العدد 1888 - الثلثاء 06 نوفمبر 2007م الموافق 25 شوال 1428هـ

للخطايا ثمن طبعا!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أنّ النائب الثاني لرئيس مجلس النواب صلاح علي يعيش في عالمٍ آخر، ولا يدري بما جرى في البحرين منذ أغسطس/آب 2006. ولذلك طرح مبادرته المثالية الجميلة التي نتمنّى من كلّ قلوبنا أنْ تتاح لها الفرصة للحياة!

أهم ما في المبادرة أنّها اعترفت بوجود نارٍ حقيقيةٍ وراء دخان ما سمّي بـ «التقرير المثير للجدل»، بعدما حاول الكثيرون التنصّل مما نُسب إليهم من تهم. حتّى مَنْ اتهمهم التقرير باستلام 20 دينارا على المقال الصحافي، كتبوا يُقسمون بأغلظ الأيمان أنّهم أبرياء. وبعضهم دافع على طريقة أنّ «التقرير» أصبح أحد الكتب المقدّسة التي أصبح يُؤمن بها أهل البحرين!

النائب صلاح علي، وهو أحد رموز تيار الإخوان المسلمين في نسخته البحرينية، كان جريئا بالاعتراف بأنّ هذا التقرير من «شحم ولحم»، وليس حديث خرافة ألّفها مستشارٌ أمنيٌ مجنونٌ ومطلوبٌ للعدالة. كما أنّ مبادرته لاقت ترحيبَ مَن استطلعت «الوسط» آراءهم أمس، من قوى وأحزاب سياسية داخل البرلمان وخارجه. ومع ذلك لستُ متفائلا أو نصف متفائل، فما أرجّحه أنّ المبادرة شخصية وليست اعتبارية (باعتبار منصبه)، وربما تكون مجرد «فلتة» وليست بتوجيهاتٍ حكومية كما ذهب إلى ذلك حسن مشيمع.

أمنيات النائب ربما لا تكون في محلّها، فهو كما يبدو لا يدرك عمق الشرخ الذي تركه «التقرير» في نفوس البحرينيين. وأخشى أنْ تكون الثقة التي يطالب باستعادتها قد تهشّمت كالزجاج، وترميم الزجاج المهشّم يحتاج إلى جرأةٍ في القرار، وشجاعةٍ في الاعتذار، وذلك أقرب إلى المعجزة في هذا الزمان.

«التقرير المثير للجدل» ترك الكثير من الجروح الغائرة في نفوس هذا الجيل، وليس من المبالغة القول إنّ هذا الكارثة البشعة ستظل عالقة بالذاكرة البحرينية طويلا كما ظلت فتنة محرّم 1953، أو «سنة الطبعة»، وغيرها من الكوارث التي ألمّت بهذا الوطن الوادع الصغير. وربما نحتاج إلى جيل أو جيلين كي تنمحي آثاره وتزول، بشرط أنْ تبدأ فورا معالجة تداعياته، وفق إجماع وطني ونيّة صادقة لإزالة جميع الآثار والندوب.

ليس من السهل أنْ تطالب الضحية بالنسيان والتجاوز، خصوصا إذا ما كانت تتعرّض إلى انتهاكات يومية لحقوق المواطنة، من إذلال وقهر وتهميش وتمييز، واستهداف وتربّص وتهديد لمستقبل أبنائها، عقابا على مواقف سياسية تجاه قضايا عامة ليست ذات إجماع وطني. ولا يمكن أنْ تقنع الفئات التي تشعر بالاضطهاد، ببدء صفحة جديدة قبل التعهد بالتوقف فورا عن أيّ تجاوزات تستهدفها، مع وعدٍ بمحاسبة كلّ مَنْ أساء للوطن بكلّ طوائفه ومذاهبه ومكوناته. فالتقرير الذي استهدف رأس طائفة، نزلَ توبيخا وتقريعا وسخرية بالطائفة الأخرى، باتهامها بكلّ النواقص والسلبيات من خمول وجهل وتخلّف و... فهو تقرير عنصري معادٍ لجميع أبناء الوطن، وليس صحيحا أنه خطةٌ تنفذها طائفةٌ ضد أخرى.

لن تجد اليوم بحرينيا واحدا يُعارض حل الملف للتفرّغ لمعالجة «طوابير الإسكان الطويلة وإيجاد الوظيفة الكريمة للمواطن وتكريس الشفافية وتعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص»، ولكن الخشية أنْ يكون الوقت متأخرا. حاولوا... فمعالجة هذه الخطيئة تستحق المحاولة، فليس هناك ما هو أغلى من هذا الوطن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1888 - الثلثاء 06 نوفمبر 2007م الموافق 25 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً