العدد 2275 - الخميس 27 نوفمبر 2008م الموافق 28 ذي القعدة 1429هـ

قضية قرضاي وخيارات أوباما الصعبة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

شاهدت خطاب النصر لباراك أوباما من كابول، حيث كان لوعود حملته الانتخابية صدى خاصا. لقد أصبح المسرح الآن جاهزا لواشنطن لترسل آلافا إضافية من جنودها إلى أفغانستان، وبعد أن يراجع فريق أوباما الجديد التعقيدات المرتبطة بمهمة مكافحة التمرد هناك، أتوقع أن تماثل الولايات المتحدة الزيادة في الجنود بموارد مدنية أعظم لدعم مشاريع التنمية الاقتصادية والمساعدة على توسيع سلطة الدولة الأفغانية.

إلا أن فجوة هائلة مازالت تلوح في السياسة الأميركية: ليس هناك من هو متأكد ما الذي يتوجب عمله حيال الرئيس حامد قرضاي. من المقرر عقد الانتخابات في الخريف المقبل، وتسود العاصمة الأفغانية أسئلة حول ما إذا كان قرضاوي يستطيع، أو يجب، أن يربح فترة السنوات الخمس المقبلة.

من الجميل أن نقول أنه يتوجب على أميركا دعم مبدأ الانتخابات الأفغانية الحرة وأن تركز على العملية وليس على الشخصيات. الدفاع عن مؤسسات أفغانستان الانتخابية الناشئة وثقافتها بالطبع هو أمر يستحق ذلك قلبا وقالبا. إلا أن تأثير واشنطن الذي لا مثيل له في كابول يعني أنها لا تستطيع الجلوس هادئة عديمة الإحساس. فعدم التصرف يرسل رسالة صارخة مثله مثل العمل.

تعيش الدولة الأفغانية على نظام إنعاش خارجي. تحتاج مؤسساتها لمانحين خارجيين، وتقوم قوات أجنبية بحفظ النظام فيها. يفهم الأفغانيون هذه الحقائق، لذا فهم يراقبون بانتظار أية مؤشرات من واشنطن حول ما إذا كان قرضاي سوف يستمر في التمتع بالرفاهية الأميركية. قرضاي كذلك على علم عميق باعتماده على فاعلي الخير من الخارج، فقد كان دائما يقبع بشكل غير مريح في الوسط بين الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي.

يبقى قرضاي، رغم كافة الظروف، المرشح الأفضل. فهو يتمتع بفوائد كونه مرشحا، حيث تراكمت لديه خبرات في الدبلوماسية العالمية، وهو واحد من سياسيي البشتون الأقل خلافية. وبعكس العديد من الزعماء الآخرين الذين ظهروا من عقود من الحرب الأهلية، ليس هناك بين المجموعات العرقية خارج مجموعته من يخاف قرضاي أو يكرهه.

إلا أن أي حوار في كابول اليوم يكشف، عمليا، مجالا واسعا من النقد المعادي لقرضاي. ويستشهد العديد من المسئولين الدوليين بالفساد المفترض لأفراد أسرته وحلفائه السياسيين، مشيرين إلى أنه أثبت نفسه بأنه غير فاعل للمؤسسات وبإصرار، وهم يعربون عن القلق حول طرحه الشعبي الذي يزداد إزعاجا. ويقترح الأفغانيون الليبراليون أن قرضاي قام حتى الآن بتبذير صدقيته مع الجمهور، وهو لا يغامر أحيانا كثيرة إلى خارج فقاعته الرئاسية، وأنه ضعيف الإرادة ليحقق شيئا في مجتمع جعلته الحروب صلبا. ويتهم البعض قرضاي بأنه يسمسر للبشتون، بينما يقول آخرون إنه لم يعمل على إعداد قاعدة حقيقية من دعم البشتون.

تفوح العديد من هذه الشكاوى برائحة الحصرم، أو خيبة أمل لا مناص منها لتوقعات لم تتحقق. إضافة إلى ذلك فإن الغالبية الواسعة من منتقدي قرضاي ينزعون لأن يكونوا متفقين ومتحدين في أمر وحيد هام، إنهم لا يستطيعون تحديد فرد واحد يمكنه أن يقوم بعمل أفضل، فحقل الساعين للوصول إلى سدة الرئاسة ضعيف مضمحلّ، وجميع الذين تدور إشاعات الرئاسة حولهم يعانون من نقص ومشاكلات.

يفتقر بعض المدللين لدى المجتمع الدولي لإنتاج انتخابيين على مستوى الجذور. ويمكن للذين يتمتعون بجاذبية في مجتمع إثني معين أن يعزلوا مجموعات إثنية أخرى ذات تأثير، وأن يهددوا احتمالات الوحدة الوطنية. البعض تلطخت أياديهم بدماء كثيرة من حروب أفغانستان الأهلية الطويلة، كما وُصِم آخرون من الذين قضوا وقتا طويلا خارج أفغانستان بالجبن وبأن لهم ولاءات مشبوهة.

سوف يحتاج فريق أوباما الجديد في ضباب التمرد السائد في أفغانستان، لأن يتقدم بسرعة ليقرر ما إذا كان قرضاي شريكا محدود القدرة، أم أنه ضعيف لدرجة أن إعادة انتخابه ستشكل عائقا لا يمكن التغلب عليه أمام جهود وضع عملية بناء الدولة في أفغانستان على الطريق الصحيح. إذا اعتبر قرضاي عائقا أكبر مما يمكن تحمله، فإن السؤال التالي هو ما إذا كان بالإمكان إخراجه بيسر من السباق الرئاسي قبل أن تصبح هذه المغامرة خطرا على استقرار الدولة.

ولكن، من ناحية أخرى، إذا اعتبر قرضاي مقبولا على أقل المستويات، سوف يتوجب على واشنطن أن تعمل وقتا إضافيا لتضمن أن لا تؤدي جهوده القاسية التي تهدف إلى إقصاء متنافسين آخرين إلى تعريض شرعية العملية الانتخابية للخطر.

يتوقع المسئولون الأميركيون والأفغان والدوليون في كابول، بناء على تعهدات أوباما الانتخابية مزيدا من القوات والأموال والاهتمام. ما زال الكثيرون يعتقدون أن بإمكاننا هزيمة طالبان واستئصال الإرهابيين وتحقيق تقدم مطرد في المسيرة الصعبة الطويلة نحو بناء دولة أفغانية حديثة. ولكن الأسئلة السياسية من الدرجة الأولى ما زالت معلّقة، وهي تبدأ بالقيادة. وقد بدأ برنامج أفغانستان الانتخابي الزمني يفرض خططا عسكرية أميركية وأولويات للمعونة.

وبالنسبة لقضية قرضاي بالذات، لدى أوباما خيارات صعبة يجب أن يقرر حولها وبسرعة.

* زميل رئيسي للهند وباكستان وجنوب آسيا في مجلس العلاقات الخارجية، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2275 - الخميس 27 نوفمبر 2008م الموافق 28 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً