بعد أن استبشر السودانيون بمقدم السلام وتعافى الوضع الاقتصادي من التدهور المريع نسبيا، ها هو الأمل سرعان ما أخذ يتبدد لتحل محله هذه الأيام المخاوف من التشرذم والضياع جراء نكوص الحركة الشعبية الجنوبية المتمردة سابقا عن المشاركة في الحكومة المركزية في الخرطوم وتنفيذ اتفاق السلام.
لم تكتفِ الحركة الشعبية بهذه الخطوة السلبية بل أخذت تحرض متمردي إقليم دارفور الغربي على عدم الجنوح للسلم ومن ثم الذهاب إلى المحادثات في سرت الليبية التي تعقد غدا (السبت)؛ ولذلك أعلنت 6 فصائل مقاطعتها المفاوضات؛ ما يهدد بتأجيلها أو بفشلها.
لقد كان اتفاق السلام مع المتمردين السابقين في الجنوب معقدا للغاية في بنوده وآليات تنفيذه ومليئا بالتفاصيل؛ ما قاد الكثيرون إلى توقع فشله حينما تشرع الأطراف الموقعة عليه في تطبيقه. ولكن بفضل هذا الاتفاق حصل الجنوبيون على مكاسبَ كبيرةٍ لم يكونوا ليحصلوا عليها عبر فوهة البندقية التي يلوّحون بها الآن، فاستطاعوا حكم أنفسهم بأنفسهم وأصبحت لهم مواردهم الخاصة.
ومن المؤسف أن قادة الحركة الجنوبية يستقوون بالقوى الخارجية، وخصوصا الولايات المتحدة التي يزورنها شهريا لتلقي التعليمات التي دائما ما تتضارب مع الإرادة الوطنية. صحيحٌ أن هناك بعض البروتوكولات في الاتفاق لم تنفذ بسبب مجافاتها الواقع على الأرض وحقائق التاريخ - مثل قضية أبيي - ولكن لا يعني ذلك نقض المواثيق. وليس من مصلحة الجنوب العودة إلى الحرب. أما عن متمردي دارفور فعليهم البحث عن مكاسبَ عبر التفاوض قبل أن يسأم المجتمع الدولي قضيتهم وتدخل بوصلتهم عالم النسيان.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1876 - الخميس 25 أكتوبر 2007م الموافق 13 شوال 1428هـ