شدّد وزير العمل رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل مجيد العلوي على أن «مقترحات إصلاح سوق العمل تتأسس على دراسات علمية ميدانية تخصّصية ينفذها خبراء في مجالات سوق العمل، ولا تغفل الأولويات المحدّدة للمشروع أو تتجاهل جوانب التأثير والتأثر»، وأكد أن «المبالغ المحصّلة من الرسوم ستذهب لدعم مشروعات صندوق العمل التي تتوجّه بشكل رئيس وكامل إلى تطوير مؤسسات القطاع الخاص الاقتصادية».
واستغرب العلوي في بيانه أمس احتجاج غرفة تجارة وصناعة البحرين على زيادة الرسوم، وأكد أنها «لا ترقى بأيّ حال إلى مستوى رسوم العمالة الوافدة المقرّرة في أية دولة خليجية». ولفت إلى أن «المشروعات التي ينفذها الصندوق خدمة للقطاع الخاص حتى اليوم مدعومة بالكامل من موازنة الدولة»، داعيا كل قطاع إلى «تحمّل حصّته من فاتورة الإصلاح» وإلى «عدم اختزال مشروع تنظيم السوق في مجرد رسوم»، إذ إن ذلك «يتناقض مع دعم ومباركة الغرفة لمشروع إصلاح سوق العمل الذي جاء به ولي العهد منذ أكثر من عامين».
وذكّر العلوي بما ذكره سابقا من أن غرفة تجارة وصناعة البحرين «شاركت في مناقشة كل تفاصيل مقترح الرسوم الجديد عبر ممثليها بمجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وهما: فاروق المؤيد وعادل المسقطي» بالإضافة إلى الاتحاد النقابي ممثلا للقطاع العمالي، وذلك من خلال اللجنة الاستشارية الموسّعة بين الإدارة التنفيذية للهيئة والقطاعين المعنيّين بالرسوم (القطاع الاقتصادي والعمالي).
وأضاف الوزير بشأن ترتيب الإصلاحات ومشروعاتها حسبما جاء في بيان الغرفة «ينبغي أن يكون واضحا للجميع أن مقترحات إصلاحات السوق لم تأت اعتباطا، بل تتأسس على دراسات علمية ميدانية تخصصية ينفذها خبراء في مجالات سوق العمل، ولا تغفل بأيّ حال الأولويات المحددة لمشروع إصلاح السوق، ولا تتجاهل أيّ جانب من جوانب التأثير والتأثر، بل تتعامل بتوازن تام ودقيق مع جميع الاحتمالات المتوقعة على كل أصعدة المجتمع».
ولفت العلوي إلى أن «هيئة تنظيم سوق العمل ليست أمرا تفصيليا، بل إن تصغير الإجراءات الأساسية للهيئة بهذا الشكل غير المنصف والتعاطي معها بكونها شأنا تفصيليا واختزالها في مجرد رسوم، يتناقض مع موقف الغرفة بدعم ومباركة مشروع إصلاح سوق العمل الذي جاء به ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة منذ أكثر من عامين، فمن البديهي أن مشروع هيئة تنظيم السوق هو أحد أهم الأدوات التنفيذية الرئيسية لمشروع إصلاح السوق، ولا يمكن أن تكون مع المشروع وان تقف في الوقت ذاته ضد احد أهم أداوته الرئيسية».
وقال العلوي «من الواجب على الغرفة ألا تغفل حقيقة أن المبالغ المحصلة من الرسوم تذهب لدعم مشروعات صندوق العمل التي تتوجه بشكل رئيس وكامل إلى تطوير مؤسسات القطاع الخاص الاقتصادية عبر رفع كفاءتها والقيام بتمويلها ضمن مشروع تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإلى تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية البحرينية لتكون الخيار الأفضل في سوق العمل المحلي عبر عقد الدورات التأهيلية التخصصية في المهن الفنية العليا والمتوسطة».
وأبدى العلوي استغرابه من البيان المنسوب إلى الغرفة المنشور يوم أمس بالصحافة المحلية، وقال «تضمن البيان عدم رضى وعدم علم غرفة التجارة والصناعة وعدم مشاركتها في مشاورات ومقترحات الرسوم الجديدة للعمالة الوافدة - حسبما أوحى به البيان وما تضمنه - علما أن الغرفة شاركت في مناقشة كل تفاصيل مقترح الرسوم الجديد عبر ممثليها بمجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل وهما فاروق المؤيد وعادل المسقطي».
وذكر العلوي أن «الغرفة تقدّمت إلى مجلس النواب في الفصل التشريعي الأول خلال مناقشة قانون هيئة تنظيم سوق العمل بمقترح لتخفيض الزيادة الأولية المقترحة آنذاك إلى 300 دينار بالإضافة إلى 10 دنانير شهرية، أي ما مجموعه 540 دينارا للسنتين، وهو أكثر مما اقترحه مجلس إدارة الهيئة في مقترح الرسوم الجديدة». وأضاف العلوي «أن السيدين المؤيد والمسقطي حضرا بصفة أصيلة بصفتهما عضوين أصيلين بمجلس إدارة الهيئة اجتماع مجلس الإدارة الذي انعقد في 31 مايو/ أيار الماضي وهو الاجتماع ذاته الذي أقرّ فيه مقترح الرسوم الجديدة بالتوافق بين جميع الأعضاء، بمن فيهم ممثلا غرفة التجارة وممثلا الاتحاد العام لنقابات العمال وهما عبدالله حسين وكريم رضي».
وأشار العلوي إلى أن مجلس الإدارة بالهيئة «حرص على إشراك القطاع الخاص في مشاورات متعددة، عبر إشراك جميع أعضاء الغرفة في الاجتماعين الموسعين اللذين عقدتهما الغرفة بالتنسيق والمشاركة مع الهيئة في النصف الأول من العام الجاري، وبحضور مجلس إدارة الغرفة ونخبة بارزة من أعضائها وأعمدة القطاع الخاص المحلي، وتم خلال الاجتماعين التداول الموسع والتفصيلي في كل دقائق الرسوم الجديدة التي اقترحها مجلس إدارة هيئة تنظيم سوق العمل، وتمت مناقشة جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الايجابية والسلبية للآثار المتوقعة على السوق المحلي وعلى المجتمع»، وقال العلوي معلقا «إننا نعتقد أن هذه المشاورات العلنية الشفافة التي خرج مجلس إدارة الغرفة منها بتوصيات تقوم بتنفيذها هدفها تعزيز الشراكة بين مختلف وسائل الانتاج وبما يعود بالمنفعة على الوطن والمواطن».
وأوضح العلوي أن «المرسوم بقانون رقم (19) لسنة 2006 ينص في المادة الخامسة منه على إلزام الهيئة باتخاذ قراراتها بالتشاور مع القطاعات والأطراف المعنية وهي غرفة التجارة ممثلة للقطاع الاقتصادي الوطني، والاتحاد النقابي ممثلا للقطاع العمالي، وقد أجريت على مدى نحو عام كامل مشاورات موسعة بشأن كل نقطة من نقاط الرسوم الجديدة، وتم تنظيم تلك المشاورات من خلال اللجنة الاستشارية الموسّعة بين الإدارة التنفيذية للهيئة والقطاعين المعنيين بالرسوم».
وقال «ينبغي أن يكون واضحا للجميع أن هيئة تنظيم سوق العمل لا تعمل بمعزل عن الشركاء الرئيسيين وهما الغرفة والاتحاد النقابي، بل ولا تتمتع بحسب قانون إنشائها بسلطة فرض رسوم، بل ينص قانون إنشائها على تمتعها بصلاحيات اقتراح الرسوم الجديدة وبعد التشاور مع الشركاء وليكون القرار بعد ذلك في يد مجلس الوزراء».
وأوضح الوزير أنه في جميع الأحوال فإن «الهيئة ومجلس إدارتها يعملان بحرص على تحقيق الصالح العام للمجتمع البحريني بجميع فئاته مع حرصها المتناهي على تحقيق هدف إصلاح سوق العمل، بما يحقق مصلحة جميع الأطراف دون تغليب طرف على آخر، فصالح المملكة لا يتحقق إلا بالتوافق والحرص على مراعاة مصالح جميع الأطراف دون إلحاق أي ضرر بأي طرف».
أما عن ترتيب الإصلاحات ومشروعاتها حسبما تضمنه بيان الغرفة، فقال الوزير «إن المتابع للحركة الدؤوبة والحثيثة التي لا تتوقف لولي العهد على صعيد الإصلاح الاقتصادي، وكذلك على صعيد إصلاح التعليم الذي يقود زمامه نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة يدرك بوضوح تام أن ثمة خطة متقنة ومدروسة ومحترفة لتطوير السوق بجميع متطلباته وبجميع الأدوات اللازمة لنجاح التطوير تراعي جميع القطاعات المعنية، وأي رأي بخلاف هذا إنما يبخس الجهود التي بذلت ولاتزال تبذل طيلة ثلاثة أعوام من أعلى السلطات بالمملكة».
وفيما يتعلق بربط مقترح الغرفة بحجم الرسوم وربطه بإلغاء رسوم الصحة والهجرة والجوازات والبطاقة السكانية، أكد الوزير أن «الرسوم الجديدة المقترحة تشمل رسوم جميع الخدمات الحكومية التي ذكرت، بل ويفوق الأمر أن النظام الحاسوبي الجديد الذي تعتمده الهيئة لإجراء معاملات القطاع التجاري مرتبط بجميع المؤسسات الحكومية المعنية برخص العمل من الإدارة العامة للهجرة والجوازات ووزارة الصحة والجهاز المركزي للمعلومات ووزارة التجارة ووزارة العمل الذي أتاح للقطاع التجاري تسهيلات لم تكن يوما متوافرة، واختصر عليهم الجهد والوقت في تقديم خدماته ضمن نظام المحطة الواحدة، وعلى أعلى قدر من التبسيط والتطوير التقني وبحيث باتت متطلبات إنهاء إجراءات القطاع التجاري لا تتطلب أكثر من لمسة زر على الحاسب الآلي وهم يجلسون على مكاتبهم».
وقال العلوي إن «المنجز الوطني الذي تحقق بخفض نسب البطالة في المملكة عبر البرنامج الوطني للتوظيف حظي برعاية من جلالة الملك ورئيس الوزراء وأفردت له موازنة مالية بمكرمة من لدن جلالة الملك، ولا ينبغي أن يتم تسخير هذا المنجز الوطني الذي منح البحرين مزيدا من الأمن الاجتماعي الذي بدوره ينعكس انتعاشا اقتصاديا على جميع القطاعات لصالح التنصل من الالتزامات الوطنية تجاه المجتمع، بدلا من أن تدعو الغرفة أعضاءها ليتولوا القيام بدورهم تجاه مجتمعهم ووطنهم بترسيخ هذا المنجز بالإسهام الفاعل بإعطاء المواطن الأفضلية في التوظيف. بل ولا ينبغي لأي كان أن يستثمر ارتفاع فائض الموازنة الحكومية والموارد المالية للحكومة بفعل ارتفاع أسعار النفط في اتجاه عدم فرض الرسوم الجديدة، وتجاهل أن الرسوم الجديدة لا ترقى بأيّ حال إلى مستوى رسوم العمالة الوافدة المقررة في أية دولة خليجية، في محاولة للتنصل من قيام القطاع التجاري بدوره تجاه مجتمعه».
وبخصوص مسألة التضخم الذي لوّحت الغرفة به في بيانها بوصفه تهديدا ماثلا، قال العلوي «لسنا ننكر وجوده، ولكننا كجهاز رسمي لا نتعامل مع هذا الاحتمال إلا بموضوعية ومسئولية، تدعمها نتائج الدراسات والمسوحات التي تمنحنا مفاتيح الحلول المثلى للسيطرة على التضخم المتوقع، ولابد لنا أن نشكر دور القطاع التجاري وغرفة التجارة في دعم الدولة والجهاز الحكومي في مكافحة هذا التضخم والسيطرة عليه، ناهيك عن دورهم الأساسي في هيئة صندوق العمل الذي يتمتعون فيه بتمثيل واسع، حيث يمثلهم في مجلس إدارة الصندوق أربعة أعضاء ما يجعل قرارات مجلس إدارة الصندوق في حوزة القطاع التجاري عمليا، علما أن 80 في المئة من الرسوم التي تحصلها هيئة تنظيم سوق العمل تضخ إلى صندوق العمل لتغذية مشروعاته، ونأمل أن يتدارس القطاع التجاري والغرفة في أن يسهم صندوق العمل في السيطرة على التضخم».
واختتم العلوي تصريحه بالقول «إنني أدعو الغرفة إلى الاستمرار في موقفها من عملية إصلاح السوق وتحديدا دعمها لهذا المشروع الوطني الرائد في المنطقة»، وأضاف «ينبغي على كل قطاع أن يتحمل حصته من فاتورة الإصلاح، وقد بادرت الحكومة بضخ مبالغ هائلة لإنشاء هيئتي إصلاح سوق العمل وصندوق العمل، وتنازلت عن 80 في المئة من دخولات رخص العمل والتأشيرات ما يعني أن المشروعات التي ينفذها الصندوق خدمة للقطاع الخاص حتى اليوم مدعومة بالكامل من موازنة الدولة، لذلك فعلى القطاع التجاري أن يبادر للتفاعل الايجابي والتكامل المخلص النافع للجميع مع خطوات إصلاح السوق وأن نتجنب جميعا التخندق خلف رؤى قديمة في عملية تعاطي شارعهم الاقتصادي مع الإعفاءات الحكومية التي لا يوجد لها مثيل في المنطقة والدول المشابهة لظروفنا المالية والاقتصادية».
العدد 1890 - الخميس 08 نوفمبر 2007م الموافق 27 شوال 1428هـ