يوم الإثنين الماضي وقّع عددٌ من أتباع الديانات في البحرين على «وثيقة البحرين للتسامح الديني والتعايش الاجتماعي»، والاجتماع كان إحدى ثمار الجهود التي بذلها الشيخ راشد المريخي في الفترة الأخيرة، والوثيقة وُقّعت في مقر الكنيسة الإنجيلية الوطنية في المنامة، وتحدّثت عن «إيمان الموقعين الراسخ بأنّ التسامح والتعايش هما الركيزتان الأساسيتان في تقدّم البشرية وازدهارالحضارات»، وأن الموقعين يدعون إلى « نَشْر ثقافة التسامح الديني بين الناس جميعا، نبذ العنف والكراهية والتطرّف والتعصّب، ترسيخ ثقافة الحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، الدعوة إلى التعايش السلمي بغض النظر عن الانتماء الديني، أوالعرقي، أو الفكري».
والمنامة كانت حاضنة لتعدد ديني وإثني عريق منذ منتصف القرن التاسع عشر عندما ازدهرت فرضة المنامة، والتي تطوّرت معها الأسواق الممتدة من باب البحرين إلى داخل الأحياء القديمة. ولعلّ تلك الحيوية نفتقدها الآنَ، فأحياء العاصمة تحوّلت إلى مساكن للعمّال الآسيويين، والأسواق بدأت تندثر مع ظهور المجمّعات التجارية الحديثة.
ولكنّ تراثنا البحريني هو التنوّع والتحاور والتعارف، وإنّ ماحدث خلال السنوات الماضية من مشكلات وتفريق بين الناس سببه قضايا طارئة على المجتمع، ونحن أحوج ما نكون حاليا إلى إحياء هذا التعايش، كما أننا بحاجة إلى أن ندمج جميع الفئات في مسيرة التنمية وألانفسح لممارسات التمييز أو التفريق بالاستمرار.
إنّ نبذ ممارسات التمييز، والفرقة، ونشْر مبادئ الحوار، و التآلف، والتسامح فيما بين الأديان، وفيما بين الفئات المجتمعية، من شأنها أنْ تؤدي إلى تقوية أواصر العلاقات وتعزيز أمن واستقرار بلادنا، فشعب البحرين من أطيب الشعوب، ومن أكثرها قبولا بالآخر، وهذا الشعب يستحق كلّ تكريم، وتقدير، وصون للحقوق المنصوص عليها دستوريا، والتي تدعو إليها جميع الثقافات الراقية، وتؤكّد عليها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
إننا بحاجة إلى أنْ ننقل الحكمة التي انتشرت في أوساط الشخصيات التي اجتمعت الإثنين الماضي في مختلف أنحاء المجتمع، وإننا بحاجة إلى أن ترتقي قوانين وممارسات الدولة إلى المستوى الحضاري الذي تتطرق إليه الندوات واللقاءات التي تجمع أتباع الديانات، والثقافات المختلفة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2274 - الأربعاء 26 نوفمبر 2008م الموافق 27 ذي القعدة 1429هـ