المعرفة مؤتمر حضرته أخيرا في دبي وهو مبادرة من سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لشعبه الخليجي والعربي برصد مبلغ قدره عشرة مليارات دولار وقفية تخصص عائداتها لدعم وتطوير ونشر المعرفة بكل أشكالها وأنواعها.
وفيما أحاول تعريف كلمة المعرفة أو التعرف إليها وجدتني أمام أجندة المؤتمر بحيث إن الموضوعات كثيرة جدا ومتداخلة بشكل غريب، ويصعب تمييزها من بعضها بعضا! لترابطها الشديد وتأثير السياسة ونوعية الشعوب وتفاعلاتها مع الحياة وهي من أهم العوامل الرئيسية والتي تؤثر وتتأثر بالمعرفة، وإن النظام الاقتصادي المفروض من قبل الدولة وكفية ممارسته والطريقة في احتضان أو إهمال الإبداع والتعليم ومدى حساسية مثل هذه المنهجية!
إن الجميع يعرف مدى عمق بحور المعرفة! هي حولنا وفي كل من دواخلنا وفضاءاتنا في القارات الأخرى، والكون كله مبني عليها وحتمية الإلمام بكل شيء مها صغر أو كبر حجمه وإن الكيفية للتواصل مع المعرفة بدهية بحيث يجب الخوض في سلم التعليم ومن بابه الواسع فلا معرفة من دون علم على الإطلاق.
إن كلمة العلم والتعليم هي جبارة بكل حيثياتها ويصعب تعريفها! وهي - أي العلم - التي تشكل نواة المعرفة كما تشكل النواة قلب الخلية الحية في جسد الإنسان وكل الكائنات الحية، وهي ذات شجون وجميلة تلك الكلمة ويزداد ثراؤها كلما ازداد تواصل البشرية مع بعضها بعضا.
فمنها نخرج أجيالا متعلمة تعليما جيدا ومتكاملا يكونون في قمة العطاء ويصبحون كالعملة الصعبة التي يتهافت عليها الجميع فالأدمغة الغنية تكون ذخرا للبلاد كما في بلاد الهند باتوا يصدرون الكفاءات فالوظيفة تكون في انتظار أصحابها حال تخرجهم ولم تعد هناك بطالة بين أبنائها المتعلمين والحاصلين على تعليم جيد.
هؤلاء ضحكت لهم الحياة وهم يتدللون ويحصلون على ما يرجونه سواء من مواصلة الدراسة أو التنقل عبر القارات لزيادة التعرف إلى الأجزاء الأخرى وزيادة التحصيل والمتعة الاقتصادية وباتوا يملكون العصا السحرية لتحقيق أحلامهم المادية والمعنوية. إن المعرفة والعلم هما صنوان لجسد واحد ولا يمكن فصلهما مهما أضفان أو غربلنا تلك الكلمة.
ومهما احتاجت من التوابل والنكهات لتعديلها فلن ينفصلا فالعلم هو السلاح الأوحد لإيقاظ البشرية من سباتها والالتحاق بركب الحضارة العالمية، والعلم هو القفز خارج الأسوار، أسوار الفقر والبؤس والمعاناة والتخلف، التخلف الرهيب في أوطاننا. أما نوع العلم وطريقة تعليمه وتعلمه، والوسائل العصرية الواجب توافرها فهذه هي المعضلة الحقيقية، التي يجب فك رموزها، والسعي للتعلم من الشعوب الحية الأخرى سواء الغربية أو الآسيوية التي سبقتنا في القفز خارج الأسوار إلى أحضان الحضارة الحديثة الجبارة!
تلك الشعوب هي التي انتهجت منهجا حتميا للوصول وسارت عليه ولم تتلكأ بالحجج والترهات وخلق الأعذار للتقاعس والكسل.
تلك الشعوب قامت بتطبيق المساواة والعدالة الاجتماعية بين أبنائها وتكافؤ الفرص ومن دون التميز العرقي او الطائفي، هي التي صرفت ببذخ على مناهج التعليم وفضلت العلم والقلم على الإسراف المبتذل وشراء الأسلحة وتدليل الجيوش... إلخ. تلك البلاد أعطت الموهوبين والمبدعين جل اهتماماتها، ورعايتهم منذ الطفولة!
أخذت بأيديهم ثم افتخرت بهم وهم علماء يكتشفون العالم وخيراته بارزين في كل المجالات العلمية والثقافية والفنية... إلخ. وازدهرت الاختراعات والاكتشافات وانتقلت البلاد بهم نقلات نوعية رائعة متقدمة. كل ذلك تم بالالتزام الأخلاقي والنفسي والإصرار على الوصول.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1882 - الأربعاء 31 أكتوبر 2007م الموافق 19 شوال 1428هـ