العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ

الفضائيات... «راحت السكرة وجات الفكرة»

الفضائيات العربية - وخصوصا التي نشطت نشاطا ملحوظا - منها الصالحة وأخرى الطالحة، فقد كانت في حال استنفار قصوى خاب من خاب ونجح من نجح في موسمها الرمضاني لهذا العام، وبعد أن حصدت الكثير وجمّعت الأكثر من الاعلانات التجارية التي كانت الهدف الاسمى لجميع هذه الفضائيات التي يُخال لي من كثرتها أن المسلسلات كانت تتخلل الاعلانات التجارية لا العكس!

فالمحطات التي تحترم نفسها ومشاهديها عليها عبء كبير يبدأ من أول يوم ينتهي فيه موسم شهر رمضان، إذ يجب عليها المراجعة الحصيفة والمراجعة الدقيقة في الكم الهائل من البرامج والمسلسلات التلفزيونية المُعلبة السطحية منها والتافهة والمُسيئة والتي كانت غالبيتها «أي كلام وخلاص»، وأن تضع الاستراتيجيات الصحيحة والمعايير الدقيقة لاختيار ما يفد إليها من المنتجين.

فالمثل القائل «الهدوء الذي يسبق العاصفة» سيتغير هنا ليصبح «الهدوء الذي بعد العاصفة»! أو أنه «الفكرة التي تأتي بعد السكرة» فبعد ربشة وزحمة المهمات يبدأ التفكير الجدي من قبل المحطات «السوية» للتعاطي مع المواسم القادمة بشكل أفضل من شأنه أن يرحمنا نحن المشاهدين ألا نُصاب بهذه النوبات من الصداع والضغط والقهر والاسهال جراء ما يُعرض علينا من أمراض ما أنزل بها الله من سلطان.

فلم يكن صعبا جدا هذا العام على الفضائيات إجمالا أن تختار ما تريده وما لا تريده من المعروض من سلع لربما نستطيع أن نسميها «سلعا رمضانية» وهي حالها من حال القيمات والساقو والهريس!

فهي مواسمُ خصبة لمنتجي البرامج والمسلسلات، ولكن الخطأ تكرر هذا العام أيضا - كالعادة - حتى مع الفضائيات القديمة/ العريقة، من خلال حشو غالبية هذه المحطات بالغث و «القليل» من السمين من خزعبلات أوجعت أدمغة المشاهدين (أنا وأنت) جعلتك طوال الوقت تبحث عن محطة تقضي معها وقتا لا بأس به ولكن هيهات في غالب الاحيان!

لا ننكر طبعا أن هناك مسلسلات ظهرت وحازت إعجاب النخبة من المشاهدين، حتى لو أنها كانت مثار جدل بين مُعجب وآخر إلا أنها في النهاية تفرض احتراما لها للجهد المبذول والفن المطروح وإن أحببنا أن نذكر فلن ننسى «باب الحارة» و «الملك فاروق» و «نعم ولا».

فمثلما هناك تجار للبرامج التافهة والمسلسلات السطحية، أيضا هناك تجار للبرامج الدينية التي تطل علينا في فضائياتنا لذر الرماد في العيون؛ لكوننا في شهر رمضان ولا بأس من تضمين الخريطة البرامجية بشيء من مسلسل ديني هنا وبرنامج ديني آخر وبالوجوه نفسه هناك، فتجار هذه البرامج هم أيضا يلعبون على حبل «متطلبات الموسم»، والمحطات الفضائية تحتاج إلى هذا الرماد لعيون المشاهدين.

فلن ننسى الاذاعات من طرحنا اليوم شعار «الفكرة والسكرة»، فهي أيضا لها ما لها وعليها ما عليها، فقد أتحفتنا جميع المحطات الاذاعية بحشو مطوّل لمسابقات إذاعية ودردشة مُذيعين وقهقهة آخرين وكأنهم في قهوة! فهل هذا هو الدور الذي ينتظره المستمعون وهم يسوقون سياراتهم وسط زحمة السيارات في الشوارع، أو هذا الذي يريدون ليصحيهم من غفواتهم وهم وسط طوابير السيارات في العاصمة (المنامة) أوقات الذروة. إن كان الجواب بنعم أو لا فهذا هو شأنهم مع مستمعيهم.

نهاية، إن الامور تؤخذ بنسب مُعتدلة من المواجهة مع النفس أولا وبعدها تتطور مع المحيطين من الثقاة، وإن كانت هذه المحطات الفضائية والإذاعية تحترم مشاهديها ومستمعيها فإنها ستعتبرهم من الثقاة بالتأكيد ومنها ستتواجه معهم وستسمعهم ولاسيما وإذا ما كان طرحهم مُعتدلا ومتوازنا ومؤدبا، فهل يا ترى نصدق القول في هذا؟

العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً