العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ

المخرج حاتم علي: لاأؤمن بالمؤامرة وهذه أسباب اختياري لتيم الحسن

رافضا اعتبار مسلسله « الملك فاروق» إدانة للمرحلة الناصرية

قال المخرج السوري حاتم علي إنه وجد أن بعض القناعات الناشئة عن عمله الأخير» الملك فاروق « قد تبدلت بعد عرضه عما كانت قبل ذهابه إلى مصر. وأوضح علي أن هناك فارقا في تجربتيه السورية والمصرية، نابع بالأساس من الفوارق في المجتمع والبيئة وطرق العمل، ومثل هذه الفوارق قد تقود أحيانا إلى صدامات شتى وفي أحيان أخرى قد تؤدي إلى نتائج مختلفة عما يمكن أن يحدث لصناعة الدراما السورية أو المصرية كلا على حدة.

وعن قصة عرض العمل في الملك فاروق عليه يقول: كان من المفترض أن تبدأ علاقتي في مصر بالفيلم الذي ستنتجه شركة جودنيوز جروب بعنوان «محمد علي» لكن نظرا لضخامة العمل والتحضيرات الكثيرة التي يحتاجها تأجل اتخاذ قرار بدء التصوير إلى حين اكتمال هذه التجهيزات، وفي أثناء قراءة السيناريو الذي كتبته لميس جابر وأعجبت به جدا فما كان منها سوى أن اقترحت على جهة الإنتاج أن أباشر إخراجه ووافقت عليه حتى حين نعطي إشارة بدء التصوير في فيلم «محمد علي».

ويؤكد أن ما أغراه في تقديم «الملك فاروق» هو أن فاروق شخصية درامية بامتياز على الصعيدين الشخصي والعام فقد كان عصره غنيا بتجربته السياسية، فهناك دستور وبرلمان وانتخابات وصراع أحزاب وتشكيل وزارات، ناهيك عن حراك اجتماعي وثقافي وفني منقطع النظير واعتقد شخصيا بأن وصم شخص فاروق وعصره بالفساد هو تعميم ظالم لفترة مهمة وغنية في تاريخ مصر.

رفض

كما رفض حاتم أن يكون العمل إدانة للمرحلة الناصرية التي تلت عهد فاروق قائلا: عندما سنطبق المنطق ذاته الذي نحاول تنفيذه في المسلسل، فالعصر التالي كانت له إنجازاته وعيوبه أيضا، وهذا ينطبق على عصر فاروق في المسلسل دعوة لعدم الإقصاء، الذي يصل أحيانا إلى أن يجهل المواطن العربي تاريخه فيظن أنه يبدأ من الحاكم الذي على رأس الدولة الآن.

ويضيف : اعتقد جازما بأن المؤلفة لميس جابر أسست عبر كتابتها لقراءة أكثر موضوعية وأكثر إنصافا لفاروق وعصره.

وأشار إلى أنه أخذ الاحتياطات اللازمة خوفا من مفاجآت كان يتوقعها قائلا : «من خلال تجارب زملاء سبقوني للعمل هناك احتطت باعتمادي على فريق من المساعدين الذين عملوا معي سابقا من مدير تصوير ومصور ومصمم أزياء ومساعد إخراج ومونتير بالتالي استطعت أن أعمل بطريقتي على رغم وجود هذه الفوارق، حتي يمر الموضوع بسهولة، و كل العقبات التي صادفتني كانت أمرا مفهوما ومتوقعا.

وعن الصعوبات التي واجهته يقول: «لم أجد تجاوبا مع العمل ولا أدري إذا نتج هذا عن طبيعة الصناعة الفنية في مصر أم أنه خاص بهذه التجربة تحديدا لأنها تقترب من شخصية غير محبب الكلام عنها، فقد منعنا من التصوير في قصر عابدين أو قصر القبة أو قصر المنتزة، وهي من القصور التي كان يعيش فيها الملك فاروق وقد تحولت إلى قصور حكومية أو ما شابه ما اضطرنا لأن نبني ديكورات كثيرة مكلفة، وبالطبع إن وجود استوديوهات كبيرة ومدينة سينمائية على رغم عيوبها قدما بديلا معقولا .

وعن اقتحامه للمدرسة المصرية بكاميرا واحدة خصوصا أن البعض يعتبر استخدامها نقيصة يقول : أؤكد أن هذه التجربة استطاعت أن تخلخل بعض القناعات وتزيل هذا الخوف، ففي الأيام الأولى للتصوير حصلت لدى البعض شبه صدمة، حتي أنني قرأتها في وجوه بعض الممثلين ولكن بعد أن تعمقت العلاقة الشخصية بيننا صارحوني بخوفهم من العمل بكاميرا واحدة إذ يعني بالنسبة للممثل المصري الكثير من الوقت والجهد وبعضهم قال صراحة: إنه لو كان يعلم أن العمل سيصور بكاميرا واحدة فإنه كان سيعتذر سلفا، ولكن مع مرور الأيام الأولى فهموا أن في الإمكان الإنجاز بكاميرا واحدة ما يمكن إنجازه بكاميرات ثلاث وربما أكثر وهكذا انتهت هذه الصدمة إلى مفاجأة سعيدة.

مبررات مقبولة

ويبرر حاتم اختياره لابن بلده الممثل السوري تيم الحسن عن أي ممثل مصري آخر قائلا : كان أكثر راحة لي لو كان الممثل مصريا، فهذا كان سيخلصني على الأقل من عبء التبرير الدائم المستمر لهذا الاتهام، فضلا عن أنني لم أجد حماسة من ممثلي الصف الأول لهذا الدور، وربما هذا يعود إلى قناعات سابقة تتعلق بشخصية فاروق، خصوصا أن الدراما المصرية السينمائية والتلفزيونية قدمته بنمطية شديدة ووجهة نظر تحكم عليه سلفا من الناحيتين الأخلاقية والأيديولوجية إلى درجة أن ملامحه أصبحت شبه كاريكاتورية لشدة ما ألصق بها من مبالغات، هذا فضلا عن أن العمل التاريخي عموما لا يستهوي الممثلين أو الجمهور في مصر على حد سواء، طبعا هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن تيم الحسن كان خيارا خاسرا، فأعتقد بعد عرض العمل إن قراري كان صائبا إلى أبعد حد لأن بيني وبين تيم تقاربا وتاريخا مشتركا وهو على الصعيد الشخصي بذل مجهودا جبارا في تجسيده لهذه الشخصية.

وعن قراءته كسوري لشخصية الملك فاروق يقول : حاولت الاستفادة من قراءة الشخصية في أعمال سابقة وهذه الطريقة مبنية أساسا على عدم إطلاق أحكام أخلاقية أو أيديولوجية حاسمة وإفساح المجال لمثل هذه الشخصيات لأن تكشف عن نفسها من الناحية الموضوعية واعتقد أن هذه القراءة عادة تكون قراءة مفيدة من الناحيتين السياسية والدرامية، لقد بدأت العمل وأنا على قناعة بأن فاروق هو أكثر شخصية تعرضت للظلم في تاريخ مصر، ثم تعمق إحساسي بقراءات كثيرة جدا لتلك المرحلة.

وعن الأجور العالية التي تدفع للدراميين السوريين في مصر من أجل سحب البساط من تحت أقدام نجوم الدراما المصرية يقول: لا أميل إلى قراءة هذه الظاهرة من وجهة النظر المؤامراتية ولا أعتقد بوجود جهة رسمية أو غير رسمية مصرية لديها مثل هذه الأجندة، وأنا لم أذهب إلى مصر بناء على استدعاء من جهة رسمية أو غير رسمية، إنما ذهبت لتنفيذ مشروع استهواني وبمحض الصدفة.

ويضيف : القطاع الخاص في أي بلد ينتمي إلى مصالحه الخاصة وربما وجد زملائي السوريون نوعا من التجديد المدعوم أساسا بتجربة درامية مختلفة، وبالتالي أعتقد أن النتائج تحدد إذا كانت هذه الموضة ستتكرس كظاهرة أو أنها ستزول سريعا كما بدأت.

وعن ارتباطه بإخراج الأعمال التاريخية يقول : هذا هو الانطباع السائد ربما لأن الأعمال التاريخية عرضت على نطاق واسع وحققت لي شهرة كبيرة لكنني لا أنجز لنوعية على حساب الأخرى بدليل تقديمي عددا من الأعمال المعاصرة، مثل: «الفصول الأربعة» في جزءين و«أحلام كبيرة ، وعصي الدمع، وعلى طول الأيام».

وينفي حاتم أن تكون الأعمال التاريخية تبرز إمكانات المخرج وقدراته بأكثر مما تفعل الأعمال الدرامية المعاصرة موضحا أن هذا غير صحيح، لأن الأعمال المعاصرة تضع المخرج في اختبار صعب لأنه مطالب باستنباط الجمال من الواقع الذي غالبا ما يكون قبيحا بعكس التاريخي.

صعوبات جمة

وعن الصعوبات التي واجهته مع الممثلين المصريين قال: الغالبية العظمى منهم مشغولون بصفة دائمة وبأكثر من عمل في وقت واحد. الأمر الذي يؤدي إلى عدم تفرغهم ويؤثر على الشكل الخارجي للشخصية الدرامية، من ماكياج وشعر نتيجة لارتباط الممثل منهم بتصوير أكثر من عمل في وقت واحد إضافة إلى صعوبة أخرى تتمثل في الإجراءات البيروقراطية اللازمة لاستخراج تصاريح التصوير في الأماكن الخارجية والأزدحام الشديد في القاهرة.

وعن رأيه فيما يتردد عن نجاح الدراما السورية في سحب البساط من تحت أقدام الدراما المصرية قال: هذا النوع من الجدل لا أحبذه، والغلبة ليست دائما لمن يفوز بل لمن يقدم أعمالا تحترم الجمهور وما يحدث أشبه بحلبة السباق التي يفوز فيها جواد وفي السباق التالي يربح آخر وفي كل الأحوال هناك تكامل بين الدراما السورية والمصرية.

وعن نزوح عدد من الممثلين السوريين للعمل في مصر قال: نحن نعيش زمن العمل العربي والتقاء العناصر الفنية العربية في عمل واحد أمر محبب فرضته عوامل عدة أهمها الانفتاح الفضائي، وأصحاب الأسماء الذين يعملون في مصر هم من أصحاب الكفاءات والموهبة في سورية.

ويعيب حاتم على بعض المتعصبين القائلين إن مصر لا تعوزها الكفاءات والمواهب السورية أو غيرها قائلا: هذا التعصب كان يمكن تبريره إذا لم يكن في سورية دراما لكننا نقدم دراما متميزة ومختلفة ولا نجد حرجا في الاستعانة بممثلين من السعودية وتونس المغرب وجميع الدول العربية والغربية أيضا حيث نستعين بممثلين وفنيين من بولندا وإيران وإنجلترا وفرنسا بهدف صنع عمل فني جيد، لأنه سيحسب في النهاية للمخرج دونما النظر إلى جنسية من يعملون معه. المخرج حاتم علي خريج معهد الفنون المسرحية في سورية العام 1982، وعمل مدرسا وأشرف على تخريج دفعتين من المعهد ثم ترك المعهد وهجر التدريس واتجه لكتابة مجموعتين قصصيتين نشرا أخيرا ، ثم كتب عددا من السيناريوهات لأفلام ومسلسلات وقام بتحويل قصة تاريخية بعنوان «القلاع» إلى سيناريو وحوار وشجعته التجربة على تحويل قصتين من أعماله إلى سيناريو وحوار لفيلمين، كما جرب العمل كممثل لعدة سنوات في عدد من الأعمال الفنية قبل أن يستقر به المقام ويتخصص في الإخراج التلفزيوني والسينمائي الذي تفرغ له تماما.

العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً