العدد 1875 - الأربعاء 24 أكتوبر 2007م الموافق 12 شوال 1428هـ

إبراهيم العريس:التلفزيون قلعة لابد من اقتحامها بأي شكل من الأشكال

في محاضرة «حرب الشاشتين» في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة

«كيف نخلق سينما؟», كان ذلك المحور الأساسي في المحاضرة التي ألقاها الناقد السينمائي اللبناني إبراهيم العريس مساء يوم الاثنين الماضي في بيت عبد الله الزايد لتراث البحرين الصحفي وذلك في إطار البرنامج الثقافي لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث.

و في إجابته عن هذا السؤال يرى إبراهيم العريس أن التلفزيون هوالوسيلة الوحيدة الممكنة حاليا، لخلق سينما، في ظل واقع قضى بأن لا تصل السينما الحقيقية إلى الجمهور، واقع لا تكفي فيه المهرجانات السينمائية لملء هذا الفراغ خصوصا وأن هذه المهرجانات السينمائية التي تقدم انتاجات سينمائية راقية، لا تستقطب جماهير كبيرة.

للوهلة الأولى يبدو الكلام متناقضا إذ كيف للتلفزيون أن يكون الحل الوحيد في إنقاذ السينما الجادة؟ والحال أن الكل يؤكد أن التلفزيون سلب السينما هيبتها وتسبب في تراجع شعبيتها وبالتالي تقلص إقبال الجماهير عليها.

يقول إبراهيم العريس في محاضرته التي اختار لها عنوان «حرب الشاشتين لن تقوم، السينما والتلفزيون أمام تحدي التكامل» إن التلفزيون صفحة بيضاء تعطينا ما نعطيها» وهو المكان الذي ستشتغل عليه الأذهان خلال العشر سنوات القادمة» ويضيف في هذا الإطار قائلا «التلفزيون قلعة يجب احتلالها بأي شكل من الأشكال» على أن التلفزيون الذي سيحتاج خلال السنوات القليلة القادمة إلى آلاف الساعات من الإنتاج، بحسب ما أكده الناقد السينمائي اللبناني في محاضرته، يحتاج إلى نوعية خاصة من المقتحمين لهذا الفضاء الذي يغزو كل البيوت، خلق سينما جادة تبتعد بنا عن السائد من الأعمال السينمائية التي تعم صالات السينما اليوم، هذه الصالات التي صارت «ملكا للأطفال الذين يشاهدون أفلام المغامرات الأميركية والأفلام المصرية التي هي مجرد قفز...» يستوجب انخراط الفئة المثقفة داخل هذا الفضاء، ويتطلب ولوج المبدعين داخل هذه القلعة و إن كان ذلك عن طريق «التسلل إلى داخل هذه العالم العظيم».

سينما خليجية

على رغم من تطور كل الأشكال الفنية الأخرى في الخليج العربي على غرار الأدب والدراسات الفكرية والشعر والفنون التشكيلية والمسلسلات، إلا أن هذه الطفرة في إنتاج مختلف الأنماط الفكرية والفنية والثقافية على حد السواء، لم تشمل قطاع الإنتاج السينمائي الذي ما يزال متخلفا بالمقارنة مع تجارب الكثير البلدان المجاورة. على أنه وعلى رغم من ضرورة تطوير هذا القطاع، إلا أن أساليب التطوير العادية لم تعد مجدية في هذه المرحلة لعدة اعتبارات أهمها انتشار السينما التجارية الاستهلاكية في بلدان الخليج وتعود الجماهير وتفضيلهم لها دونا عن السينما الجادة.

على أن ضرورة تطوير صناعة السينما في بلدان الخليج يستدعي - بحسب الناقد السينمائي إبراهيم العريس - التوصل إلى طرق جديدة لإيصال منتوجات سينمائية خليجية، ويبدو خيار استخدام التلفزيون كوسيلة أو طريقة لإيصال هذه المنتوجات إلى الجمهور الخليجي بالأساس خيارا مثاليا، خصوصا في ظل غلق الصالات التجارية أبوابها أمام المنتوجات السينمائية ذات الجودة العالية.

حرب الإيديولوجيات

لئن كانت القراءات في علاقة السينما بالتلفزيون تؤكد دائما العداوة الشرسة بين الشاشتين، علاقة تتغلب فيها الشاشة الصغيرة، شاشة التلفزيون على الشاشة العملاقة، ولئن كان العديدون من المهتمين بالشأن الثقافي توقعوا موت السينما التي لطالما ساهمت في «تكييف كل العلاقات في العالم» و «كانت دائما المعلم الأكبر لمئات الملايين من الناس». إلا أن واقع تراجع القيمة الجمالية والفنية للكثير من الأعمال السينمائية خلال السنوات الأخيرة، لم يؤكد أبدا التوقعات التي أشارت إلى انتهاء السينما كفن بل على العكس تماما مثلت السينما مزودا رئيسيا للقنوات التلفزيونية التي تلجأ أكثر فأكثر نحو الأعمال الإبداعية لملء ساعات بثها الطويلة.

ويرى ابراهيم العريس في هذا الخصوص»أن السينما صنعت الماضي، وصنعته كديناميكية متحركة» و يعتبر في هذا الخصوص أن «السينما فعل تقدمي حتى بأسوأ أفلامها» وعليه وبالنظر إلى أن التلفزيون سيكون القناة المستقبلية في نشر الأعمال السينمائية مستقبلا، أصبح من الضروري العمل على»جعل التلفزيون موجودا على طريقة السينما».

الإشكالية التي تطرح حاليا تتعلق بسيطرة الإيديولوجيين على القنوات التلفزيونية ما يصعب من عملية «تسلل» المبدعين والمثقفين إلى القنوات التلفزيونية، وهو تسلل ضروري لإنقاذ العمل الإبداعي، ويقول العريس في هذا الخصوص:»الإشكالية في بلادنا العربية، هي أن كل شيء يتحول إلى إيديولوجيا ومن ثمة إلى رغبة في امتلاك السلطة» وبالتالي انتهاء الفعل الإبداعي.

فالحرب إذا أصبحت حربا بين الإيديولوجيات المختلفة، ولابد من أن تصير إلى حرب ضد سيطرة الإيديولوجيات الهادفة إلى تملك السلطة.

العريس ولئن بدا شديد التفاؤل بإقبال المثقفين على الانخراط في دعوته إلى إنقاذ السينما باستخدام التلفزيون، لم يغفل عن تحذير هؤلاء من مغبة الابتعاد والانزواء بعيدا بعين مراقبة مستعلية عن المشاركة في صوغ مضمون ثقافي وإبداعي بعيدا كل البعد عن الابتذال الذي يغزو القنوات التلفزيونية حاليا.

العدد 1875 - الأربعاء 24 أكتوبر 2007م الموافق 12 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً