يأتي مفهوم «قيمة العمل» مختلفا من بلد لآخر، فهو يقاس كقيمة حضارية رفيعة ذات صفة إنسانية راقية لتحقيق الذات من أجل لعب موقع اجتماعي وأيضا مبررا للتمايز والحراك الاجتماعي الذي يقود عجلة التطور.
لكن عندما تشوش قيمة العمل بقضايا تتدخل بها المصالح أيا كانت قبلية أو مذهبية أو سياسية أو شخصية فإن قيمة العمل تفقد وتصبح بلا فائدة مرجوة وهو الأمر الذي نتلمسه في معظم بلداننا العربية بما فيها البحرين.
إذ نجد أثر ذلك ملموسا على أرض الواقع خصوصا في ظل تبعثر الاختيارات المهنية والكفاءات هنا وهناك من شريحة الجامعيين الذين نجد كثيرا منهم لا يعمل في مجال تخصصه، ومن يعمل في تخصصه لا يفقه شيئا منه، وهكذا هو الحال في جميع وزارات الدولة على سبيل المثال.
وكنتيجة لذلك فإن الطاقة والتخصص الأكاديمي الذي قد يثري في المكان الصحيح يضيع في أمور أخرى كالبحث عن عمل في تخصص آخر, فقط من أجل تأمين لقمة العيش، وهو ما يحدث في غالبية الأحيان, فتقتل روح البحث و الإبداع والابتكار, لأن الظروف المحيطة لا تخدم.
للأسف هذا الأمر محبط للغاية أي عندما يصل الشاب والشابة إلى مرحلة يشعر فيها أنه لا قيمة لعمله أو تخصصه الأكاديمي في وطنه الأم، أي لا يجد من يأخذ بيده لإعطائه الفرصة لتحقيق حلمه ورغبته الجامحة في تقديم ما هو أفضل وجديد, يدفعه ذلك إما للهجرة أو التقوقع والتطرف.
أما في بلدنا البحرين فالأمثلة كثيرة إذ أصبحت الكثير من المناصب في الوزارات لأفراد القبيلة أو العرق أو المذهب الواحد متناسين أن قيمة العمل وفائدة التخصص الأكاديمي والخبرة -إن كانت موجودة - هو من يحدد قيمة العمل لا على هذه الأسس التي كانت ومازالت تساهم في بث سموم الفتنة والفرقة أكثر من دفع عجلة التقدم، وهي ما أوقعت بلدنا الصغير ضحية للمشاحنات السياسية والتوتر المذهبي والعرقي التي نعرف بها اليوم أكثر من أي شيء آخر أمام دول الجوار... والسبب يكمن في أننا أصبحنا أنانيين أكثر من اللازم وولاؤنا تحول إلى ولاء المصالح لا غيرة على تقدم هذا الوطن.
وبالتالي فإن قيمة العمل أصبحت غير ضرورية طالما توافرت وسائل الرغد والرفاهية من دون جهد أو تعب من بعد تحقيق أهداف رؤية ومفهوم الجماعة الواحدة.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1885 - السبت 03 نوفمبر 2007م الموافق 22 شوال 1428هـ