الأخ إبراهيم بشمي دعا إلى اجتماعٍ أمس حضره أربعة رؤساء تحرير ووزير الإعلام السابق محمد المطوع... والدعوة كانت ملتبسة على بعضنا، فلقد اعتقدتُ أنّ الاجتماع كان بين رؤساء التحرير للاتفاق فيما بينهم بشأن إعداد ميثاق شرف للصحافة، ولكنني وجدتُ أنّ الاجتماع عبارة عن ندوة صحافية.
إنّ كثيرا مما يقال بشأن ميثاقٍ للصحافة يتّسم بالجوانب النظرية، وواقعنا يقول إنّ سوق الصحافة انفتحت وتوسّعت بسرعة، ما أدّى إلى ظهور صحف وأسماء جديدة في الصحافة، وأدّت المنافسة المتسارعة إلى عدم تثبيت أخلاقية المهنة، إذ تجد أنّ عددا غير قليل من الذين دخلوا مهنة الصحافة لا يعرفون معنى للأمانة في العمل. وعليه فإنّ الحديث عن ميثاق الشرف يحتاج إلى من يمارس المهنة وهو محبّ لها ومخلص لقدسية العمل الصحافي الذي يفترض من حارس المهنة أن يكون أنموذجا للشفافية وأنموذجا للإخلاص وأنموذجا للعمل الجاد والشريف.
الصحافة البحرينية توسّعت إمكاناتها من ناحية عدد العاملين فيها وعدد الصحف الصادرة، وهذا التوسُّع يحتاج إلى وقت لكي تنضج السوق، والسوق الناضجة لديها آليات تحدّد هيكليتها وتوضّح مدى انتشار هذه المطبوعة أو تلك على أساس علمي وشفّاف، كما تشترط الشفافية عدم التلاعب بسوق الإعلان، وكذلك منع الدعم الرسمي المباشر أو غير المباشر لبعض الصحف على حساب صحف أخرى.
أحد الإخوة أشار إلى أنّ ميثاق الشرف يحتاج إلى الثقة المتبادلة وإزالة الشوائب بين المؤسسات القائمة، ولكنّ المطوع قال إنّ نقطة البدء يجب أن تكون فيما هو مشترك وليس الانتظار حتى تتمّ إزالة الخلافات.
أحد الإخوة طرح أنّ الميثاق يجب أن يكون بين الصحافيين وليس بين المؤسسات الصحافية؛ لأنَّ الاتفاق بين المؤسسات يرتبط بقضايا إدارية مثل التوزيع والإعلانات، بينما يحتاج الصحافيون إلى ضوابط في التحرير. والواقع أننا بحاجة إلى أخلاقيات للعمل الصحافي وأخلاقيات أخرى للمؤسسات الصحافية، ونحن بحاجة إلى إعلان مبادئ سامية تنتشر في مختلف وسائل الإعلام لكي نصعد إلى مستوى أرقى في المهنة، وبعد ذلك فإنّ الإرادة المشتركة للصحافيين وللمؤسسات الصحافية ستفرض إطارها وآلياتها.
الصحافة لدينا نوعان: «ايديولوجية» و «مدنية»، والأخيرة هي التي تلعب دورا مباشرا في توازن القوى داخل المجتمع الديمقراطي، وتُغني تعدُّدية الآراء، وتلعب دورا رقابيّا مباشرا على السلطة السياسية. أما الصحافة الايديولوجية، فهي التي تحاول فرض آرائها على الناس وتسوِّق وجهة نظر واحدة وشمولية، ربما تكون حكومية أو غير حكومية، وهذه تُعتبر إداة لجهة سياسية متمصلحة، والأداة تكون تابعة وليست سلطة رابعة مستقلة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ