العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ

الحفاظ على الإيمان من خلال حوار الديانات

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

من المخاوف الكبرى التي يعاني منها الآباء والأمهات وزعماء الكنيسة فيما يتعلق بمشاركة الشباب في حوار الديانات، أن يفقد هؤلاء الشباب روابطهم مع دينهم، فينتهي بهم الأمر إلى رفض عقيدتهم بل والتحول إلى دين آخر نتيجة لذلك. تجربتي باعتباري رجل دين مسيحيا هي عكس ذلك بالضبط. لقد شاهدت شبابا وقد ترسخّت عقيدتهم نتيجة لتعرضهم للتقاليد الدينية الأخرى.

هناك أهمية كبرى للعلاقات الشخصية للتأثير على إيمان الأفراد وتغيير عقيدتهم أو إنمائها. معظمنا يتبع عقيدة آبائنا ويبقى تابعا للعقيدة التي أتته من خلال علاقات شخصية في المنزل وفي مكان العبادة. وتتعمق عقيدة طلاب المدارس الثانوية أحيانا نتيجة لوجود شخص يمثل نموذجا يحتذى به. كما يتعمّق إيمان طلبة الجامعات أحيانا لأن شخصا متعمقا في الإيمان صحبهم لمساعدتهم أثناء مرورهم بفترة من الألم والمعاناة. ويبقى البالغون في أوائل حياتهم بوصفهم راشدين في إيمانهم لأن شخصا يُعجبون به يتبع ذلك الإيمان أو تلك العقيدة.

عند تشجيع الناس على التمسك بعقيدتهم، يعلو وقع الأعمال على صوت الكلمات. وكما قال القديس فرنسيس الأسيسي: «قدم الموعظة دائما. استخدم الكلمات إذا دعت الحاجة»، إلى إيصال مفهوم أننا نتشارك في إيماننا بحكم ما تفعله إضافة إلى ما نقوله. بوصفي قسيس علي ان أحاول أن أعيش إنجيل المسيح، الذي أعطانا نموذجا عن كيف نعيش بحسب أعماله بالإضافة إلى كلماته. بغض النظر عن تقاليدنا تترك تفاعلاتنا الشخصية اليومية مع المؤمنين من الناس وقعا كبيرا على الآخرين الذين يبقون في تقاليدهم.

عندما يبدأ الشباب النظر إلى ما بعد خلفياتهم الدينية للانخراط مع أناس من ديانات أخرى، تتسبب العلاقات الشخصية بأن يفكروا بتقاليد دينهم كما لم يفعلوا من قبل. إذا نشأنا في عالم يتماثل فيه الجميع، نفكر نحن أيضا بالدين بتعابير ثقافية من دون تحليل العقيدة نفسها. يمكن للتعامل مع أناس يختلفون عنا أن يجعلنا نفكر بعمق أكثر بكيفية تشكيل هويتنا وتطويرها.

أحد فوائد حوار الديانات هو أنه حتى يتسنى لنا تفسير عقيدتنا للآخرين يتوجب علينا أن نكون على ثقة ووضوح بما نؤمن به فعليا، وهذا يأخذنا أحيانا إلى مواقع أكثر عمقا في عقيدتنا. شرح إنسان ما لعقيدته يتطلب منه إعادة صوغ وتركيب تلك الأجزاء التي تتكون منها عقيدته.

فرح، على سبيل المثال، فتاة سنّية تعيش في المناطق الريفية بولاية أوهايو. تذهب إلى مدرسة ثانوية في إحدى ضواحي كليفلاند، وهي واحدة من عدد قليل من المسلمين في المدرسة. يسألها البعض أحيانا ماذا يعني أن تكوني مسلمة؟ تقول فرح إنه من خلال عملية المشاركة مع غير المسلمين وشرح عقيدتها، خاضت تجربة تعميق عقيدتها من خلال تفكيرها وتعمّقها في الدين.

كذلك تؤدي الحوارات إلى أن يطور الناس فخرا واعتزازا بخلفياتهم التي لم يشعروا بها من قبل. اكتشفت عندما ذهبت إلى الجامعة أن كوني واحدا من قلة من الطلاب من منطقتي في الولايات المتحدة أدى إلى أن يسألني أناس أحيانا عن كيفية العيش والنشوء في تلك المنطقة. كنت أفترض وأنا أنمو في تلك المنطقة أن الجميع مثلي. عندما قابلت أناسا كانوا يختلفون كثيرا بدأت أفكر بمجتمعي المحلي بأسلوب مختلف جديد. تطور لدي شعور بالفخر والاعتزاز. رأيت نفسي ممثلا لولايتي ومنطقتي، وزاد ذلك من مشاعري وولائي نحو مجتمعي. عندما ننخرط في حوار مع أناس من عقائد أخرى نتعلم عن أنفسنا ونوضح معتقداتنا بينما نشرح لهم ديننا، ونطوّر أحيانا شعورا بالاعتزاز نتيجة لذلك.

أثبتت دراسة أجراها باحثون في كاليفورنيا وكندا أخيرا أن الإخوة والأخوات الأكبر سنّا يحققون نتائج أفضل في المدرسة من إخوتهم الأصغر سنّا لأنهم يقومون بتدريس إخوتهم الأصغر سنا. عملية التدريس تساعد الطلبة الأكبر سنّا على التعلم لأنه يتوجب عليهم شرح المعلومات لمن هم أصغر سنّا. وقد توصل الباحثون إلى نتيجة أن المحرك الرئيسي لنجاح هؤلاء الإخوة الأكبر سنّا هو مبدأ أن البشر يتعلمون عن طريق الشرح والتفسير.

لقد وجدت من خلال حوار الأديان أن الشباب من تقاليد عدة، الذين لم يهتموا كثيرا بأمور دينهم قبل الحوار، ألهمهم فجأة التزام غيرهم، ليعودوا إلى جذور دياناتهم الأصلية.

إذا أراد الآباء والأمهات والزعماء الدينيون أن يطور صغار السنّ من أبنائهم عقيدة معمّقة في تقاليدهم واسعة الانتشار في عالمهم عليهم أن يشجّعوا، لا أن يثبّطوا التفاعل عبر الديانات. العقيدة المجرَّبة والمقارنة والمفسَّرة جيدا هي على الأرجح العقيدة التي سيتم استيعابها وهي التي ستبقى وتدوم.

*يدير برنامج القوى العاملة والأسرة في مؤسسة أميركا الجديدة في واشنطن العاصمة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1874 - الثلثاء 23 أكتوبر 2007م الموافق 11 شوال 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً