على رغم من المصائب التي عمت العراق والأمّة العربية قاطبة من فعل «الرئيس المهيب القائد» نجد - مع الأسف الشديد - بعض المنتفعين يترحّمون على الرئيس «المهيب الركن»، هذا ما طالعتنا به إحدى الصحف المحلية في تاريخ 22أغسطس/ آب الجاري لبعض هؤلاء - أدعو القرّاء إلى الرجوع إليها وتأمل ماورد فيها، وإني لأجزم أنهم سيرون ما يثير الألم والحسرة!
ومن المخجل حقا أن ينبري بعد نفوقه وهلاكه نفر ليس بقليل جدا من أفراد الشعب البحريني، المخدوعة بالبكاء والنواح عليه عبر اللقاءات الصحافية، ومن السفه أيضاَ أن يحرج هؤلاء النفر المشاركين معهم في أحلاف وطنية على المستوى المحلي أمام مريديهم بإظهار هذا الموقف الشائن، وقلب الحقائق غير الخافية إلا على المعتوهين.
فالعبقري الملهم، وحارس البوابة الشرقية، وبطل العروبة، وقاهرالأمبريالية _ في نظر من يطلق عليه هذه النعوت الرنانة - هو مَنْ أنزل المصائب المهولة بالشعب العراقي أولا ثم بالأمتين العربية والإسلامية, وهو الذي بلغت به أنانيته وصلفه وهو يسير نحو غرفة الإعدام « .
يصعب على الإنسان أن يعدد الجرائم الصدامية الممتدة عبر سنوات حكمه وتسلطه فهي لا تعد ولا تحصى ولعل من أهمها: أجهزة القمع الرهيبة التي أقامها في طول البلاد وعرضها لاضطهاد من تلوح له معارضته أو يشك في عدم ولائه حتى لو كانو من رفاقه في الحزب والسلطة, فضلا عن معارضيه الآخرين - انظر مثلا كتاب ( الهروب إلى الحرية) أوراق من أيام محنة عاشها العالم النووي السابق، وزير النفط الحالي حسين الشهرستاني في سجون صدام من سنة 1979 إلى أن تمكن من مغادرة السجن في أخطرعملية هروب سنة 1991 إبان غزو الكويت - والمقابر الجماعية التي ملأ بها أرض الرافدين, والاحتلال الأجنبي للعراق الذي تسببت عنجهيته وغباؤه وسياسته الرعناء في حدوثه والحرب الضروس المريرة مع إيران التي استمرت ثماني سنوات والتي خلفت أكثر من مليون قتيل وجريح وأرملة ويتيم ومعوق في البلدين كليهما, ثم غزوه الغاشم للكويت الجار الصغير الذي أحسن إليه وارتكابه بعد احتلاله من الجرائم البشعة, وتدميره العراق تدميرا كاملا التي لاتزال آثاره يعرفها القاصي والداني, بالإضافة إلى الخسائر المالية الباهضة والتراجع الاقتصادي للعراق و تشريده الملايين من العراقيين أكثرهم من المتميزين في مختلف أنحاء الأرض وغير ذلك من ماس يصعب حصرها وتعدادها والتي يندى لها الجبين.
وما يبعث الأسى والإشمئزاز أن نجد بعد هذا كله منافقين ينعتونه بعد هلاكه «بالسيد الرئيس» « وبالشهيد» « «ويترحّمون عليه» مثلما ما كانوا يفعلون في أثناء حياته.
ولو أردت الاستطراد لذكرت الكثير من الجرائم، وهي معروفة وموثقة بالصوت والصورة ومما يثير المشاعر ويخلق الإحباط مثل هذه الأبواق, فقد أخذنا نقرأ بين الفينة والأخرى في بعض الصحف من يحول به أحد المكابرين - كالعادة - قائد أم المعارك إلى مديح له وبصفات مبتذلة ممجوجة بتمجيد القائد المناضل الراحل وكأنه مازال يحكم ويذكرنا هذا بالتهريج الصاخب خلال فترة تسلطه على الرقاب ولاسيما أيام الحرب العراقية الإيرانية، وذاك المجد الغابر غيرالمأسوف عليه.
إقرأ أيضا لـ "حسين احمد"العدد 1876 - الخميس 25 أكتوبر 2007م الموافق 13 شوال 1428هـ