نعم فزنا... نعم كسبنا الجولة الأولى... نعم سجلنا رباعية اختصرت لنا الكثير من الوقت والجهد... ولكن تبقى الكثير وهذا الكثير يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والعمل المضني في سبيل الوصول إلى الجاهزية الكاملة من خلال رفع مستوى الأداء.
ذلك باختصار الانطباع الذي يمكننا أن نخرج به من مباراة منتخبنا الوطني لكرة القدم أمام نظيره المنتخب الماليزي في مباراة الذهاب لتصفيات كأس العالم والتي أنهاها منتخبنا لمصلحته بأربعة أهداف مقابل هدف واحد، ليقطع الأحمر نصف المشوار نحو بلوغ المرحلة الثالثة من التصفيات العالمية.
ضعف المنافس
لا غبار على أن الأهم والمهم هو ما تحقق في المباراة، ولكن ما لم نتوقعه هو أداء منتخبنا والذي لم يرق إلى الحد المطلوب من الطموح، وربما نجد أحد الأسباب في ذلك يعود بدرجة كبيرة إلى مستوى الفريق الخصم والذي لم يساعد منتخبنا على تقديم الأداء نظرا إلى ضعفه وتواضعه وخصوصا أن همه الأكبر في المباراة كان الخروج بأقل الخسائر الأمر الذي جعل مدربه «يكدس» لاعبيه ويحصنهم في مناطقهم الخلفية غالبية فترات المباراة وكأنهم «أي اللاعبين الماليزيين» لا يعرفون إلا الواجبات الدفاعية بعد أن أنساهم مدربهم الواجبات الهجومية، وهي طريقة كانت متوقعة جدا بسبب الفارق الفني الواضح بين المنتخبين أو بين الكرتين البحرينية والماليزية.
رسالة اطمئنان
ولكن أداء الأحمر كان يفتقر إلى التنظيم السليم في الأمام وخصوصا أن تحركات لاعبيه والتحضير للهجمات كان يتسم بشيء من البطء وهو ما سهل من مهمة الفريق الخصم في تنفيذ واجباته الدفاعية تلك وخصوصا أنه لم يلجأ في تلك الواجبات إلى الرقابة الفردية وإنما اختار أن يلعب بأسلوب «التكديس» كما قلنا ليصنع جدارا صلبا أمام مرماه وينجح بذلك بدرجة جيدة ليس بسبب تماسكه فقط بل بسبب عجز لاعبينا والجهاز الفني عن إيجاد الحلول المناسبة لمثل هكذا مواجهة.
ومع أننا نعلم أن الأحمر حقق المطلوب منه وبدرجة كبيرة من المباراة، إلا أننا كنا نمني النفس أن يخرج الأحمر بأداء يطمئننا في بقية مشواره، ونقول صحيح نحن بحاجة للفوز، إلا أننا كنا بحاجة إلى رسالة اطمئنان من لاعبي الأحمر إلينا وإلى عشاق ومحبي منتخبنا تفيد إلى سلامة المسيرة الأولى والمقبلة في بقية المشوار، أو بمعنى آخر إذا «حزت الحزة» مع الفرق والمنتخبات الكبيرة في المرحلة الثالثة والتي تليها.
ظهرت بعض الثغرات في أداء منتخبنا وخصوصا في الجانب الدفاعي منه الأمر الذي أصابنا ببعض القلق في المباراة وخصوصا مع نهاية الشوط الأول الذي انتهى بتقدمنا بهدفين لهدف، والسؤال الذي يفرض نفسه ما هي الحلول التي اعتمد أو سيعتمد عليها «الخبير والعجوز» ماتشالا في سبيل القضاء على تلك الثغرات والأخطاء الواضحة في الجانب الدفاعي للأحمر والتي عادة ما تتكرر في مبارياتنا وخصوصا أننا نبهنا لها أكثر من مرة!
روح وهوية البطل
نحن لا نختلف أن منتخبنا كان هو الطرف الأفضل في المباراة وكان هو المسيطر والمستلم لزمام الأمور في جميع فترات المباراة، واستحوذ على الكرة بنسبة ربما وصلت إلى 80 في المئة من مجمل أوقات المباراة، ولكن ما معنى أن تبقى الكرة بين أقدامك ولا تعرف أن تتصرف بها، إذ ظهر منتخبنا من دون وجود استراتيجية هجومية واضحة، وعلى رغم وصولنا الكثير والكثيف لمرمى الخصم وخصوصا في شوط المباراة الثاني إلا أن ذلك تم من دون «جمل تكتيكية» أو من دون «خطة واضحة المعالم» لمنتخبنا، ومع ذلك فقد أهدر لاعبو منتخبنا الكثير من الفرص ما يعني أننا افتقدنا إلى اللمسة الأخيرة أمام المرمى على رغم نجاحنا في تسجيل أربعة أهداف كان يمكن أن تصل لضعفها لو أحسن لاعبونا استثمار الفرص التي سنحت لهم، أيضا لو أحسن لاعبونا استغلال سيطرتنا واستحواذنا الكبير على الكرة.
الأحمر بدأ المباراة بهجوم وانزال مباغت ونجح في الوصول لشباك ماليزيا مرتين في غضون 15 دقيقة، بعدها حدث حال من الخمول والبرود والجمود لم نفق منه إلا بالهدف الذي ولج شباكنا في نهاية الشوط، ليعود لاعبو الأحمر في بداية الشوط ويطبقوا سطوتهم ويحكموا قبضتهم على مجريات الأمور بقوة وتمكنوا من محاصرة منتخب ماليزيا في حدود منطقة جزائه ليأتي الهدف الثالث ليفك حصار الخصم ويعود اللعب للهدوء بصورة غريبة على رغم أننا كنا بحاجة لمزيد من الأهداف حتى يوفر ذلك الأمان والطمأنينة في مباراة الإياب، إلا أن الأداء عاد للهبوط «الاضطراري». وربما يعود السبب في ذلك بسبب فقدان الأحمر لهوية الفريق البطل والذي يمكنه أن ينهي المباراة لصالحه بقوة كما بدأها بقوة ويضرب بيد من حديد، لا أن يتجه للاستعراض وينسى الأهداف التي دخل من أجلها المباراة، فنحن دائما ما نرى الفرق الكبيرة تنتهي كما تبدأ وتواصل ووتيرة واحدة نفسها مهما وصلت فيها النتيجة، أو أنها لا تيأس إن تأخر الفوز، فالهدف مرسوم منذ البداية. لا نقول ذلك بهدف التقليل من الجهد الواضح للاعبي منتخبنا أو بهدف النقد اللاذع أو غير الهادف، وإنما بهدف الوصول إلى الأسباب التي جعلت منتخبنا يخرج بهذا الأداء «المتفاوت والمتذبذب» وهو أداء غير مقنع ولا يسر ونأمل أن تكون هناك مراجعة ذاتية من الجهازين الفني والإداري للأحمر من أجل بناء فريق قوي وقادر على أن يقارع أقوى وأعتى المنتخبات الآسيوية في سبيل الوصول إلى الأهداف والأمنيات التي يتمناها كل بحريني.
العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ