«الوفاق» طرحت ملفها الأول للدور الحالي أمس، وعلى عكس التوقعات التي كانت تشير إلى احتمال طرح موضوع استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، تحركت كتلة الوفاق على موضوعٍ آخرَ يتعلّق بالتحقيق في أملاك الدولة من أراضٍ وأراضٍ مغمورة، وطرق استثمار هذه الأراضي، والتعرف إلى ما هو تابع إلى ملكية الدولة.
في الواقع، إن هذا الموضوع مهم جدا، وقد أشار إليه الكثيرون؛ إذ لا توجد في البحرين خريطة واضحة المعالم لأملاك الدولة، كما أن تعريف الأملاك العامة ليس محددا في البحرين، وبالتالي إن ما يصدر عن السجل العقاري أصبح مبهما وليس معلوما لأحد. ولهذا السبب، إن فتح تحقيق برلماني في هذا المجال من شأنه أن يوضّح لأول مرة ما هي أملاك الدولة وأين تقع، وكيف يتم استثمارها.
إن مثل هذه الخطوة من البرلمان تستحق التقدير، ونأمل في أن تسير الأمور في الاتجاه الصحيح وتتعاون جميع الكتل وجميع الأجهزة الرسمية لتحقيق أهداف هذه اللجنة التي يؤمل في تشكيل فريقها ربما الأسبوع المقبل. وأعتقد أن أملاك الدولة، ولاسيما الأراضي والأراضي المغمورة، تعتبر من أهم الموضوعات التي يجب التعرف إليها وتحديدها، وخصوصا أن البحرين كانت قد بدأت إصلاح تسجيل الأراضي منذ أكثر من 80 عاما عندما تأسست إدارة الطابو مطلع القرن الماضي. ولكن ترتيبات الأراضي وتسجيلها اختفت عن الأنظار منذ مطلع السبعينات، إذ لم يستطع برلمان 1973 إصدار أي قانون بشأن الأراضي كما لم يستطع تحديدها.
وعلى رغم أن المطروح حاليا لا يتعلّق بإصدار قانون بشأن الأراضي، وإنما هو تحقيق للتعرف إلى الوضع الحالي، فإن كل ذلك يعتبر خطوة مهمة في اتجاه الإصلاح التشريعي لأملاك الدولة، وخصوصا أننا لم نعد نعرف كيف اختفت أراضٍ شاسعةٌ كانت ملكا عاما وأصبحت الآن ملكا مسجلا بصورة خاصة.
إن التحرك نحو حفظ ثروات الوطن يعتبر من أهم ما تضطلع به المؤسسات التشريعية والرقابية في كل البلدان المتقدمة وأملنا في أن نؤسس لنهج حضاري، يبتعد عن شخصنة الموضوعات، ويطرح القضايا بهدف إيجاد الحلول الناجعة لها. كما أن نجاح البرلمانيين في التحقيق في هذه الأمور سيساعد على تصعيد مستوى الشفافية في البحرين، وهو المستوى الذي انخفض في المؤشرات الدولية الأخيرة، كما سيساعد على إنجاح مثل هذه الأنشطة في تحسين مؤشرات البحرين بالنسبة إلى الحكم الصالح، وهي مؤشرات يصدرها البنك الدولي سنويا؛ بهدف رصد تحسين البلدان مستواها بما يتلاءم مع أجندة الألفية التي وافق عليها قادة العالم العام 2000 بهدف إنجازها العام 2015.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1888 - الثلثاء 06 نوفمبر 2007م الموافق 25 شوال 1428هـ