نثمّن الخطوة الحضارية التي جاءت في بيان أصدرته أمس الأول 13 منظمة محلية وعربية للدفاع عن حقوق الإنسان في البحرين ما أسمته «التطورات الأخيرة والتدهور الخطير لحرية التعبير في البحرين» تحت بند «نداء لوقف تقييد حرية التعبير».

وجاء فيه مطالبة المنظمات الموقعة على البيان بإلغاء القوانين التعسفية التي تحد من حرية التعبير ورفع الحظر عن منع تداول كتاب «استعمالات الذاكرة» للزميل والباحث الأكاديمي نادر كاظم وكتب أخرى إضافة إلى محاكمة الصحافيين أثناء ممارسة مهنتهم مستخدمة في ذلك قانون العقوبات الذي يعود إلى العام 1976 وقانون الصحافة للعام 2002 لإضفاء الشرعية على مزيد من الانتهاكات.

لم يكن هذا البيان هو الوحيد بل خرج بيان آخر عن أربعين فنانا تشكيليا بحرينيا يعلنون تضامنهم مع حرية الرأي والتعبير.

وهو ما يعبر عن أن أزمة التعبير ليست وليدة اليوم بقدر أنها ترسبات ومخلّفات عقليات قديمة, تحجّم من قدرة العمل البحثي والإبداع؛ لغلبة فكر لا يخرج عن إطار هوس الأمن ومصلحة جماعة معينة لا تهتم بكتاب ولا لوحة ولا هم يحزنون, عدا تنفيذ لغة الأوامر, على غرار شخصية رجل المخابرات الذي أتقن دوره الممثل الراحل أحمد زكي في الفيلم المصري الشهير «زوجة رجل مهم».

وبسبب هوس الأمن ولغة الأوامر المتفشية داخل مجتمعنا ومجتمعات عربية أخرى, لا تنشأ معها مجتمعات المعرفة التي تبني قدرة الإنسان في هذه المجالات ولكن على النقيض من ذلك نجد ممارسات تقمع ذلك تحت حجة القوانين, على رغم أنه لو طبق عليها أي من هذه القوانين ترفضه ولا تعييره أي اهتمام.

إن حرية التعبير لا تعني إطلاق الأحكام والتعليقات غير المسئولة, ولكنها تعني العمل الدائم في البحث والتعلم والتطور والإبداع وهذا لا يتم في حال وجود نفس ينفث رائحة دخان كريهة وكثيفة للحد أو المنع من نثر رائحة “المعرفة” التي لا تأتي إلا من خلال تطوير المعلومة، أي من نفس مبدع أو باحث.

ونحن بدورنا نتساءل: إلى متى يبقى مصير المثقف والباحث والمبدع والصحافي تحت رحمة جماعة تحمل فكرا رجعيا لا معرفيا؟