في ضوء ما عرضناه في الحلقتين السابقتين من ضمانات دولية أقرها المجتمع الدولي للشعوب الأصلية، بات من الضروري التعليق على ذلك الإغفال المُتَعَمَّد لهذه الحقوق في دولنا الخليجية عموما، والبحرين خصوصا. فالمجتمع البحريني الذي بات يقترب إلى الدخول في خروقات كبرى لحقوق السكان الأصليين، وخصوصا فيما يتعلق بعمليات التجنيس اللاقانونية - إن صحت دعاوى المعارضة في ظل التعتيم الرسمي لأعداد المجنسين - مضافا إليها عمليات التجنيس القانونية، بما يشمل الضغوط الدولية التي تتعرض لها دول الخليج التي تطالب بتجنيس العمالة المهاجرة إليها بعد إقامتها لما يزيد على السنوات العشر.
خليجيا أيضا، لايزال النموذج الكويتي الأكثر تحفظا عن الدخول في لعبة المزادات العامة للجنسية كما هي الحال في دولتين من دول الخليج تحديدا، ومع انفتاح الشقيقة الكبرى السعودية على أنظمة الجنسية حديثا، تبدو الشعوب الخليجية الأصلية في خطر حقيقي لا يمكن إهماله أو السكوت عنه. وتستطيع المؤسسات السياسية في الخليج أن تعمل على حماية حقوق السكان الأصليين من خلال الأمم المتحدة التي خصصت هيئات رسمية معنية بضمان حقوق السكان الأصليين، منها: «فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالسكان الأصليين»، ويعمل هذا الفريق في «إطار اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ويعد أول وأهم هيئة للأمم المتحدة تتشكل خصيصا لدراسة المسائل الخاصة بحقوق السكان الأصليين. ويقوم الفريق بمراجعة التطورات على الصعيد الوطني فيما يتعلق بتعزيز وحماية حقوق السكان الأصليين وكذلك برصد تطور المعايير الدولية المعنية بحقوق وحريات السكان الأصليين».
كما قام المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة - الذي يمثل إحدى الهيئات الست الدائمة للأمم المتحدة وفقا لقراره (2002/22) المؤرخ في 28 يوليو/ تموز 2000 بتأسيس جهاز آخر هو «المنتدى الدائم للأمم المتحدة المعني بقضايا الشعوب الأصلية». ويتألف المنتدى من 16 عضوا. وأخيرا، ثمة «مقرر الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان والحريات الأساسية للسكان الأصليين»، وكان أول من مثّل هذا المنصب رسميا هو رودولفو ستافنهاغن الذي عُيِّن في 24 أبريل/ نيسان 2001. وهذه الشخصية هي المعنية بـ «جمع المعلومات والبيانات وتلقيها وتبادلها وطلبها من جميع المصادر ذات الصلة، بما في ذلك الحكومات والسكان الأصليون أنفسهم ومجتمعاتهم ومنظماتهم، فيما يتصل بانتهاك ما لهم من حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتقدم بتوصيات ومقترحات بشأن التدابير والأنشطة المناسبة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية للسكان الأصليين وإنصافهم إذا تعرضوا لها».
إن حقوق الشعوب الخليجية في الإبقاء على هذه الدول في حال من السواء الاجتماعي بينها هي حق أصيل كفلته المواثيق والمعاهدات والشرعية الدولية، ولابد لمؤسسات المجتمع المدني من ممارسة المزيد من الضغوط في هذا السياق، وخصوصا في ظل ما تتعرض له بعض الشعوب الخليجية «الأصلية» من مخططات تشويه وإنهاء واستبدال وما تتعرض له هذه الشعوب من تمييز وانتهاك في ممارسة حقوقها الإنسانية الأصيلة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1878 - السبت 27 أكتوبر 2007م الموافق 15 شوال 1428هـ