بين كماشتين، الأولى لأطفال صغار، يعانون من عقدة «الضعف»، فإما أن يمرر الفرقاء - المتحفزون للنقض - ما يريدون/ يقترحون/ يعتقدون، وإما يعمد الأطفال للبكاء/ الغضب/ التلويح بالاستقالة. الثانية، كماشة «الأرجوزات»، الذين هم ببساطة، يفعلون ما يؤمرون، أرجوزات ترتدي «البشوت»، وتحتفي بالألقاب، فهم في البدء والختام «أصحاب سعادة».

بين كماشتين، لا تبقي إحداهما ما تذر الأخرى، وعلى البحرينيين أن ينتظروا كالغرقى ختام المسرحية البائسة، فليأتِ لنا الذين بشروا بدخول المقصلة/ الإصلاح من الداخل/ الإصلاح بالتدرج/ دخول الملعب على رغم النقص، فليتفضلوا علينا بـ «الحل» لما رمونا فيه.

بين كماشتين، كانت كماشة الجدل «السياسي» بين مؤيد ومعارض رحيمة بالناس، فما يفقده البحريني هناك يكسبه بالترضيات هنا. اليوم لا مجال للسياسي بكماشتيه الرحيمتين. من منا يتذكر «السياسي»؟ من منا يهتم بـ «السياسي»؟ كلنا مشغول بتصنيف صاحب السعادة/ معالي الوزير/ مدير الإدارة بين الكماشتين الجديدتين. هذا شيعي بكماشته، وذاك سني بكماشته، فليتفضل «الخبراء» علينا بـ «الحل» لما أمرضونا به.

بين كماشتين، على المتضرر أن يصبح شيعيا فقط أو سنيا فقط، فلا حياة للملونين. لا حياة للشيعي إلا بالمقربة من مسجده أو مأتمه، ولا حياة للسني إلا بالقرب من مسجده. ليس ثمة بحريني هنا، ثمة شيعي فقط، وثمة سني فقط، وعلى الملونين تدور الدوائر. خارج المجلس النيابي، خارج الدولة، وخارج الناس أيضا.

بين المشهدين. يغادر الجمهور قاعاته السيئة التكييف مبكرا، فلم يتبقَّ من مشاهد المسرحية التعيسة سوى القليل، الممثلون سيئون والجمهور ينطق بالحوارات الأخيرة قبل الممثلين، أما مخرج العرض فهو مفرط في الكلاسيكية، أثاث العرض لم يعد يجذب المشاهدين، والبيانات خارج نصوص عروض المسرحية في المجلس النيابي أصدق. ماذا تبقى؟ لا شيء يستحق أن نبعث لأجله من دواخلنا «الأمل»، من جديد.

يتحدثون في الآونة الأخيرة عن السرقة، والسرّاق، والمسروق. يتحدثون عن تقرير للرقابة على المال قد صدر وأنه يكشف ويقول ويؤكد ويتهم. أقول: فليسرق من يمتلك فن السرقة، وليمعن في السرقة حد الشبع/ التخمة/ الانتفاخ فلم نسمع أن أحدا ما انفجر جراء السرقة. تلاقفوها ما استطعتم ذلك، وما كالت مكاييلكم المفتوحة، فمالها وخيراتها ونعيمها حلال عليكم. هنيئا لكم به. اسرقوا، فلا خبر جاء، ولا تقرير نزل.