كما يبدو فإن هناك ما يشبه الإجماع الدولي على أن أوضاع الدولار هي التي تقلق وضع العملات العالمية بما فيها اليوان. فقد اجتمع وزراء مالية دول منطقة اليورو التي تضم 13 عضوا في بروكسل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2007 لمناقشة تباطؤ الاقتصاد الأميركي وانخفاض سعر صرف الدولار الأميركي والعجز في ميزان المدفوعات الأوروبي، وهي المشكلات التي يواجهها الاتحاد وتؤثر على دول العالم الأخرى.
وحذر الاجتماع من أن انخفاض سعر صرف الدولار بدأ بالتأثير على الصادرات الأوروبية مباشرة، وخصوصا على صادرات النبيذ الفرنسية وعلى بيوت الموضة الإيطالية وصادرات السيارات الألمانية، وهي الصادرات الرئيسية إلى الولايات المتحدة من الاتحاد.
ومن جانب آخر حذر اتحاد أرباب الأعمال الأوروبيين الأسبوع قبل الماضي من أن آثار سعر صرف اليورو الذي وصل إلى أكثر من 1,40 دولار بدأت تظهر بشكل مؤثر على الشركات الأوروبية. كما أن الارتفاع طال أيضا سعر صرف اليورو مقابل العملتين اليابانية والصينية.
وفي السياق ذاته، وعلى نحو مستقل دعا المدير العام لصندوق النقد الدولي رودريغو راتو الحكومة الاميركية الى خفض العجز في حساباتها الجارية بشكل عاجل عبر بذل الجهود على صعيد الادخار. وأوضح راتو خلال خطاب القاه امام جامعة كاليفورنيا في بيركلي مساء الجمعة 19 أكتوبر / تشرين الأول 2007، قائلا: «من الأهمية بمكان وبسرعة ان تعالج الولايات المتحدة العجز في حساباتها الجارية من خلال زيادة الادخار الداخلي».
وأضاف راتو في خطابه أن «الإدارة الاميركية تقر بالحاجة الى خفض العجز لكن مشاريعها تتركز بشكل شبه كامل على اقتراحات تقتصر على خفض النفقات».
وكان راتو يستند إلى التقديرات الأخيرة لعجز الحسابات الجارية أي 337 مليار دولار للعام 2006 والتي نشرها الكونغرس الأميركي الأسبوع قبل الماضي. ولم يشر راتو من بعيد أو من قريب إلى أية علاقة لليوان بهذ الأزمة المالية الأميركية. صحيفة «النيويورك تايمز» تعزز هذه المقولات التي تذهب إلى إلقاء مسئولية أزمة الدولار الأميركي على الإدارة الأميركية وليس على أحد سواها، هذا ما جاء في مقال لأحد كبار محرريها باول كروغمان وقام بترجمته عبدعلي سلمان ونشره موقع صحيفة «المدى» على الإنترنت، ومما جاء في ذلك المقال «واذ تعترف الحكومة الاميركية الان بأن هناك مشكلة، فهي تصر على أن هذه المشكلة تخص الصين ولا تخصنا (أي أميركا)، ولا يوجد أي دليل على ان واحدا من الإدارة يواجه الحقيقة المرة التي مفادها أن الاقتصاد الأميركي بات يعتمد على القروض المنخفضة الفوائد التي تقدمها الصين وحكومات أجنبية أخرى ومن المحتمل ان تكون هناك مشكلات أساسية عندما يحين موعد هذه القروض وهو آت قريبا. وآلية العلاقات الاقتصادية الصينية ـ الاميركية كالآتي: النقود تتدفق على الصين لسببين: الفائض التجاري المتسارع الزيادة والاستثمار الغربي والياباني، ومن الطبيعي أن هذه الأرصدة ستصحح ذاتيا كلا من الفائض التجاري الصيني مع تسبب الاستثمارات المتدفقة في رفع قيمة العملة الصينية (اليوان) ما ينتج عنه انخفاض القدرة التنافسية للصادرات الصينية مع انكماش في الفائض على القيمة المنخفضة لعملتها(اليوان) وذلك بترحيل أرصدة الايرادات إلى الخارج ثانية عبر شراء كميات ضخمة جدا من موجودات الدولار ما قيمته 200 مليار دولار العام 2004 وما يقارب 300 مليار دولار هذا العام، وهذا غير معقول من الناحية الاقتصادية ذلك ان الصين بلد فقير ورأس ماله قليل وفق المعايير الغربية ومع ذلك فهو يقدم قروضا، بمبالغ هائلة وبفائدة قليلة المعدل للولايات المتحدة. وحتى الساعة فان الولايات المتحدة تعتمد على هذا السلوك الأعوج. فعمليات شراء الدولار من قبل الصين وحكومات أخرى هو ما يحمي الاقتصاد الأميركي من آثار عجز مالي ضخم في الموازنة وهذه النقود التي تتدفق من الخارج هي التي حافظت على معدلات فائدة منخفضة على رغم أن عدة حكومات جلبت ما يكفي لتغطية العجز في الموازنة». ومن المعروف أن العجز التجاري الأميركي وصل الى مستويات قياسية مع الصين، إذ بلغ في العام الماضي 162 مليار دولار، مقابل أن الفائض التجاري الصيني ارتفع من 1,5 في المئة العام 2003 الى 4,5 في المئة في العام2006.
في المقابل تظهر البيانات المالية أن الصين سجلت زيادة كبيرة في فائض الميزان التجاري - عموما - وبلغ الفائض في مايو/ أيار الماضي 8,99 مليارات دولار مقارنة بـ 4,6 مليارات في ابريل / نيسان ليسجل أكبر فائض شهري هذا العام.
وبلغ متوسط توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته «رويترز» 6,2 مليارات دولار، وزادت الصادرات 30,3 في المئة، بينما ارتفعت الواردات الى 15 في المئة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1875 - الأربعاء 24 أكتوبر 2007م الموافق 12 شوال 1428هـ