العدد 1884 - الجمعة 02 نوفمبر 2007م الموافق 21 شوال 1428هـ

لا أقصد أحد... ومن دون زعل!

أماني المسقطي Amani.Almasqati [at] alwasatnews.com

تعودنا من خلال صفحات ملحق «ألوان الوسط» أن نطرح «رأي المتابع المهتم» بالأعمال الفنية سواء البحرينية أو الخليجية، إذ إننا تركنا وخصوصا خلال شهر رمضان الماضي حرية التعبير للقراء وهم من ندين لهم بالفضل في وجود الفنانين الكبار والصغار منهم، والذين تمنينا عليهم تقبلها بصدر رحب والعمل على احترام آراء القرّاء وتصحيح أخطائهم، إلا أننا اليوم من خلال هذه الزاوية لن نسعى إلى طرح رأي أو نقد بخصوص عمل فني، وإنما نحن نطرح تصورا ربما بسيطا لمفهوم «النقد الفني».

النقد الفني عملية إبداعية وليدة النبوغ العبقري، وهو قديم نشأ مع نشوء ذلك الإنسان البدائي، ولكنه بقي سجين الآيديولوجيا طيلة قرون مضت،علما أن الاتجاهات الفكرية هي التي تحدد طبيعة النقد، وهي من يصنع النقد لا من يسجنه بعيدا عن التخصص وهذا لا يليق به... فهو فن قائم بذاته له لغة خاصة به تعتمد على أدوات تحليلية تعبر عن منهجة علمية إنه فن وليد الخبرة الجمالية والثقافة الفنية، والذوق. والعصر الحديث اقتضى الاختصاص في كل حقل من حقول البحث والمعرفة. فالفنان أولى من غيره حينما يتفرغ لنقد الأعمال الفنية. فليس من المنطق أن يكتب الفنان عن المسرح مثلا ما لم يكن ملما بقضايا المسرح وهكذا.

طبعا نحن هنا لا نعني ألا يكتب الناقد إلا ضمن مجاله، فكم من قراءة تقدم بها شعراء لمعارض تشكيلية وعروض مسرحية استحقت التقدير. المهم التفاعل مع الحدث والإلمام بمفردات الكتابة حتى لا يتم الخلط بين «النقد» و «الرأي».

من الملاحظ في عصرنا أن جل الأحكام النقدية الصادرة عن بعض الكتّاب صدرت بناء على أحكام اعتباطية وتعليقات فنية كانت سطحية فعلا، ونلاحظ دائما تقديم «الرأي السطحي» الذي لا يرقى بمستوى الفن في البلاد. وإن كان هناك أقلام تستحق التقدير والاحترام إلا أن الفرص لديها قليلة ولا أعني هنا بالنقد المصبوغ بالمجاملة والمشاكسة. وكم كنا نتمنى أن يقدم هؤلاء دراسات يستفيد منها الفنان والمتابع والمهتم بالحركة الفنية البحرينية، حتى تصبح الذائقة للجميع ويستطيع كل زائر لتلك المؤلفات التفاعل مع معطياته وأفكاره.

من أهم المميزات التي يجب أن تتوافر في الناقد هي فهم الخط الدرامي والقدرة على المشاركة الوجدانية مع النص والصورة. فالنقد تبصّر عميق وتأمل واعٍ للعمل الفني. فعلى الناقد أن ينفذ إلى أفكار الفنانين ومشاعرهم ويستقرئ الخواطر التي عرضت لهم، ويستحضر التجارب التي أوحت لهم والقضايا التي ألهمتهم فيحس إحساسهم وينظر ببصائرهم إلى جوهر العمل الفني. من هنا تشرع المعرفة في لعب دورها سلطة تفعل في الواقع. ولكنها ليست سلطة مستقلة بذاتها.

من هنا تأتي مسئولية الناقد وهي عرض آراء من شأنها أن تخلق جوا من المساجلات النقدية والحوار الفني الهادف إلى تقويم الفنان لا كشف السلبيات من دون ذكر الإيجابيات. فالفنان هو الذي يحرك هاجس الساحة الفنية. والناقد هو الذي يتفاعل مع الأعمال القوية ويبث فيها الحماس. لذلك نتمنى أن يبدأ التفكير جاديا من قبل الفنانين بالمستوى الفني الذي ينتجوه وتحمل الأعمال الفنية المنتجة الموضوعية حتى يتلمس المشاهد وجدانه ومشاعره عبر فنان يتقن أدواته؛ لأن من المفروض ألا ينفصل الجمال عن الموضوع المعاش.

علما أن كل فنان يحتاج إلى ناقد فني متخصص، يمتلك الشجاعة لنقد العمل وتشريحه علميا بعيدا عن المقولات الجاهزة، والإشادة غير المبررة، والمجاملات التي ترتبط عادة بمصالحَ شخصية ضيقة، أو علاقات وطيدة بين الفنان والناقد.

إقرأ أيضا لـ "أماني المسقطي"

العدد 1884 - الجمعة 02 نوفمبر 2007م الموافق 21 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً