من الواضح لكل من تابع « قصة» ميثاق الشرف الموقع بين كتلتي الوفاق والأصالة النيابيتين الأسبوع الماضي وكل تداعياته وجود أجزاء مفقودة من الصورة لم تتسن رؤيتها بعد، فالقصة تطرح الكثير والكثير من الأسئلة، بحيث تبرز « لماذا» بين السطور كثيرا.
ما الذي حدث في تلك الجلسة بالضبط، منذ متى بدأ التخطيط لهذا الاتفاق بين الكتلتين، هل كان وليدا للحظة الجلسة وتداعيات لجنة التحقيق مع وزارة التجارة والصناعة التي كان الجميع يعرف أن « الأصالة» لا بد ستتقدم بها، أم كان متفقا عليه بشكل مسبق. ولماذا أصر النائب خليل المرزوق أن يكون الاتفاق مكتوبا وبهذه الصيغة السريعة بالذات؟ ولماذا وافقت على توقيعه الأصالة أصلا إن كان دليلا على «عدم الثقة» وخصوصا مع وجود «اتفاق شفهي بين الكتل النيابية كافة بنفس الخصوص» بحسب ما صرح به عضو كتلة الأصالة النائب إبراهيم بوصندل بعد نشر نص الاتفاق؟ وإن لم يكن هذا الاتفاق يعني ضمنا أن على الأصالة أن تمرر كل ما تقترحه الوفاق من لجان تحقيق واستجوابات وجلسات استثنائية بحسب ما نص عليه فماذا يعني؟ الجميع يعلم أن الوفاق ستقوم بطرح موضوع استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة في دور الانعقاد الثاني، فقد صرحت الوفاق بذلك مرات كثيرة لا حصر لها، وهي خطوة متوقعة ومنطقية خصوصا بعد سحب استجوابها الذي تقدمت به في نهاية الدور الأول. ولا بد أن الأصالة تعلم تماما أن الوفاق ستطرح هذا الملف، فكيف توقع على ميثاق شرف ينص صراحة وبوضوح الشمس على دعمها لأي مقترح تتقدم به الوفاق بخصوص « لجان التحقيق والاستجوابات والجلسات الاستثنائية» إن لم يكن موقفها المبدئي على الأقل هو الموافقة على ملف استجواب عطية الله الذي يتوقع أن لا يتم انتظاره قريبا. الأصالة صرحت بقوة في اليوم التالي على نشر نص الاتفاق بأن موقفها من الاستجواب لم يتغير وأنها لا تزال ترى أنه غير دستوري، وبعبارة أخرى فإنها لن تدعمه لو قدمته الوفاق، فما الذي يعنيه اتفاقها مع الوفاق إذا، ولماذا وقعت عليه وهي تعلم أن استجواب عطية الله لا بد سيكون أحد الأثمان التي لا بد أن تقدمها نظير تصويت الوفاق لصالح لجنة التحقيق التي قدمتها؟
لا نريد أن نستبق الحوادث بخصوص ما يمكن أن يجري من موقف الأصالة فيما لو طرح الاستجواب، فالصورة لا تزال غير مكتملة الأجزاء، ومن الواضح تماما تحسس الأصالة بالذات، ناهيك عن الوفاق من نشر أي معلومات بشأن هذا الاتفاق المبرم، والتحفظ الكبير بشأن تفاصيله. حتى قال البعض أن ما أثار حفيظة الأصالة وربما ألبها على حليفتها الجديدة « الوفاق» هو ما نشر في الصحافة في اليوم التالي لإبرام الاتفاق مما وصفته «بتأويلات عارية عن الصحة». ولعل من الواجب على الطرفين أن يعلما أن الصحافة تعتبر شريكا حقيقيا في كل ما يقومان به من خطوات سياسية تمس بشكل أو بآخر مصلحة المواطنين، وتتنبأ بالمستقبل، وأن يكفا عن النظر إليها بوصفها ذلك المخلوق المزعج الذي يقوم بتأويل الأمور حسبما يشاء. وبعيدا عن كل التعقيدات التي ذكرت ولا تزال بشأن هذا الملف، وبعيدا عن ردود كل من الوفاق أو الأصالة أو الأطراف النيابية الأخرى... بعيدا عن كل ذلك أسأل سؤالا بسيطا واضحا لا تعقيد فيه ولا لف أو دوران... ما الذي يعنيه اتفاق الأصالة والوفاق المكتوب والذي أورد كلمة «الاستجوابات» صراحة إن لم يكن يعني وقوف الأصالة إلى جانب الوفاق في «استجوابها» عطية الله؟
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1884 - الجمعة 02 نوفمبر 2007م الموافق 21 شوال 1428هـ