كنا نلعب في الساحة العامة وننتقل من مختبر إلى مقصف إلى مكتبة إلى صالة رياضية، ولم يكن هناك ما يعكر صفو حياتنا المليئة بالطفولة والبراءة، وكنا إذا اختلفنا نتشابك بالأيدي وسرعان ما يهب الأساتذة لفك منازعاتنا بكل يسر وسهولة عبر التفاهم معنا وترجيح مبدأ العقل، وإذا ما اقترفنا خطأ كبيرا كانت أيدينا تدفع الثمن بضربة أو اثنتين بعصا المدرس وليس بأية أداة أخرى.
هكذا عشنا حياتنا المدرسية في حقبة الثمانينات والتسعينات وما قبلها، ولم يكن منا من يستخدم السكاكين والهراوات والقضبان الحديد، ولم نخرج لنجد عصابات تتربص بنا في خارج أسوار المدرسة لتسلب منا عينا أو تفقدنا جزءا من أعضائنا.
اليوم نعيش زمن إرهاب باستخدام الأسلحة البيضاء، وهي وسائل ما كان المجتمع البحريني يعرف لها سبيلا، بل على العكس تربى أبناء هذا البلد على الاحترام المتبادل وحسن العشرة والتخاطب مع الآخر حتى وإن اختلفنا معه، بينما نجد الآن في مدينة حمد وفي عسكر ومناطق أخرى، تصرفات دخيلة منقولة من إرث وعادات مجتمعات أخرى تغلغلت في الهوية البحرينية بسبب التجنيس العشوائي الذي بدأت ثماره الأولى تصبغ واقعنا بلطخات سوداء.
ليس كل من تم تجنيسه أثقل كاهل هذا البلد، فهناك من خدم البحرين منذ نعومة أظافره ومازال مستعدا ليقدم لها المزيد، ولكن حديثنا عن من يتم نقلهم من بلدانهم ليزجوا في مجتمع لا يعرفون أصله وفصله.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1886 - الأحد 04 نوفمبر 2007م الموافق 23 شوال 1428هـ