منذ أن انطلق الحديث في واشنطن عن اللجوء إلى الحل العسكري بدعوى القضاء على خطر أسلحة الدمار الشامل المزعومة لدى بغداد قال الكثيرون إن الهدف الأساسي وراء التحركات الأميركية المحمومة هو السيطرة على النفط العراقي إذ يمتلك العراق ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم، لكن انتاجه مازال دون مستواه قبل الحرب. وقد انتج العراق 2,4 مليون برميل يوميا وصدر 1,75 مليون برميل يوميا في مارس/ آذار ، كما تفيد الأرقام التي نشرتها في 9 أبريل/ نيسان الوكالة الدولية للطاقة. وكان الانتاج 2,8 مليون برميل يوميا قبل الحرب.
الباحث الأميركي أستاذ الدراسات الأمنية الدولية في كلية هامبشاير كوليدج بالولايات المتحدة مايكل كيلر وله العديد من المؤلفات أحدثها «الدماء والنفط.. مخاطر تزايد اعتماد أميركا على النفط المستورد» و»مصادر للحروب» و»خريطة الصراعات العالمية»، قدم تقريرا معمقا عن ملف النفط العراقي في السياسة الأميركية ونشر في صحيفة «آسيا تايمز» استعرض فيه بكثير من التفصيل والتحليل الدوافع الأميركية لغزو واحتلال. وفي هذا التحليل يقول كيلر: إنه على مدى عشرات السنين ترسخ مبدأ لدى كبار صناع السياسة الأميركيين وتحول إلى عقيدة لا يتزحزح الإيمان بها وهو أن الولايات المتحدة تستطيع استخدام قوتها العسكرية من أجل فرض سيطرتها على موارد النفط في دول العالم.
هذا الإهتمام الأميركي بالنفط العراقي أكده أيضا الرئيس جورج بوش في مؤتمر صحافي قال فيه «إن عائدات تصدير النفط العراقي هي أكبر مما كان متوقعا، مضيفا أن «عائدات النفط العراقي أكبر مما كنا نظن انها ستصبح في هذا الوقت».
وأشار إلى أن «عائدات النفط ، بعد سنة على تحرير العراق، كبيرة». وأوضح أن «واحدة من المخاوف التي كانت تساورني قبل الدخول إلى العراق هي ان تتعرض حقول النفط للتدمير لكنها لم تدمر».
أما على صعيد العراق وموقع نفطه الخام من «الحرب النفطية الأميركية» فلعل أصرح ما قيل بصدده ما جاء على لسان رئيس المؤتمر الوطني العراقي المعارض أحمد جلبي، وهو يؤكّد قبيل استقبال وزارة الخارجية الأميركية للمعارضين قبل شهرين من أنّ العراق «سيرفع بعد إسقاط نظام صدام حسين إنتاجه النفطي قطعا، وستُستدعى شركات أميركية كبديل عن الشركات التي تعاقدت حكومة بغداد معها، من فرنسا والاتحاد الروسي والصين الشعبية».
هنا لابد لنا من التذكير بأن الولايات المتحدة ظلت منذ أوائل الستينات من القرن الماضي تزيد تدريجيا اعتمادها على الإمدادات المستوردة من النفط بسبب تناقص نفطها المحلي. ففي حين كانت تستورد في الستينات من القرن الماضي 17 في المئة فقط من حاجتها النفطية، أصبحت الآن تستورد نحو 70 في المئة. وتتوقع إدارة «معلومات الطاقة» الأميركية أن ترتفع هذه النسبة الى ما يقرب من 90 في المئة بحلول العام 2025. وتعني هذه النسب بالأرقام الحقيقية أن الولايات المتحدة ستضطر الى زيادة استيرادها من حوالي 14 مليون برميل يوميا في العام الماضي إلى 21 مليون برميل يوميا في العام 2025، عندما يبلغ إجمالي استهلاكها آنذاك 28 مليون برميل يوميا.
أما بالنسبة بريطانيا والتي كان إنتاجها من النفط في وقت من الأوقات يضاهي ثاني أكبر منتجي أوبك، فقد تغيرت الأحوال اليوم وأصبحت تعد البراميل الأخيرة من حقولها الأوفشور في بحر الشمال الذي كانت تعتبر أكبر منتجيه. وتوضح إحصاءات وزارة الطاقة البريطانية أن الانتاج في أغسطس/آب من العام 1999 كان 3,1 ملايين برميل يوميا، لكنه انخفض في يونيو/ حزيران من العام الماضي الى 1,7 مليون برميل. ويعزو الخبراء الانخفاض السريع في نفط بحر الشمال إلى سبب علمي بحت وهو أن كلفة إدارة وصيانة المنصات البحرية (خصوصا في بحر الشمال) عالية للغاية، ما يدفع المنتجين الى الانتاج بالطاقة القصوى لاختصار الوقت، وهو يعني بالضرورة نفاد المخزون بسرعة وبشكل يكاد يكون فجائياَ.
وفي هذا الصدد توقع مايكل سميث، من مركز «ملفات الطاقة» البريطاني أن تبدأ بريطانيا استيراد النفط بعد عام أو أثنين، وأن يصل حجم هذا الاستيراد الى ثُلثي المليون برميل يوميا في العام 2015.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1880 - الإثنين 29 أكتوبر 2007م الموافق 17 شوال 1428هـ