوصا أن تمويل الصندوق سيكون من الموازنة العامة للدولة، وهذا يعني أنه في نهاية الأمر سيتم دعمه من أموال المواطنين».
وانتقد العمران التوجه لإقرار قانون التقاعد في الوقت الحالي، مشيرا إلى أنه كان من المفترض بالنواب أن يقدموا شيئا ملموسا للمواطنين قبل أن يطالبوا بالتقاعد، معلقا: «من المفترض بالنواب أن يكونوا رأس الحربة في التصدي للفساد، غير أنه يبدو أنهم حين رأوا الفساد مستشريا في البلاد، ارتأوا أن يكونوا مع الناس، وخصوصا أنهم أصبحوا يرون أنهم غير قادرين على حمل هذه التركة الثقيلة».
العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ