العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ

عندما يصبح «الريموت كونترول» فردا من العائلة

تحكم في كل ما حولك بضغطة زر...

إذا كنت عائل الأسرة أو الشخصية الأقوى في المنزل، أو الأكبر سنا، أو الأكثر عنادا ومقدرة على إزعاج المجتمعين في الجلسة... فتأكد أن جهاز التحكم بالتلفاز (الريموت كونترول) سيكون من حقك وستصبح قيادة الجلسة تلفزيونيا من اختصاصك، مع ذلك أثناء قيادتك توقع بعض الاعتراضات والمناوشات، وبعض التعليقات الجانبية عن تسلطك على المشهد التلفزيوني في الصالة، باختصار المتحكم في هذا الجهاز الصغير يعتبر وزنا وصاحب مكانة خاصة في أي تجمع يستهدف تتبع برنامج تلفزيوني.

التحكم عن بعد لم يعد محصورا في «صندوق الفرجة» التلفزيون، فالسيطرة الإلكترونية عن بعد باتت تطبق اليوم في غالبية الأجهزة، المسجلات والراديو، الإضاءة، أجهزة التكييف، السيارات، الألعاب، حتى الأبواب والنوافذ، فلكل شيء إلكتروني جهاز تحكم، وكل شيء يمكنك التحكم في أدق حركاته من دون أن تغادر مكانك. اضغط على الزر وانتظر تلبية رغباتك، وإذا كانت أجهزة التحكم تزعجك بكثرتها، فتتوه فيما بينها كلما أردت إصدار أمر لجهاز ما، فاليوم هناك ما يوفر عليك تعددها، إنه جهاز تحكم متعدد الأغراض، يغنيك عن كثرتها، ويوفر خدمات متطورة أكثر من تقنيات توم كروز في فيلمه الهوليوودي «مهمة مستحيلة».

على رغم أهمية هذا الجهاز، واعتباره ثورة تقنية في مرحلة من المراحل، وتوافره اليوم في جميع المنازل لأغراض متنوعة، فإنه كأي محدث جديد لا يستطيع الإفلات من الانتقادات والاعتراضات، فالخمول وقلة الحركة والاعتماد على وسيلة تنفذ عنا رغباتنا، ومخاطر التعرض لإشعاعاته، وغيرها من الانتقادات، كانت في المرصاد له. للصدقية، كثير منا تشل مقدرته على مشاهده التلفاز إذا تعطل جهاز التحكم، حتى لو كان ما يعرض على الشاشة المفضلَ لدى المتابع، فالرغبة لا إرادية في تغيير القناة بين الحين والآخر من دون الحاجة إلى بذل جهد حتى لو كان بسيطا بل بات عادة لدى غالبيتنا.

فإذ لم يتوافر لديك طفل في البيت تستطيع أن تستعمل بديلا لجهاز التحكم، يجلس بقرب جهاز الاستقبال (الرسيفير) ويقوم بتغيير القنوات وفقا لإرشاداتك، فبالتأكيد لن يبقى الجهاز معطلا لأكثر من يوم واحد أو يومين على أكثر تقدير، إذا كانت المشاغل أكثر من أن تتوافر لدينا فرصة لحملة مسرعين لأقرب مكان يمكن إصلاحه ومعالجته فيه من الوعكة التي ألمت به، وبالتأكيد أن في حال لم يوجد له حل سريع، أو بديل يعوض عن مهماته المحورية في المنزل، فجهاز استقبال جديد (رسيفير) قادم في الطريق.

ولكون «الريموت كونترول» يقوم أساسا على فكرة التحكم من قبل شخص واحد، من يمتلك الجهاز في يده، فقائد الجهاز هو مالك الخيارات والسلطة في الاختيار، إلا إذا كان من المغلوب على أمره ويمتلك سلطة التحكم التلفزيوني شكليا فالأصوات من حوله توجه تحركاته بين القنوات.

ومن الأمور المضحكة التي تحدث كثيرا في غالبية البيوت، هي تلك الخلافات على اختيار المحطة، فالرب الأسرة (الأب) غالبا ما يتابع نشرة الأخبار ومحطاتها، وإذا كان من المهتمين بالبورصة والاقتصاد، فبالتأكيد لا يمكن زحزحته من أمام المؤشر الأحمر والأخضر، إلى أن تخبره مذيعة قناة «العربية» أن موعد إغلاق البورصة قد حل، وأنها أنهت دوامها لليوم.

أما السيدات، فمن الممكن أن تفتعل مشكلة تطور حوادثها وتظهر لها إسقاطات متنوعة على الحياة الزوجية وتفاصيلها في حال لم تتابع حلقة المسلسل من بدايتها، أما في حال الأطفال الأضعف بين أعضاء الأسرة، وأقلهم قامة، فإن سلاح الإزعاح والصراخ والقفز بين أرجاء الصالة أمام التلفاز. زد على ذلك أنهم قادرون على تحويل قدرات جهاز التحكم عن بعد من أي محطة وأي برنامج، إلى ما يختارونه بمجرد فراغهم أو أنهم أحسوا بالملل من التسلية بألعابهم.

بالنتيجة هذا «الكونترول» المتحكم في جلساتنا التلفزيونية، ما هو إلا فرد من الأسرة الآن، فرد يحتل مركزا مهما بيننا، ولعل اللص الذي عاد إلى البيت الذي سرقه قبل أيام، فألقي القبض عليه، برر عودته أنه نسي جهاز التحكم بالتلفاز الذي سرقه، وبالتالي البضاعة غير كاملة، ولن يستطيع تصريفها بسهولة وهي ناقصة.

العدد 1877 - الجمعة 26 أكتوبر 2007م الموافق 14 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً